لماذا تراجعت مشاريع منظمة الفاو في سورية
شكل التراجع الحاد لمشاريع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في سورية مؤشراً ملفتاً، فمن يدقق في المبالغ المخصصة لهذه المشاريع خلال عامي 2006 -2007 سيجد ان المجموع الكلي لها لم يتجاوز المليون دولار أمريكي، بحيث بلغ المتوسط السنوي 514 ألف دولار أمريكي، في حين نجد ان ما أنفق على مشاريع الفاو في الفترة الممتدة من عام 2000 وحتى 2005 اي خلال خمس سنوات بلغ /20.747.704/ دولار أمريكي بمتوسط سنوي مقداره /4.149.54/ دولار أمريكي، اي ما يعادل ثمانية أضعاف المعدل السنوي للعامين 2006 - 2007، على الرغم من ان عدد المشاريع في هذين العامين لم يتجاوز الأربعة يضاف لها خمسة مشاريع صغيرة ضمن برنامج تليفود قيمة كل منها 9 آلاف دولار، في المقابل فقد تجاوز عدد مشاريع الفاو في الفترة من 2000 - 2005 الـ /57/ مشروعاً.. إذاً هناك تراجعاً في عدد المشاريع والمبالغ المخصصة لها، لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا وراء هذا التراجع الكبير، خاصة إذا ما عرفنا ان سورية تدفع 500 ألف دولار كاشتراك سنوي لمنظمة الفاو..؟!.
- لا بد من التوقف هنا عند مسألة هامة، وهي ان التراجع الذي حصل في عدد هذه المشاريع تم في فترة تولي الدكتورة سلوى مبارك عمبر ممثلة لمنظمة الأغذية والزراعة بدمشق، والتي اتخذت رئاسة منظمة الفاو قراراً بنقلها من مكتب المنظمة بدمشق إلى مكتبها في (غانا) قبل انقضاء مدة إدارتها لمكتب دمشق بعامين، وقد أبدت الدكتورة سلوى قبل مغادرتها سورية في حديث أجريناه معها بعض الانطباعات عن الصعوبات التي واجهتها أثناء إدارتها لمكتب دمشق، والتي تتمثل باعتراضها على اختيار مدير مشروع السياسات الزراعية، والذي كان يتقاضى شهرياً 800 دولار، وعلى الرغم من إلغاء العقد معه، إلا أنه عاد بصفة مستشار وبراتب يعادل نصف ما كان يتقاضاه.. وأشارت إلى ان ثلث ميزانية هذا المشروع تذهب للخبراء الذين إما ان يكونوا خريجين جدد دون خبرة، حيث يتقاضى الواحد منهم مبلغ 4 آلاف دولار شهرياً، او متقاعدين يتقاضون 8 آلاف دولار شهرياً، وهذا ما لم توافق عليه.
وأوضحت: انها حاولت تخصيص جزء من مبلغ مقداره /200/ ألف دولار تقدمه (الفاو) لممثلها في البلد المعني لدعم لبعض الفعاليات الزراعية، إلا ان وزارة الزراعة قامت بتحويل كامل المبلغ لمشاريع أخرى بالوزارة، وترى د. عمبر ان هذه المشاريع تحتاج إلى وثائق للمدى البعيد لم تكن متوفرة.. كذلك أشارت إلى ان هناك عدم توازن ما بين الجانبين البرامجي والإداري، وان الجانب البرامجي لم يعتمد التأهيل، وان رفع مستوى الكادر من قبلها كان يصطدم بعراقيل مساعد ممثل المنظمة.
- وفي حديث صريح مع الدكتور عادل سفر، وزير الزراعة أوضح لنا بأنه لا يجوز اختزال العلاقة مع منظمة الفاو لتصويرها على انها علاقة شخصية تستهدف ممثل المنظمة بالقطر، علماً بأن تقييمنا لهذه العلاقة يتبلور من خلال المشاريع المعتمدة والمنفذة، لذلك فإن وزارتنا وقبل ان نتعرف على السيدة سلوى عمبر قامت بدعم ترشيحها، وعند استلامها لمنصبها قمنا بعقد عدة اجتماعات للتعارف ولتنسيق المواقف تفعيلاً لعلاقات التعاون، وقمنا بعرض العديد من المشاريع التي تشمل:
1- مشروع احداث نظام معلومات وطني بيطري للتقصي والسيطرة على الأمراض الحيوانية.
2- مشروع إنشاء نظام مبكر للاعلام عن الأمراض الحيوانية.
3- مشروع تطوير زراعة النباتات محددة الانتشار.
4- مشروع مخابر معتمدة لمنح شهادة الجودة.
5- مشاريع رائدة لتنفيذ دورات زراعية وفق الخبرة النسبية، والاستخدام المرشد والمستدام للموارد.
6- مشروع نظام الانذار المبكر للتنبؤ بالجفاف.
وكان هدف وزارتنا هو إعطاء دفع قوي لعلاقات التعاون، وكذلك للسيدة سلوى مبارك عمبر، وبتاريخ 23/2/2006 تم عقد اجتماع مع الدكتورة سلوى ومساعدها، وتم الاتفاق على تقديم مشروع مساعدة فنية ضمن برنامج التعاون الفني TCP بعنوان: «اعداد السياسات الحراجية والتطوير المؤسساتي للقطاع الحراجي في سورية»، علماً بأن هذا المشروع على درجة عالية من الأهمية في تطوير القطاع الحراجي وتعزيز دوره في التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة، (علماً ان هذا المشروع لم يتم اقراره إلا خلال هذا العام 2008)، ولكن مع مرور الوقت لم نلمس تنفيذاً حقيقياً للمشاريع او لعلاقات التعاون، وأوضح تقييم وزارتنا لنشاطات ومشاريع البرنامج القطري للمنظمة في سورية إلى انخفاض واضح في حجم وعدد هذه المشاريع خلال سنتين من تولي السيدة الدكتورة سلوى عمبر لمهمتها كممثل قطري للمنظمة في شهر ايلول من عام 2005، وتبين ان هذا الانخفاض يعود -والكلام للسيد وزير الزراعة- إلى عدم قدرة مكتب المنظمة بدمشق على الاتصال بممثلي الجهات المانحة المتواجدة في سورية او حتى مناقشة ومتابعة وتطوير مشاريع جديدة من خلال اجتماعات عمل مشتركة لتحديد الأولويات واطار عمل مشترك، ومما يدعم هذا التقييم ان عدد المشاريع التي هي قيد التنفيذ حالياً هو ثلاثة فقط (اثنان ضمن التعاون متعدد الأطراف GCP وواحد فقط ضمن اطار برنامج TCP) وجميعها بدأ التنفيذ بها أثناء فترة المدير السابق لمكتب منظمة الفاو بدمشق.
وانطلاقاً من علاقات وزارتنا مع منظمة الفاو التي تعتمد على المصارحة والشفافية في التعاون، قامت وزارتنا بإعلام السيد المدير العام للمنظمة المذكورة، واقترحت إعادة النظر في وضع الدكتورة مبارك، وترشيح بدلاً عنها يعمل على تطوير البرنامج وإعادة المواضيع إلى نصابها.
وقد أجاب السيد وزير الزراعة عن أسئلتنا عبر الحوار التالي:
< ما هو واقع المشاريع التي تقوم منظمة الفاو بالمساهمة في إنجازها في سورية..؟!.
<< المشاريع نوعان:
آ- مشاريع مساعدة فنية ممولة من المنظمة، مشروع حصاد المياه في المنطقة الجنوبية TCP/SYR/310.
ب- مشاريع تشرف المنظمة علىتنفيذها وتمول من قبل جهات مانحة.
- مشروع التعزيز المؤسسي والسياسات الزراعية (المرحلة الثالثة).
- مشروع الإدارة المتكاملة للحشرات في الشرق الأدنى.
- مشروع التنمية المؤسساتية للزراعة العضوية في سورية.
< ما هي مؤشرات هذه المشاريع (العدد - الانفاق) خلال السنوات الثلاث الأخيرة..؟!.
<< ان مؤشرات المشاريع هو عدد هذه المشاريع وحجم تمويلها، وخلال السنوات الأخيرة كان عددها متدنٍ جداً قياساً مع الفترات السابقة.
< ما هي الطريقة التي غادرت بها ممثلة منظمة الفاو في سورية..؟!.
<< تم نقلها إلى مكان عمل آخر للمنظمة.
< ما هي الأسباب في ذلك..؟!.
<< تدني مستوى العمل وعدد المشاريع المنفذة بالتعاون مع المنظمة.
< هل أنتم من اتخذ القرار ام مدير عام المنظمة..؟!.
** لقد تم اتخاذ القرار من قبل مدير عام المنظمة في روما.
< متى يمكن اعتبار ان ممثل منظمة الفاو قد تجاوز صلاحيته..؟!.
<< يتم ذلك عندما يتدخل في صلب عمل الوزارة، باعتبار ان وزارة الزراعة هي نقطة الارتباط مع منظمة الفاو، وضمن الأصول الدبلوماسية المتعارف عليها، لا يحق لممثل المنظمة الاتصال بأية جهة إلا عبر القنوات الرسمية، وهذا ما قامت به ممثلة الفاو، إذ التقت بعدة جهات دون علمنا واقترحت العديد من المشاريع مع جهات أخرى أدت إلى حدوث ارباك في عمل الوزارة، وهذا ما أحدث خلافات مع بعض الجهات.
< كيف تنظم منظمة الفاو العلاقة بين ممثلها في دولة ما والسلطة المحلية في هذه الدولة..؟!.
<< يتم تنظيم العلاقة من خلال المرسوم الصادر بفتح مقر للمنظمة، والذي تتحدد فيه التزامات الطرفين والصلاحيات.
< من أهم نقاط الخلاف التي وصلتنا، ان ممثلة المنظمة رغبت بإنفاق 200 ألف دولار على مشاريع حسب قناعتها وهو حق منحتها إياه رئاسة المنظمة، إلا ان الوزارة حالت دون ذلك..؟!.
<< ان المبلغ المذكور هو مخصص للجمهورية العربية السورية، ولذلك طلبت ممثلة الفاو عقد اجتماعات لتحديد مشاريع لصرف هذا المبلغ، وقامت الوزارة بتحديد عدة مشاريع لهذا الموضوع، ووجهت عدة كتب للمنظمة للإسراع في تنفيذها، والإلحاح على ذلك للاستفادة من هذا المبلغ، وبالتالي فإن المنظمة تحتاج إلى موافقة الوزارة لتقديم هذا المبلغ او حتى جزء منه خارج إطار المشاريع التي طلبتها الوزارة، ولو ان المبلغ المذكور مخصص لممثل المنظمة، لما كانت السيدة عمبر قد طلبت الاجتماع معنا لتحديد مشاريع يصرف فيها هذا المبلغ.
< هل ترون ان ممثلة المنظمة تجهل قوانين منظمة الفاو، ام رغبت ان تتجاوز صلاحياتها..؟!.
<< ليست هناك تجاوزات بالمعنى المطلق للكلمة، ولكن كان هناك بعض التصرفات من ممثلة المنظمة يمكن ان تكون قد أدت عن غير قصد إلى حدوث بعض التجاوزات المتمثلة باتصالها مع بعض الجهات الأخرى المرتبطة بالتعاون، ما أدى إلى حدوث ارباكات بالعمل وظهور بعض الخلافات، ولسنا على علم إن كانت تعرف ام تجهل قوانين المنظمة، والعاملون بها هم على دراية أكثر بذلك، ونعتقد انها تفتقر إلى الخبرة الإدارية.
حسن حمشو
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد