ما هي خسائر الاقتصاد العالمي نتيجة الإرهاب؟
نشرت بعض وسائل الإعلام أن مختصين عالميين قدروا التكلفة الاقتصادية للإرهاب بما يقارب 870 مليار دولار كحد أدنى سنويا بما في ذلك خسائر مباشرة وغير مباشرة، بالمقابل يؤكد آخرون من الإستراتيجيين والاقتصاديين صعوبة تحديد التكاليف التي يتحملها الاقتصاد العالمي نتيجة تزايد العمليات الإرهابية، كما يُشيرون للآثار غير المباشرة خصوصاً المتعلقة بخسائر أسواق المال نتيجة تنامي حالة القلق بشأن الاستقرار السياسي.
ويقول أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة ليفربول البروفيسور أليكس سوال إنه من الصعب، وضع رقم محدد وقاطع للخسائر التي يتحملها الاقتصاد الدولي نتيجة العمليات الإرهابية، ويضيف: «عندما تقوم المنظمات الإرهابية بعمليات ضخمة كأحداث الحادي عشر من أيلول أو هجمات باريس، فإنه يمكن وضع رقم تقريبي لحجم الخسائر المباشرة، والخسائر المحتملة، لكن الإرهاب لا يقف عند حدود العمليات الكبيرة فقط، إنما هناك عمليات صغيرة، مثل الهجوم على فندق، أو اغتيال سياسي بارز، أو حتى هجوم فاشل، هذا يجعل حساب الخسائر الاقتصادية الدولية نتيجة وتيرة الإرهاب المتصاعدة شديد الصعوبة».
يعتمد الأسلوب الإحصائي التقليدي في احتساب الخسائر الاقتصادية للعملية الإرهابية على حساب قيمة الخسائر المادية، نتيجة تدمير المباني والمنشآت، ثم حساب القيمة المالية، إذا جاز التعبير، للقتلى والجرحى، بما في ذلك مصاريف الرعاية الصحية، والخسائر المادية نتيجة وفاة الأفراد.
ويرى عدد من الاقتصاديين، ضرورة توسيع نطاق حساب الخسائر عبر الأخذ في الحسبان التكلفة التي تتحملها الميزانية العامة، نتيجة تعزيز نطاق الإجراءات الأمنية بزيادة عدد قوات الأمن والجيش، وفاتورة تجهيزها بمعدات حديثة أكثر تطورا، وكذلك ارتفاع التكلفة الكلية التي تطالب بها شركات التأمين، كما يطالبون أيضاً باحتساب التكلفة المالية الناجمة عن تراجع ترتيب المدينة التي تشهد عملية إرهابية ما، على مستوى سجل المدن الأكثر أمنا في العالم، وقدرتها على جذب الاستثمار، والسياحية.
ويقول أستاذ الإحصاء التطبيقي في جامعة لندن ديفيد والكر: «إذا استجبنا لدعوات الاقتصاديين بتوسيع نطاق المكونات الداخلة في حساب التكلفة الإجمالية للإرهاب، فإن الرقم الإجمالي قد يقفز ليتخطى مئات المليارات من الدولارات»، ويضيف: «كيف يمكن لنا أن نحسب تكلفة توقف الحياة في لندن أو باريس مثلا لمدة يومين، نتيجة أعمال إرهابية، وإذا أدخلنا تأثير ذلك في العملية الإنتاجية فإننا قد نصل بتكلفة الإرهاب السنوية سواء المباشرة أم غير المباشرة إلى ما يقارب 780 مليار دولار كحد أدنى».
ربما يبدو هذا التقدير منطقياً في ضوء ردود الفعل السلبية الاقتصادية في أعقاب الهجمات الإرهابية، ويعلق المختص الإستراتيجي بيل ماك ليد على الخسائر المالية للعمليات الإرهابية: «المتوقع أن ترتفع قيمة التكلفة الاقتصادية التي يتحملها المجتمع الدولي جراء تنامي النشاط الإرهابي على المستوى العالمي خلال العقد المقبل».
الاستقرار والأمن الاجتماعي والسياسي من أهم مقومات التنمية الاقتصادية، فمن دون الأمن لا تكون هناك تنمية، فالإرهاب يؤثر في التنمية الاقتصادية وفي الاستثمار وتمويل المشروعات، وتشمل مكونات الاقتصاد التمويل والاستثمار والسياسة النقدية والسياحة، ويؤثر الإرهاب في زيادة البطالة ويؤدي إلى اختلال اقتصادي واجتماعي تتجاوز خطورته النطاق المحلي إلى النطاق الإقليمي والدولي.
إن الإنسان الذي لا يأمن على حياته وحريته وعقله يعمل في قلق وهذا يقود إلى ضعف الإنتاجية وقلة الإنتاج، ورأس المال المهدد بواسطة الإرهاب يهرب إلى أماكن ومواطن وبلاد حيث الأمان والطمأنينة، وانتشار الخوف والرعب والحذر واليقظة بين الناس بسبب توقع حدوث عمليات إرهابية يقلل من الإنتاج ويضعف الإنتاجية.
إن الإرهاب يقود إلى التخلف والفقر، كما أن التصدي للإرهاب ومحاربته يحتاجان إلى نفقات وتكاليف باهظة كان من الممكن أن توجه إلى مشروعات تنموية، ولابد من تحقيق الأمن والطمأنينة للناس وللعاملين ولرجال الأعمال وللمال وللبنية الأساسية، ولهذا فإن للإرهاب خسائر شتى.
وأبرز تلك الخسائر تتمثل بصفة أساسية في:
الخسائر المالية الناجمة عن تدمير الأبنية والسيارات والفنادق والمحلات والمتاجر بسبب العمليات الإرهابية وتكلفة إعادة إعمارها.نقص في الموارد السياحية.
ارتفاع تكلفة الأمن بسبب إعلان التعبئة العامة لجميع أجهزة الدولة المعنية التي كان يمكن توجيهها إلى التنمية ولرفع مستوى دخول الأفراد.الخسائر المالية في المرافق الرئيسية التي أصيبت بسبب أحداث الإرهاب من طرق ومياه وكهرباء وتكلفة إعادة إعمارها أو إنشائها من جديد.تكلفة علاج المصابين بسبب العمليات الإرهابية.
يؤثر الإرهاب في الميزانية العامة وميزان المدفوعات وسعر الصرف.
يُضاف إلى ما سبق الخسائر البشرية؛ المتمثلة بشهداء القوات المسلحة التي تحارب الإرهاب، إضافة للضحايا المدنيين، إنه عدو التنمية الاقتصادية.في حالة الإرهاب يتضاءل الطلب ويظهر الركود في الأسواق وكساد المنتجات، كما يؤثر في الأسواق المالية ويؤدي إلى إفلاس المؤسسات وشركات التأمين فقد تنهار شركات مثل ما حدث في فترة 11 أيلول 2001 فقد أفلست 60 ألف شركة وتم تسريح ما لا يقل عن 140 ألف أميركي وأدى إفلاس تلك الشركات إلى تراجع أسعار الأوراق المالية في البورصات العالمية وزيادة البطالة في الاقتصاد المصري مثلاً، وتسبب الإرهاب في تراكم المديونيات الهائلة على الشركات وفي تزايد حالات الإفلاس، والسياحة التي تساهم بنسبة كبيرة في ميزان المدفوعات، وتوفر فرص العمالة، هي من أهم القطاعات التي تتأثر بالإرهاب، وعموما فإن الآثار الاقتصادية للإرهاب تتفاوت حسب قدرة المؤسسات الاقتصادية والسياسية على احتواء الإرهاب وتقليل آثاره السلبية وكيفية مواجهته والتصدي له لتعزيز الاقتصاد القومي، وبذلك فإن الإرهاب أهم معوق للتنمية الاقتصادية.
إن تماسك أبناء الوطن الواحد وتلاحمهم مع القوات المسلحة، مسألة مهمة للنجاح في محاربة الإرهاب واجتثاث جذوره وهذا ما أظهرته التجربة الوطنية السورية الناجحة في محاربة الإرهاب.
قحطان السيوفي
إضافة تعليق جديد