مصالحات في سوريا في ظل المعارك
واصلت الحكومة السورية، ممثلة بوزارة المصالحة الوطنية من جهة، وجهود بعض المدنيين من جهة أخرى تحقيق نجاحات محدودة، للحد من المعارك وضحاياها في نواح مختلفة من البلاد.
وشهد اليومان الأخيران جهودا لافتة لتجنيب مناطق عدة تصعيدا عسكريا عنيفا، وإن إلى حين، وذلك بعد مصالحات موقتة جرت في مناطق تلكلخ في طرطوس والقرى المتاخمة لها كالزارة، كما في قدسيا إحدى ضواحي دمشق. ووفقا لسكان الضاحية الدمشقية، فقد توصل الجيش وبعض الوجهاء الى اتفاق جديد يسمح بتسوية لتسليم 70 مطلوباً لقوات الأمن في إطار قرار العفو الرئاسي الأخير، على أن يتم فك الحصار تدريجيا عن البلدة.
وقال شهود عيان لـ«السفير» إن الجيش بدأ يخفف من شدة حصاره على المنطقة التي غادرها قسم كبير من سكانها بسبب التوتر الأمني. وسمح الجيش لمواطنين وعائلات بإدخال بعض الحاجيات الغذائية للمرة الأولى منذ شهر، وذلك بعد محاولة مجموعات مسلحة تابعة للمعارضة فرض نفوذها على المنطقة السكنية.
ويقدر عدد سكان القاطنين في قدسيا وضاحيتها الجديدة بحوالي نصف مليون، إلا أن التوتر تركز دوما في محيط البلدة القديمة، فيما ظلت المنطقة الحديثة خارج عملية الحصار. ودخل مقاتلون إلى البلدة من ريف دمشق الشمالي، لا سيما من وادي بردى والهامة، كما تحالفوا مع «تنسيقيات» نشأت في البلدة في الاشهر الأولى من العام الماضي، الأمر الذي قاد إلى توتر تدريجي للوضع فيها، وإن ظل متقطعا. وقال مهجر من البلدة أمس إن بيته احتل منذ آب العام 2012، ولم يعد يعرف عنه شيئا، مشيرا إلى أن حاله هو حال المئات من أهالي البلدة أيضا.
ووفقا لشبكة «دمشق الآن» الإخبارية فإنه «تم السبت (الماضي) تسوية أوضاع 22 مسلحا من أهالي قدسيا و12 مسلحا من منطقة الهامة، وتم تسليم أسلحتهم، من دون ذخيرة، للجهات المختصة».
وتعتبر هذه العملية هي الثانية خلال أشهر، في منطقة قدسيا، كما أنها الرابعة في دمشق، حين توصلت لجنة مشتركة من الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بالتعاون مع السلطات السورية، إلى إجلاء ما يزيد عن ألفي شخص كانوا محاصرين في مدينة معضمية الشام في ريف دمشق إلى مخيمات أنشأتها الحكومة السورية في ضاحية قدسيا، وهي منطقة آمنة، وفق اتفاق مبرم مع الصليب الأحمر.
وفي هذا الإطار استمرت جهود فلسطينية مشابهة في هذا السياق، وذلك بغرض إخراج مدنيين من مخيم اليرموك الذي يشهد معارك عنيفة، ويتعرض لحصار من طرفين على جبهتين متقابلتين. وأمس الأول وصل وفد فلسطيني، برئاسة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية زكريا الآغا إلى دمشق لتأكيد المبادرة الفلسطينية لإنهاء أزمة مخيم اليرموك، الذي تتمركز فيه مجموعات مسلحة منذ 11 شهراً، وإخراج المخيمات الفلسطينية من الأزمة التي تمر بها سوريا.
وقدر المتحدث باسم «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» أنور رجا عدد الموجودين في المخيم بحوالي 15 ألف شخص، بينهم سوريون، وذلك من حوالي 200 ألف شخص كانوا يقطنون فيه قبل الأزمة. واستبعد رجا الذي تتواجد قوات جبهته داخل المخيم، التوصل إلى نتائج جديدة، لا سيما في ظل المعطيات الميدانية القائمة.
وقال رجا، لـ«السفير»، إن «تعدد المجموعات المسلحة التي في المخيم، كما تشتت ولاءاتها يشكل المشكلة الرئيسية في التوصل لتفاهم، لإخراج المدنيين من المخيم». وأعلنت القيادة العامة منذ يومين عن رغبتها بتسهيل خروج بعض المدنيين، كما تسوية وضع مقاتلين مع السلطات السورية استجابة لنداءات من داخل المخيم.
ووفقا لبيان فإنه تم «الاتفاق مع الحكومة السورية على تسهيل خروج من يرغب ممن تبقى في المخيم إلى خارجه، ضمن آلية ستعلن اعتباراً من بداية الأسبوع المقبل»، وانه سيتم نقلهم إلى «مراكز إيواء» أعدتها الحكومة السورية، مع تولي وزارة الشؤون الاجتماعية والهلال الأحمر السوري والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين تنظيم عملية الإيواء والإسكان.
ويعتبر المخيم إحدى بوابات دمشق الجنوبية، حيث تدور معارك شرسة، على حدوده في مناطق الحجر الأسود والتضامن.
وأكد بيان صادر عن الوفد الفلسطيني التزام الفلسطينيين «بالمبادرة الفلسطينية» التي سبق وأعلن عنها منذ اشهر، وتقوم على «انسحاب المسلحين من المخيم وتسوية أوضاع من يرغب، وإعادة كل الخدمات إلى المخيم وإدخال المواد التموينية والإفراج عمن تورطوا في الأزمة». وأوضح أن «الاتصالات الفلسطينية مستمرة مع الدول ذات التأثير في المعارضة السورية للضغط عليها لسحب مسلحيها من داخل المخيمات الفلسطينية، وخاصة اليرموك، والقبول بمبادرة تحييد المخيمات».
وفي سياق مشابه، أعلنت السلطات السورية تسوية أوضاع عشرات المقاتلين بينهم 16 من الفارين من الجيش برفقة عائلاتهم، في مناطق ريف طرطوس، وأبرزها الزارة وتلكلخ القريبتين من الحدود اللبنانية.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد