مستقبل الحركات الا نفصالية من المملكة الإسبانية حتى الجمهورية السودانية

الجمل: تعتبر إسبانيا من بين البلدان الأوربية الغربية ذات الأهمية الفائقة الحساسية بالنسبة للعديد من التفاعلات الدولية والإقليمية، وبرغم ذلك، فإن المعلومات ما تزال شحيحة عن السياسة الإسبانية: فما هي طبيعة خصوصية الوضع السياسي الإسباني؟ وما هي احتمالات أن تواجه إسبانيا خلال الفترة القادمة المزيد من عمليات العنف السياسي الانفصالي وعلى وجه الخصوص بواسطة منظمة إيتا التي بدأت تستعيد فعالياتها مجدداً؟
* إسبانيا في مواجهة الخطر: توصيف المعلومات الجارية
تقوم السياسية الإسبانية ضمن فعاليات نظام تمثيلي برلماني ديمقراطي ملكي دستوري وذلك بحيث:
•    الملك يمثل رئيس الدولة.
•    الرئيس يقوم بدور رئيس الحكومة.
تأسيساً على ذلك، يقوم البرلمان بممارسة مهام السلطة التشريعية ومجلس الوزراء بمهام السلطة التنفيذية، والمحكمة العليا بمهام السلطة القضائية. هذا، ويشرف الرئيس على السلطة التنفيذية، أما البرلمان والمحكمة العليا فهما مستقلان وبمعزل عن أي سلطة، أما الملك فهو وإن كان يقوم بمهام رئيس الدولة، فإن سلطاته مقيدة دستورياً، ولا يستطيع عملياً اتخاذ أي قرار بمعزل عن أجهزة الدولة الأخرى، وتحديداً السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.
تعتمد العملية السياسية الإسبانية على التوازنات داخل السلطة التشريعية وتحديداً البرلمان الإسباني (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، وتقول المعطيات الجارية بأن توزيع القوى داخل مجلس النواب الإسباني الحالي المكون من 350 مقعداً يتضمن الآتي:
-    169 مقعداً لحزب العمال الاشتراكي الإسباني.
-    154 مقعداً لحزب الشعب الإسباني.
-    10 مقاعد للائتلاف الديمقراطي الكاتالوني.
-    6 مقاعد لحزب الباسك القومي.
-    3 مقاعد لحزب اليسار الجمهوري الكاتالوني.
-    مقعدين لكتلة الغال القومية.
-    مقعدين للائتلاف الكناري.
-    مقعدين لحزب اليسار المتحد.
-    مقعد لحزب نافاري.
-    مقعد لحزب الاتحاد والتقدم والديمقراطية.
هذا، وبالنسبة لمجلس الشيوخ الإسباني المكون من 264 مقعداً فقد كان توزيع القوى على النحو الآتي:
-    101 مقعداً لحزب الشعب الإسباني.
-    88 مقعداً لحزب العمال الاشتراكي الإسباني.
-    12 مقعداً لتجمع التقدم الكاتالوني.
-    مقعدين لحزب الباسك القومي.
-    4 مقاعد لتجمع الاتحاد الكاتالوني.
-    مقعد واحد لائتلاف الكناري.
-    56 مقعداً يتم التعيين لها بواسطة البرلمانات الإقليمية التشريعية.
الواضح من خلال هذه الأرقام يتمثل في أن حركة الاستقطاب السياسي الإسباني تدور مفاعيلها ضمن منافسة بين حزبين كبيرين هما:
•    حزب الشعب الإسباني (الأغلبية في مجلس الشيوخ).
•    حزب العمال الاشتراكي الإسباني (الأغلبية في مجلس النواب).
بكلمات أخرى، فإن السياسة الإسبانية تتميز بطابعها المعتدل نسبياً بحيث لا يظهر أي نفوذ واضح لحركات اليمين أو حركات اليسار الإسباني، وما هو موجود حصراً يتمثل في تيارين سياسيين يسيطران على الساحة السياسية الإسبانية هما: تيار يمين الوسط ويمثله حزب الشعب الإسباني وتيار يسار الوسط ويمثله حزب العمال الاشتراكي الإسباني.
هذا، وما هو جدير بالملاحظة بالنسبة لبقية الحركات السياسية الإسبانية يتمثل في توجهاتها القومية الاجتماعية تتراوح بين النزوع الانفصالي والنزوع لجهة البقاء ضمن المملكة الإسبانية ولكن بشرط الحصول على المزيد من الاستقلال الذاتي والصلاحيات الإضافية التي تلبي متطلبات الروح القومي-الاجتماعي المحلي.
* حركة إيتا الانفصالية: إلى أين؟
تقول التقارير والمعلومات بأن حركة إيتا انفصالية الإسبانية قد تم إنشاءها في عام 1959 وما زالت مستمرة وناشطة حتى الآن، وحالياً، تتكون الحركة من جناح عسكري وهو منظمة وطن وحرية الباسك المعروفة باسم منظمة إيتا وجناح سياسي يتميز تنظيمه بالتعقيد الشديد، وذلك لأن منظمة إيتا قد نجحت في تكوين عدد من الأحزاب التابعة لها: الحزب الشيوعي الباسكي الناشط في ضم الشيوعيين من أبناء الباسك، الحزب القومي الناشط في ضم ذوي التوجهات القومية الاجتماعية. وتقول التقارير، بأن منظمة إيتا قد نجحت في إقامة عدد كببر من الأحزاب السياسية المختلفة التوجهات والتي في نفس الوقت تقوم بتزويد منظمة إيتا بالموارد والقدرات المختلفة.
تشير التقارير الأخيرة إلى أن حركة إيتا والتي سبق أن وقعت على هدنة طويلة مع الحكومة الإسبانية قد نجحت في استغلال وتوظيف هذه الهدنة لجهة تحقيق المزيد من التقدم في عمليات التعبئة السلبية الفاعلة في أوساط سكان إقليم الباسك الذي يقع في شمال إسبانيا.
تشير التحليلات إلى أن صراع الباسك سوف يتصاعد خلال الفترة القادمة وبأن نيرانه وإن كانت سوف تحرق في جزء كبير منها إسبانيا، فإن فرنسا سوف لن تكون بمنأى عن نيران النزعة الانفصالية الباسكية:
-    الجزء الأكبر من أراضي الباسك يقع في الأراضي الإسبانية.
-    الجزء الأصغر من أراضي الباسك يقع في الأراضي الفرنسية.
هذا، وتقول المعلومات بأن إسبانيا  وفرنسا قد استنجدتا خلال الفترة الماضية بالأطراف الآتية:
•    الولايات المتحدة الأمريكية والتي أدرجت حركة إيتا ضمن قائمة الإرهاب الأمريكية.
•    الاتحاد الأوروبي والذي أدرج حركة إيتا ضمن قائمة الإرهاب الأوروبي.
برغم ذلك، فإن حركة إيتا أصبحت تنشط تحت السطح، وفي نفس الوقت استطاعت حركة إيتا من استثمار إستراتيجية كسب الوقت وتوظيف فترات وقت إطلاق النار لجهة تعزيز النفوذ وبناء القدرات، وخلال العامين الماضيين نجحت حركة إيتا في بناء المزيد من شركات الواجهة وأحزاب الواجهة التي أصبحت تسيطر على مجالس البلديات والمحليات في محافظات الجزء الفرنسي الباسكي والجزء الإسباني الباسكي، إضافة إلى وجود العديد من النواب في البرلمان الفرنسي والإسباني الذين ينتمون إلى حركة إيتا وإن كانوا يتدثرون تحت غطاء بعض أحزاب الواجهة التي أنشأتها حركة إيتا.
تحدثت بعض التقارير قائلة بأن انفصال جنوب السودان وظهور دولة جديدة قد أصبح أكثر تأثيراً لجهة تعزيز حيوية وطموحات العديد من الحركات الانفصالية الأخرى، وبدأت حالياً حركات الأمازيغ في تجميع أطرافها وحركة البالوشي بدأت أكثر اهتماماً لجهة المطالبة بإقليم للحكم الذاتي بما يسمح للبالوشي بالسيطرة على بلوشستان الباكستانية وبلوشستان الإيرانية.
من المتوقع أن تسعى العناصر الانفصالية الباسكية إلى رفع وإثارة المطالب الباسكية القومية الاجتماعية داخل البرلمانيين الإسباني والفرنسي وفي نفس الوقت سوف تسعى حركة إيتا لجهة مواصلة الفعاليات العسكرية بحيث يكون أمام السلطات في باريس ومدريد إما القبول بالحل السياسي القائم على خيار تقرير المصير أو مواجهة الخيارات العسكرية، وتقول التسريبات، بأن أمريكا هي التي تتولى حالياً تقديم المساعدات السرية لحركة إيتا وذلك لأن مشروع تقسيم فرنسا وإسبانيا هو أمر سبق وأن تحدثت عنه بعض التسريبات الأمريكية الخافتة باعتباره عملاً ضرورياً وهاماً لمصالح أمريكا الحيوية طالما أنه سوف يتيح لأمريكا إضعاف القدرات الفرنسية والقدرات الإسبانية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة