هيكل: العرب بعثروا كل أوراقهم

17-11-2007

هيكل: العرب بعثروا كل أوراقهم

حذر الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل من مخاطر شديدة تواجه الوطن العربي خلال الفترة المقبلة في الداخل والخارج، لافتا إلى أن ما شهدته المنطقة خلال الثلاثين عاما الماضية من مشاكل وأزمات، “وما صنعه الآخرون فينا “كان مع الأسف الشديد من صنع أيدينا”.

وقال في حوار أجرته معه قناة “الجزيرة” إن “إسرائيل” نجحت خلال السنوات الماضية في أن تجر العرب إلى مشاكل داخلية وخارجية عديدة، حتى تلهيهم عن المشكلة الرئيسية المتمثلة في قضية الصراع العربي “الإسرائيلي”، “فنحن الذين أقمنا حالة الفراغ في العراق، ونحن الذين أخطأنا التصرف في العراق وباكستان، والآن نواجه موقفاً عصيباً جداً، وعلى العالم العربي أن يدرك أن بجواره خطراً شديداً”.

وقال هيكل إن ذلك كله ما كان ليحدث لولا ما وصفه ب “عقدة نقص الشرعية في الأنظمة والأوطان والمناطق” لافتاً إلى أن “الكل يلجأ دائما إلى الأسلوب الأسوأ، وهو الانصياع إلى الخارج لتعويض ذلك النقص في الشرعية”.

وقال الكاتب الكبير إن العالم العربي يتعامل مع قضاياه الكبرى بمنطق “الميليشيات العقلية” التي أصبحت سائدة.

وفي حواره مع “الجزيرة” الاسبوع الماضي، استبعد الكاتب الكبير أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، مشيرا إلى أن مثل هذه الضربة كانت محتملة منذ ثلاثة إلى أربعة أشهر، “لكن حينما تسألني الآن بعدما جرى في باكستان، تكون إجابتي هي التردد أن تأتي الضربة الآن”.

 ولفت هيكل إلى أن ضرب إيران في حد ذاته ليس هدفاً أمريكياً  “إسرائيلياً”، وإنما الهدف هو ضرب النظام الإيراني، “فأمريكا و”إسرائيل” لن يقدما على مثل هذه العملية بعد ما جرى في العراق. السياسة الأمريكية ترتكز على مبدأ الاحتفاظ بالحزام المطوق للعالم العربي، عبر تركيا وإيران و”إسرائيل” الموجودة في قلب العرب”، المسألة في نظر واشنطن “ليست الموضوع النووي، وإنما غاية ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية، هو أن تعود بإيران على نحو ما إلى نظام قريب من نظام الشاه، لأنها لو تدخلت وضربت بالمعنى التقليدي، فسوف تثير حفيظة الشعب الإيراني، وتدخل معه في صراع تاريخي بعيد الأمد”.

ولعبت الأحداث التي تشهدها أفغانستان وباكستان، دورا كبيرا  حسبما يرى هيكل  في دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى تغيير خطتها بشن حرب عسكرية ضد إيران، “بعدما تحول الحاجز بين باكستان وأفغانستان فجأة إلى لغم قابل للانفجار بغير حدود، وقد زاد ذلك من يقين الإيرانيين بأن الضربة ليست وشيكة، وإذا ما حدثت فإنها لن تكون بذات الطريقة التي كان يخطط لها “بوش”.

 ولقد نجح الإيرانيون في تفويت هذه الفرصة على بوش، مثلما نجحوا في استغلالها من الآن وحتى أبريل/نيسان المقبل، بسبب الانتخابات الأمريكية، فالجمهوريون يتخوفون من الدخول في مغامرة إيران لأنها مخاطرة قد يستغلها الديمقراطيون، الذين يستغلون أخطاءهم في حرب العراق، والجمهوريون يقولون الآن: نحن نريد كحزب أن نوقف الحرب في العراق وأن نقوم بسحب قواتنا من هناك، وليس بمقدورنا خوض حرب أخرى”.

