مجلس جامعة دمشق يطلب تعويضا ماليا من المدرسين المحالين للقضاء مقابل العفو جرائمهم
قرار جديد لمجلس جامعة دمشق وصف بالمفاجئ واتهمه البعض بأنه مخالف للقانون وذلك من خلال طلب الجامعة ما سمته تعويضاً مادياً من أعضاء الهيئة التعليمية والعاملين المحالين أو ممن سيحالون إلى القضاء من أجل تسوية أوضاعهم عن بعض الجرائم.
القرار تم تداوله من أعضاء مجلس الجامعة خلال الجلسة التي انعقدت بتاريخ 8/12/2019 في موضوع مبالغ المصالحة وأصبح نافذاً.
وفيما يتعلق بجرم ترك العمل طلبت الجامعة مبلغ 50 ألف ليرة للعاملين الإداريين من مختلف الفئات، و 100 ألف ليرة لأعضاء الهيئة الفنية والمعيدين غير الموفدين، و300 ألف ليرة لأعضاء الهيئة التدريسية وأعضاء الهيئة الفنية والمعيدين الموفدين. على أن تضاعف هذه المبالغ في حال كان صاحب العلاقة خارج البلاد عند صدور قرار اعتباره بحكم المستقيل، أو غادر القطر بعد صدور القرار المذكور.
وحول جرم الرشوة تم طلب ضعفي مبلغ الرشوة على ألا يقل عن 100 ألف ل. س.أما جرم سرقة الأسئلة الامتحانية أو تسريبها فحدد المبلغ بـ100 ألف ل. س ويضاعف إلى 200 ألف ل. س إذا اقترن بجرم الرشوة.
وبخصوص جرم سرقة الأشياء المادية والأموال فقرر مجلس جامعة دمشق تحديد 100 ألف ليرة إضافة لاسترداد الأشياء المسروقة أو قيمتها المالية النهائية.
وبالنسبة لجرم اختلاس الأموال العامة فتقرر مبلغ 100 ألف ل. س إضافة لاسترداد المبالغ المختلسة مع فوائدها لحين الاسترداد، إضافة إلى طلب 100 ألف ليرة سورية عند ارتكاب جرم التزوير واستعمال المزور وانتحال الشخصية.
ومن ضمن المخالفات المحدد لها المبالغ، جرم الإضرار بأموال الجامعة وممتلكاتها ومنشآتها، حيث حدد المبلغ بـ 100 ألف ل. س إضافة لقيمة الأضرار، أما الاشتراك بشبكة غش عبر البلوتوث أو غيره من الوسائل التقليدية أو الإلكترونية فحدد مبلغ 100 ألف ل. س، على أن تضاعف المبالغ المذكورة في حال تكرار الجرم ذاته أو غيره خلال مدة ثلاث سنوات من ارتكاب الجرم الأول.
ونص القرار على تطبيق الأحكام السابقة على صاحب العلاقة سواء كان فاعلاً أم شريكاً أو معرضاً أم متفاعلاً، ليصار إلى تطبيقه وتعميمه للعمل بمضمونه.
في السياق يؤكد خبير قانوني وأستاذ جامعي بجامعة دمشق، أن النيابة العامة تختص بتحريك الدعوى الجزائية ومباشرتها نيابة عن المجتمع (مالكها الأصلي)، والأصل أنه ليس للنيابة العامة الحق في التنازل عنها، أو التصالح عليها مع المدعى عليه، إلا أن المشرع قد يسمح بالخروج عن هذا الأصل في بعض الجرائم، ويجعل من الصلح سبباً لانقضاء الدعوى الجزائية.
وأضاف إن المصالحة سبب خاص لانقضاء الدعوى الجزائية، وقد تبنى المشرع السوري نظام الصلح الجزائي في بعض التشريعات الاقتصادية ومنها قانون انتقال الأموال والقيم بين سورية والخارج وتنظيم مكتب القطع الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 208 تاريخ 21/4/1952، وقانون قمع التهريب الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 13 تاريخ 15/2/1974، والقانون رقم 26 تاريخ 26/3/2001 المتضمن عقوبات استجرار الطاقة الكهربائية غير النظامي، والقانون رقم 25 تاريخ 18/11/2003 المتعلق بمكافحة التهرب الضريبي، أما في نطاق الجرائم العادية، فلم يأخذ المشرع السوري بنظام الصلح الجزائي حتى الآن.
وأكد الخبير أن من أهم المخاطر التي يخشى منها الاعتقاد أنه بموجب تطبيق نظام الصلح يستطيع الموظفون والطلاب الأثرياء تفادي العقوبة المقررة بالقانون، ودفع ثمن حريتهم، بينما لا يمكن للفقراء منهم تجنب ذلك!، مبيناً أن الدعوى الجزائية ليست محلاً للتراضي (خاصة في الجرائم التي ذكرها القرار كالرشوة والاختلاس والتزوير وتسريب الأسئلة)، وتطبيقه سيحمل عواقب وخيمة، وخاصة أن الأخذ بنظام الصلح هو وسيلة لإضفاء الصبغة المالية، وجعلها الأساس في مجال التعامل مع تلك الجرائم، متجاهلين أوجه الإيذاء الأخرى كافة التي أوقعها المخالف على الجامعة وسمعتها.وبحسب الخبير، فإن أخطر ما في الموضوع أنه لكي يقوم الصلح الجزائي بدوره في الدعاوى التي حددها القرار المرتكبة من الطالب الجامعي، فإن ذلك يحتاج إلى نص تشريعي خاص يجيزه، حيث إن من المبادئ الأساسية في التشريعات ، مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وهو مبدأ دستوري نص عليه دستور الجمهورية العربية السورية (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني)، أي إن المبدأ الذي يحكم موضوع المصالحة هو (لا صلح إلا بنص)، لذا فالجامعة قد خالفت القانون، علماً أن الاشتراك بالبلوتوث وتسريب الأسئلة وسرقتها ليست جرائم جزائية ولا تلاحق قضائيا وإنما هي مخالفات تعاقب مسلكياً من لجنة الانضباط بالفصل النهائي من الجامعة وفق قانون تنظيم الجامعات.
وقد أكد د. نبيل مقداد مدير الشؤون القانونية في جامعة دمشقأن القرار ليس ملزماً وإنما خيار أمام صاحب الجرم، إما بالمتابعة بالقضاء وانتظار ما يصدر عنه لقاء الحق الشخصي لجامعة دمشق كتعويض ضرر، وإما باللجوء إلى الجامعة ودفع مبلغ المصالحة للتنازل عن الحق الشخصي للجامعة «للمصالحة» وإسقاط دعوى الحق الشخصي.
وحول مدى أحقية الجامعة في تشريع هذه المبالغ، بين مقداد أن هذا القرار ليس تشريعاً، حيث إنه لم يتم التدخل في الحق العام، لكن هناك حق شخصي وأضرار مرتكبة بحق الجامعة الجهة المدعية لقاء المخالفة المرتكبة، مؤكداً أن للقرار أساساً قانونياً يرتبط بـ«عقد الصلح» وهو موجود في عدة قوانين، ويربط برغبة المدعى عليه في إنهاء النزاع وعدم المتابعة فيه في الشق المدني أمام القضاء، فيتم التنازل عن الملاحقة القضائية من جامعة دمشق، لكن هناك جرم جزائي يلاحق عليه من القضاء.
وأضاف: إنه يتم قبل 100 ألف ليرة بدل من المبلغ المطلوب كتعويض مدني تطلبه الجامعة مقدر بمليون ليرة سورية، وأحيانا يتم طلب أكثر من هذا المبلغ، لكن للقضاء كلمة الفصل في هذا الأمر وتحديد قيمة المبلغ إن أكثر أو أقل إن استمر صاحب الدعوى أمام قضاء وفضل عدم المصالحة مع الجامعة، علما أن هذا الأمر لا يؤثر في دعوى الحق العام.
وقال مدير الشؤون القانونية إن الدعوى الجزائية من صلاحية القضاء الجزائي والنيابة العامة، ولو تم التنازل عن الدعوى الشخصية للجامعة، يبقى الحق العام.
الوطن
إضافة تعليق جديد