واشنطن تدعم سلام فياض وحماس ترتكب المزيد من الأخطاء
الجمل: نشر الباحث اليهودي الأمريكي ديفيد ماكوفيسكي خبير معهد واشنطن واللوبي الإسرائيلي لشؤون عملية سلام الشرق الأوسط، تحليلاً نشرته صحيفة نيوزديه الأمريكية، وأيضاً نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للوبي الإسرائيلي. هذا وقد حمل التحليل عنوان (المعتدلين الفلسطينيين يحتاجون للمساعدة، وقد آن الأوان).
يقول ديفيد ماكوفيسكي:
خلال وعلى مدى السنوات العديدة الماضية، ظل المعتدلون الفلسطينيون على الجانب الدفاعي، في وسط تنامي حماس (حركة المقاومة الإسلامية). وعودة ظهور المعتدلين الفلسطينيين تعتبر أمراً هاماً رئيسياً، طالما أن إسرائيل والفلسطينيين يحاولون الآن الإبقاء على شراكتهم المزعزعة، والمضي قدماً باتجاه اجتماع سلام الشرق الأوسط في تشرين الثاني القادم في العاصمة الأمريكية واشنطن.
من سخرية القدر، أن عودة المعتدلين الفلسطينيين قد سهلتها بقدر كبير تجاوزات ومبالغات الجماعة الرافضة: حركة حماس، والتي سمح استيلاءها على قطاع غزة في حزيران الماضي للسلطة الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية بأن لا تواجه العائق الذي يمثله تطرف حركة حماس. وسوف يكون قريباً وعلى وجه السرعة الوقت الذي سوف يتم فيه الإعلان عن أفول حركة حماس طالما أن المعتدلين الفلسطينيين قد بدؤوا في تثبيت وتوطيد أقدامهم.
الرهانات سوف تظل عالية ومرتفعة، وفي حالة فشل المعتدلين، فإن (عملية أسلمة) قطاع غزة التي تجري حالياً، سوف تنتقل وتستشري على الأغلب في الضفة الغربية، على النحو الذي يحول الصراع والنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني من صراع ونزاع وطني إلى صراع ونزاع ديني، سوف يكون كارثياً، وسوف يجعل من التوصل إلى أي حل سلمي أمراً مستحيلاً.
لقد صدم الفلسطينيين استيلاء حماس العنيف على قطاع غزة، واستناداً إلى استطلاعات الرأي، فإن العديد من الفلسطينيين ينظرون إلى التحرك باعتباره مدمراً لموثوقية ومصداقية حماس. واستناداً إلى مسح للرأي العام قامت بإجرائه جامعة النجاح الموجودة في نابلس، فإن 55،6% من الفلسطينيين يعتقدون بأن استيلاء حماس على قطاع غزة في 14 حزيران هو انقلاب. وإضافة إلى ذلك تبين أنه من 26،2% إلى 63،4% من الفلسطينيين لا يعتقدون بأن حركة حماس سوف تكون قادرة على إدارة شؤون قطاع غزة.
وفي استطلاع منفصل للرأي العام، أجراه مؤخراً مركز أورشليم للاتصال الإعلامي، فقد تأكدت صحة النتائج التي توصل إليها استطلاع جامعة النجاح.. وأشارت نتيجة هذا الاستطلاع المفصل إلى إن الفلسطينيين يعتقدون أن السلطة الفلسطينية تحكم الضفة الغربية بشكل أفضل من حركة حماس لقطاع غزة.
من حسن حظ المعتدلين الفلسطينيين أنه يوجد في الوقت الحالي رئيس وزراء جديد في الضفة الغربية، وهو سلام فياض الوطني الفلسطيني الملتزم، والذي أظهر نجاحاً اقتصادياً وسط ظروف شاقة ومرهقة.
ويملك سلام فياض الذي عينه الرئيس محمود عباس، المؤهلات الضرورية اللازمة: يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد، وخبرة العمل في صندوق النقد الدولي والبنك ا لدولي لفترة 14 عاماً. ومن عام 2002 إلى عام 2005م، كان سلام فياض وزيراً للمالية في السلطة الفلسطينية، وقد منحه هذا المنصب سمعة وشهرة جيدة في محاربة الفساد، بما في ذلك كسر الاحتكارات والالتزام بالشفافية في الميزانية المالية.
مايزال على سلام فياض والسلطة الفلسطينية تجاوز وعبور العديد من التحديات بحيث يتم حكم الضفة الغربية بطريقة أفضل من حكم قطاع غزة، وذلك على النحو الذي يصون سمعة الاعتدال في عيون الفلسطينيين. ويتوجب على سلام فياض أن يستخدم علاقته مع حركة فتح –الدعامة الأساسية للحركة الوطنية الفلسطينية- في القيام بتنفيذ جهوده. ويحتاج التكنوقراطي سلام فياض إلى تأييد ودعم حركة فتح، لكي ينجز ويحقق أهدافه، وفي الوقت نفسه تبحث حركة فتح وتسعى إلى التعامل مع شخص يمكن أن يساعد عدم ارتباطه ضمن تنظيم فتح وسيلة لتحسين صورة فتح المشوهة الفاسدة.
التحدي الرئيسي الآخر للسلطة الفلسطينية هو الأمن، ومن الممكن للمرء أن يفترض بأن لحركة حماس أعداداً كافية من المؤيدين والمناصرين في الضفة الغربية، وذلك على النحو الذي يكفي لشن الهجمات الإرهابية بما يؤدي إلى تقويض السلطة الفلسطينية. وبوضع هذا الأمر في الاعتبار، فقد قام سلام فياض بجمع 800 من أئمة جوامع ومساجد الضفة الغربية في مكتبه، وطلب منهم بوضوح وإصرار ضرورة إزالة أي توجهات سياسية، من الشعائر الدينية، وإضافة إلى ذلك، فإن مجلس وزراء السلطة، قد أعلن للتو عن أنه سوف يقوم بإغلاق 103 منظمة خيرية يشتبه في أنها تقوم بدور قنوات جمع وتمرير المال لحركة حماس.
تميز الأسبوع الماضي، بأنه للمرة الأولى منذ عدة سنوات يجلس قادة الضفة الغربية والقادةالإسرائيليون مع بعضهم البعض من أجل مناقشة إعادة البدء بالتعاون الامني. ومناطق التعاون الجغرافية التي سيتم تحديدها، سوف تمكن إسرائيل من التخلي بشكل مطرد عن نظام نقاط التفتيش، الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز حركة التجارة بين إسرائيل والضفة الغربية.
الجنرال كيث دايتون، رئيس بعثة الأمن الأمريكية، يحتاج إلى الدعم طالما هو مطلوب منه القيام بدور مساعد وإيجابي في إعادة بناء قوات الأمن الفلسطينية. ولكن بسبب (المشاجرات الجارية حالية في واشنطن)، فإن الجنرال دايتون –والذي ظل موجوداً في الأراضي الفلسطينية لفترة 10 أشهر- قد بدأ يتلقى الأموال اللازمة خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك من أجل القيام بتنفيذ مهمته.
إذا نظرنا للرهانات القائمة، فإن الخلافات في واشنطن سوف تنتهي، والمساعدات الأمنية التي تم تقديمها –للمعتدلين الفلسطينيين- يجب أن تترافق مع المساعدات في مجالات الإسكان والتنمية، وذلك على النحو الذي يؤدي إلى دعم وتعزيز الإصلاحات التي سوف يقوم بها سلام فياض. ومن الناحية المقابلة، فإن محمود الزهار، والذي يعتبر من كبار مسؤولي حماس –كما يقال- قد استلم حوالي 400 مليون دولار من دولة قطر، والفلسطينيين وبعض الأطراف الأخرى، إضافة إلى تأكيده بأن مبلغاً يعادل ذلك، قد تم استلامه من إيران.
التحدي النهائي الذي يؤدي إلى خلق الزخم والاندفاع الدبلوماسي يتمثل في أنه إذا تمت المعالجة والتعامل الصحيح، فإن اجتماع تشرين الثاني (أي المؤتمر الدولي) الذي تدعمه وترعاه الولايات المتحدة من الممكن أن يضفي التماسك أكثر فأكثر على الأطراف (يقصد السلطة الفلسطينية وإسرائيل) ويدفع باتجاه تحقيق التقدم:
إن ما هو مهم في مؤتمر تشرين الثاني الذي تحضر له الإدارة الأمريكية، ليس هو حل الصراع بشكل نهائي، وإنما هو الحفاظ على الشراكة الفلسطينية- الإسرائيلي من خطر أن يكون البديل هو حركة حماس، والتي بكل تأكيد سوف تشكل خطراً داهماً ضد الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد