لا حـدود بـيـن سـوريـا وتـركـيـا
في ما وصف بانه تحول استراتيجي في العلاقات بين سوريا وتركيا، وتعديل جوهري في المشهد العربي والاقليمي وربما الدولي ايضا، ألغت الدولتان السورية والتركية وللمرة الاولى منذ قيامهما في النصف الاول من القرن الماضي، البوابات الحدودية بين شعبيهما وأزالتا الحواجز امام عبور الافراد والسلع والاموال، في خطوة تعيد الى الاذهان التجربة الاوروبية المتمثلة بزوال الحدود والجدران الفاصلة بين بلدان فرقتها الحروب والصراعات التاريخية لكنها باتت اليوم تشكل مجالا سياسيا واقتصاديا وتجاريا واحدا.
ولا تنحصر أهمية الخطوة التركية السورية أمس في أنها تمثل نقلة نوعية في العلاقات الثنائية، بل هي تفتح الافق العربي، بدءا من لبنان، امام تركيا، كما تفتح الافق الاوروبي امام سوريا. وهي ترجمة لاتفاق كانت دمشق وأنقرة وقعتاه، في 16 أيلول الماضي في اسطنبول، ينص على إقامة «مجلس للتعاون الاستراتيجي عالي المستوى» بين البلدين.
وفي يوم وصف بالتاريخي، تنقل الوزراء السوريون والأتراك، وعلى رأسهم وزيرا خارجية سوريا وليد المعلم وتركيا احمد داود اوغلو، بين حلب وغازي عينتاب وعمدوا الى رفع حاجز حدودي رمزي . وكان الوزيران توجها، متشابكي الأيدي، إلى طاولة وضعت على الحدود، حيث وقعا رسميا اتفاق إلغاء سمات الدخول.
وجاء توقيع اتفاق إلغاء تأشيرات الدخول في لحظة بالغة الدلالة، بعد قرار أنقرة استبعاد إسرائيل من مناورات جوية اطلسية فوق الأراضي التركية الأمر الذي أدى إلى إلغاء تلك المناورات. وسارع المعلم إلى الترحيب بالخطوة التركية، موضحا أن «سوريا يقلقها كثيرا امنيا مثل هذه المناورات وإلغاؤها يسر سوريا لان إسرائيل برهنت أنها ما زالت تعتدي على الشعب الفلسطيني وتواصل حصار غزة وترفض كل جهد تركي باتجاه استئناف محادثات السلام».
ولخص المعلم واوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك، ما انتهت إليه الاجتماعات. وقال الوزير السوري إن «هذا اليوم كما اسماه اخي احمد هو عيد للشعبين الشقيقين السوري والتركي وهو نموذج نقدمه لكل الأشقاء في المنطقة».
وقلل الوزيران من إمكانية أن تؤثر العلاقة المتطورة مع تركيا على علاقة دمشق بمحيطها العربي. وقال المعلم «علاقات سوريا العربية مع كل الأشقاء مميزة في كل المجالات السياسية والاقتصادية». وأضاف «لا شيء على حساب الشيء الآخر، بل سوريا وتركيا تتكاملان والدعوة مفتوحة لكل الأشقاء لكي يتعاونوا معنا».
وشدد اوغلو على أهمية الاجتماعات السورية التركية، موضحا انها «تحمل أهمية كبيرة من الناحية الإستراتيجية والاقتصادية». واكد ان هذه العلاقات «ضرورية لا مفر منها. فنحن نتشارك الجغرافيا نفسها وننظر الى هذه العلاقة على انها تعزز العلاقة مع الدول العربية»، و«نحن نفكر بحدود مفتوحة»، مشيرا إلى أن «هناك أهمية رمزية للعلاقة مع سوريا، أي لا أسلاك شائكة ولا ألغام ولا بوابات حدودية بعد الآن».
وأعلن وزير الدفاع السوري علي حبيب أن بلاده ستجري مناورات عسكرية مع تركيا، بعد وقت قصير من إلغاء تركيا مناورات مع إسرائيل. وقال حبيب إن سوريا أجرت أول مناورات عسكرية برية مشتركة مع تركيا في فصل الربيع الماضي، وقد تمّ الاتفاق على إجراء مناورات أكثر شمولاً وأكبر حجماً.
غازي عينتاب ـ زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد