مصرف بلير المتحرك
ما هي آخر مرة تحدث فيها رئيس الحكومة البريطانية توني بلير أمام محفل عربي في لندن؟
كان هذا هو السؤال الحائر الذي وجهه بعض المراقبين العرب بعد حضور رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لحفل عشاء أقامته الحملة الخاصة بالرعاية اليهودية، وهي منظمة يهودية كبيرة في بريطانيا. وقد حضر هذا العشاء، الذي كان ضيف الشرف فيه هو بلير، أكثر من 900 ضيف، وأقيم الاحتفال في فندق هيلتون في وسط لندن أخيراً، وتم جمع مبلغ 2،5 مليون جنيه استرليني كتبرعات.
ويلاحظ أن بلير يحرص في أكثر من مناسبة سنوية على حضور كافة الاحتفالات الكبيرة التي تقيمها جماعات الضغط اليهودية الموالية ل”إسرائيل” وعادة ما يكون المتحدث الرئيسي خلالها. ولا يذكر أي مراقب عربي حضور بلير لأي مناسبة عربية كبيرة طيلة مدة توليه الحكم منذ 9 أعوام، بما يثير التساؤلات حول ما إذا كان هو أكثر زعماء بريطانيا موالاة ودعماً ل”إسرائيل”، كما يقول بعض المنتقدين لسياساته تجاه القضية الفلسطينية.
وبالرغم من إصرار بلير على التأكيد على أهمية توفير حل عادل للقضية الفلسطينية وقيام دولة فلسطينية مستقلة، إلا أنه كان مجرد منفذ لما تسعى إليه أمريكا في الشرق الأوسط خصوصاً العراق، كما يزعم خصومه، وقد تشدق كثيراً بمعاناة الفلسطينيين، ولكن على المستوى العملي لم يقدم سوى الكلمات المعسولة.
وقد ركز بلير خلال كلمته في الحفل اليهودي هذا على الأزمة الإيرانية، خصوصاً فيما يتعلق بالبرنامج النووي وكذلك بالهجوم المستمر الذي يشنه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ضد “إسرائيل” ومطالبته بمحوها من الوجود.
وقال بلير إنه “لا يطيق تصريحات نجاد ضد دولة أخرى في العالم، ولا ينبغي السماح بذلك”، وطالب المجتمع الدولي بإدانة العنف الذي يقع ضد “الإسرائيليين”، وأشار بلير إلى أن هذه المنظمة الخيرية اليهودية تمثل ما هو أفضل الأمور في بريطانيا من قيم الرعاية والتحرك لمساعدة المحتاجين.
والجدير بالذكر أن رئيس هذه المنظمة هو اللورد ليفي مبعوث بلير إلى منطقة الشرق الأوسط والرجل الذي يسمى ب”مصرف بلير المتحرك” بسبب قيامه بجمع تبرعات بملايين الجنيهات لمساعدة حزب العمال من ناحية، وكذلك تمويل حملة انتخابات ودعاية رئيس الوزراء في انتخابات برلمانية سابقة. وقد إرتبط اسم اللورد الثري بقضية القروض التي تم جمعها قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة لمصلحة الحزب الحاكم. ويقال إن بعض مقدمي هذه القروض قد حصلوا على ألقاب فخرية مثل لورد أو غير ذلك.
والمشكلة أن كل أقطاب الحزب باستثناء بلير نفوا علمهم بهذه القروض، وأعلن بلير تحمله لمسؤولية الأزمة. وطالب الكثيرون بعد ذلك باستجواب اللورد ليفي الصديق الشخصي لبلير، حول هذه القروض وتحديد مسؤوليته عنها، خصوصاً لأنها اعتبرت عملاً غير سليم أخلاقياً.
واعترف رئيس الوزراء في كلمته في حفل العشاء الخيري اليهودي بأن اللورد ليفي قد تلقى عدة ضربات أخيراً، “وكان ذلك أساساً بالنيابة عني” في إشارة إلى أزمة القروض.
وكانت علامات استفهام عديدة قد ثارت حول دور اللورد ليفي في الشرق الأوسط، خصوصاً أنه يمتلك قصراً فاخراً في “إسرائيل” وعمل نجله دانيل في مكتب ايهود باراك عندما كان رئيساً للوزراء.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد