هل تطيح الاحتجاجات العراقية بالحكومة المالكية

08-03-2011

هل تطيح الاحتجاجات العراقية بالحكومة المالكية

الجمل: تشهد الساحة السياسية العراقية في هذه الأيام سلسلة من المظاهرات الاحتجاجية الغاضبة والتي سوف يتسع نطاقها إلى تصعيدات سياسية شديدة الأهمية لجهة تحديد مستقبل السياسة العراقية على المدى القريب والبعيد: فما هي طبيعة الاحتجاجات العراقية؟ وما هي اتجاهاتها وكيف تعمل محفزاتها؟ وما هي تفسيرات مسبباتها الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية؟
* المسرح السياسي العراقي: رئيس الحكومة العراقية الحالية نوري المالكيتوصيف المعلومات الجارية
تحدثت التقارير الجارية بشكل خافت عن موجة الحراك الشعبي الغاضب التي اجتاحت كل المدن العراقية الرئيسية، وفي هذا الخصوص أشارت المعلومات إلى الآتي:
•    شهدت المظاهرات الاحتجاجية كافة مدن وأنحاء العراق وما كان لافتاً للنظر هذه المرة تمثل في أن مدن ومناطق إقليم كردستان العراقي قد شاركت بنصيب كبير في هذه المظاهرات.
•    ركزت الشعارات والهتافات الغاضبة على التنديد بـ: الفساد الحكومي المستشري، عدم التزام الحكومة العراقية بإجراء الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية، تردي الخدمات العامة بمستويات غير مسبوقة.
هذا، وما كان لافتاً للنظر ومثيراً للاهتمام في حركة المظاهرات العراقية الاحتجاجية الغاضبة تمثل في الآتي:
-    تعمد الوسائط الإعلامية العربية الرئيسية والعالمية إلى غض النظر عن الاحتجاجات العراقية والتركيز حصراً على الاحتجاجات الليبية، وهي نفس إستراتيجية هذه الأجهزة والوسائط القائمة على أساس اعتبارات إدارة عمياء على ما يحدث ليس فقط في العراق، وإنما في السعودية واليمن والبحرين وسلطنة عُمان.
-    سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في كافة المدن والمناطق العراقية بسبب تعمد قوات الأمن العراقية استخدام العنف المفرط مع جماهير المحتجين، وذلك دون أن تحرك منظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية ساكناً، وفي نفس الوقت نلاحظ مدى الضجة التي ظلت تثيرها في أوساط الرأي العام الدولي هذه المنظمات إزاء سقوط ضحايا الاحتجاجات الليبية، وحدهم دون سواهم من ضحايا الاحتجاجات العراقية والسعودية والبحرينية والعمانية واليمنية.
تجدر الإشارة إلى أن الخطورة الحالية لا تتمثل في هذه المظاهرات الاحتجاجية وحسب، وإنما في قابلية المسرح السياسي العراقي للاشتعال، وهي القابلية الموجودة أصلاً ومسبقاً بسبب احتقانات ومخزونات العنف السياسي المتراكم على مدى الثمانية أعوام التي انقضت من لحظة قيام القوات الأمريكية بعملية غزو واحتلال العراق.
* إدارة الأزمة السياسية العراقية: ورطة المنطقة الخضراء
تزايدت تداعيات أزمة المظاهرات الاحتجاجية العراقية بما تخطى الشارع العراقي لجهة عبور أسوار المنطقة الخضراء، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
•    ضغط الاحتجاجات على السلطة التشريعية (البرلمان العراقي): تأثرت الكتل السياسية العراقية بضغوط الاحتجاجات، وفي هذا الخصوص فقد تعرضت كتلة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي إلى الانقسام، وتقول المعلومات بأن أحد زعماء القائمة العراقية وهو حسن الهاشمي قد خرج ومعه ثمانية من نواب القائمة العراقية وشكلوا ما أطلقوا عليه تسمية "الكتلة البيضاء" وإضافة لذلك فقد سعى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لجهة القيام بعمليات التعبئة الفاعلة في أوساط قاعدته الشعبية ومناطق نفوذه، وخلال اليومين الماضيين سير أنصار الزعيم مقتدى الصدر قائد التيار الصدري العديد من المواكب الغاضب التي نددت بالحكومة العراقية وبالسعودية ودول الخليج، إضافة إلى التنديد بالولايات المتحدة الأمريكية واتهامها بالتدخل لجهة استهداف خصوم أمريكا وإسرائيل في المنطقة.
•    ضغوط الاحتجاجات على السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء العراقي): أدت تأثيرات ضغوط المظاهرات الاحتجاجية الغاضبة إلى تصاعد مخاوف وغضب رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي والذي سعى على الفور إلى اتهام المتظاهرين بالسعي لنسف العملية السياسية العراقية، وأضافت التقارير بأن نوري المالكيرئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي قد سبق وأن تقدم بما أطلق عليه تسمية برنامج الـ (100) يوم من أجل إجراء الإصلاحات والتغييرات، والآن، وخلال تصريحاته عاد نوري المالكي ليطالب المتظاهرين بضرورة التريث ريثما ينتهي الـ 100 يوم، وتقييم ما يتم القيام به، وإضافة لذلك أكد المالكي على التزامه بإجراء التحقيقات وتحديد المسئولين عن عمليات قتل المتظاهرين وتقديمهم للمحاكمة.
على أساس اعتبارات تداعيات ضغوط الاحتجاجات الشعبية الغاضبة على السلطة التشريعية (البرلمان ورئيسه أسامة النجيفي)  فقد بدأت تلوح في الأفق احتمالات حدوث الصدام بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وفي هذا الخصوص نرصد هنا مؤشرات الإنذار المبكر الآتية:
-    على خلفية ضغوط المظاهرات الغاضبة سعى نوري المالكي إلى اتهام البرلمان العراقي ورئيسه أسامة النجيفي بالتباطؤ والتلكؤ في إجراء الإصلاحات القانونية والتشريعية.
-    على خلفية ضغوط المظاهرات الغاضبة سعى أسامة النجيفي إلى المطالبة بضرورة عدم الاعتماد على مجلس الوزراء  وحده في إدارة شؤون السلطة التنفيذية، وذلك بسبب عدم قدرة وفعالية مجلس الوزراء في التصدي بكفاءة لجهة تقديم المعالجات التنفيذية التي تتسم بالمصداقية.
تشير المعطيات إلى أن الخلافات التشريعية     التنفيذية العراقية قد أدت إلى صعود خلافات نوري المالكي-أسامة النجيفي، الأمر الذي دفع النجيفي إلى المطالبة بالآتي:
-    عدم الاعتماد على مجلس الوزراء الحالي.
-    تشكيل خلية أزمة تضم أعضاء من مجلس الوزراء وأعضاء من البرلمان.
-    أن تقوم خلية الأزمة بوضع المعالجات المطلوبة لحل جميع مشاكل الشعب العراقي.
-    أن يتم وضع جدول أعمال لعمل خلية الأزمة يرتبط بسقف زمني محدد.
من الواضح أن خلافات البرلمان العراقي- مجلس الوزراء العراقي سوف تستمر لفترة أطول بما يمكن أن يزكي وقود الاحتجاجات الشعبية الغاضبة أكثر فأكثر، وعلى الأغلب أن يؤدي ذلك إلى إصابة مجلس الوزراء العراقي ورئيسه نوري المالكي بالعجز والشلل، ونفس الشيء بالنسبة للبرلمان العراقي ورئيسه أسامة النجيفي، أما بالنسبة للمتظاهرين والمحتجين العراقيين الغاضبين، فقد اتخذوا موقفاً جديداً لجهة رفض العملية السياسية العراقية بكاملها فقد خرجت جميع المدن والقرى العراقية من مظاهرات حاشدة يوم أمس الاثنين في ذكرى مرور عام كامل على الانتخابات البرلمانية العامة العراقية، وما هو جدير بالملاحظة والاهتمام أن المتظاهرين العراقيين أطلقوا على هذا اليوم اسم "يوم الندم": إذاً فالعراقيون نادمون على المشاركة في العملية السياسية العراقية وانتخاباتها، والتي أدت إلى صعود نوري المالكي وأسامة النجيفي!!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...