ولفت هيكل إلى أن المشكلة الجديدة التي تواجه الإدارة الأمريكية حالياً، هي ما طرأ من تغيرات على الساحة الباكستانية، وبخاصة ما يتعلق بملف السلاح النووي الباكستاني، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي لابد أنه غير سعيد من إعلان الرئيس الباكستاني برويز مشرف الأحكام العرفية. وقال هيكل: “واقع الأمر أن أمريكا تدرك أنها أمام مشكلة خطيرة، تتمثل في احتمالية سقوط نظام برويز مشرف في أيدي الإسلاميين، خاصة في ظل الحدود المشتركة بين باكستان وأفغانستان، فلا أحد يتصور في أمريكا أن يقع السلاح النووي تحت أيدي متطرفين إسلاميين، ونفس الأمر بالنسبة “لإسرائيل”، فإذا كنا نتحدث عن سلاح نووي إيراني قد يظهر بعد سبع سنوات، فما البال وهناك ترسانة موجودة بالفعل في تلك المنطقة، تملك من 10 إلى 15 سلاحا نوويا”.

وأوضح الكاتب الكبير أن ما حدث في باكستان مؤخراً، جعل الجميع يلتفت إليه، ويعيد ترتيب الأمور مرة أخرى، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي دفعت ثمن غزو العراق كاملا، وأصبح الجيش الأمريكي ليس في حالة تسمح له بتوجيه ضربة عسكرية جديدة، وبخاصة بعد أن أفسدت الحرب خيرة ضباط الجيش الأمريكي”.

ولفت هيكل في حواره مع “الجزيرة” إلى أن العالم العربي أمام كل هذه التغيرات يملك العديد من الأوراق التي يستطيع التحدث فيها، لكنه مع  الأسف  بعثر كل الأوراق، مشيرا إلى أن العرب سوف يذهبون إلى مؤتمر “أنابولس” وهم لا يحملون في حقائبهم شيئا ذا معنى.

وأضاف ساخرا: “باستطاعتهم أن يتناولوا سمكا ممتازا، فأنا أعرف منتجع أنابولس جيداً”.

وأضاف هيكل: الخطوط الرئيسية للتسوية، وضعت قبل المؤتمر، والمطلوب هو القبول ببعض أجزاء من الضفة الغربية، في مقابل تصفية الأوضاع في غزة، والمشكلة أن هذه التسوية تأتي في وقت وصلت فيه القضية الفلسطينية إلى إخواننا في فتح الذين ساروا إلى وهم السلام، ومن بعدهم إخواننا في حماس، الذين ساروا في وهم الاستغناء عن القومية العربية وذهبوا إلى العالم الإسلامي، وكم كنت أتمنى أن يعرف الطرفان، بأنه ليس هناك قاعدة للبقاء معهم غير العالم العربي، وقد استطاع حزب الله في حربه الأخيرة مع “إسرائيل” أن يتعلم هذا الدرس جيدا، فلولا يقظته وإدراكه أن العالم العربي هو قاعدته، لوقع في مأزق شديد جدا”.

وأضاف هيكل: أعتقد أن أبو مازن لا يريد الذهاب، وهو يذهب مجرورا، وإذا ذهب يلبث بعد قليل ثم يقدم استقالته ويخرج من الصورة نهائيا”.

وأكد الكاتب الكبير أن “إسرائيل” سوف تذهب إلى المؤتمر وهي ليست راغبة في إعطاء الفلسطينيين أيا من حقوقهم، ولكنها سوف تذهب فقط راغبة في نوع من التطبيع مع العرب. وتوقع هيكل أن يفشل مؤتمر أنابولس إذا ما بقي أبو مازن على قناعاته، “المطلوب في النهاية  توقيع ينهي ويصفي”.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...