كيف يمكن أن نواجه نظام التافهين

21-03-2020

كيف يمكن أن نواجه نظام التافهين

هذا كتاب هام, ينبغي أن يُقرأ. بهدوء.. بهذه العبارة تبدأ الدكتورة مشاعل الهاجري, الأستاذة في جامعة الكويت, واحدةً من أهم مقدمات الكتب المترجمة, واضعة بين يدي القارئ العربيّ نسخةً أنيقة عن كتاب دسم و متفرد يشكّل قيمة ذات ثقل مضاف إلى المكتبة العربية.

" نظام التفاهة " كتاب للفيلسوف و الأستاذ الجامعي الكندي " آلان دونو" تقدم له مترجمته بنصّ يكاد يوازيه بالأهمية, و الغنى المعرفي, و نستطيع القول أنها بذاتها ( أي المقدمة ) تستحق أن تكون مؤلفاُ مستقلا بذاته.

يدور موضوع الكتاب حول فكرة محورية تقول :
" نحن نعيش مرحلة تاريخية غير مسبوقة, تتعلق بسيادة نظام أدى, تدريجياً, إلى سيطرة التافهين على جميع مفاصل الدولة الحديثة. وقد بدأت الدكتورة مقدمتها بتحرير مصطلح التفاهة, و الذي ظهر لأول مرة عام 1825 , وهي كلمة تصف طبيعة الشخص أو حالته من حيث التفاهة أو الابتذال أو السخافة.

يتناول الكتاب ما تناله النظم الاجتماعية الحديثة من موجات تسطيح, و تشابه في الشخصيات. غياب العقل النقدي, وهم الكاريزما, عطب المؤسسات, الفساد, تسليع الحياة العامة, الفن الرخيص, أثر التلفزيون, تسليع الجامعات .....

تقول الدكتورة مشاعل في مقدمتها :
"من الجيد إذ ترجمت في الموضوع و لم أؤلف فيه, إذ ربما كان الأمر يتطلب عيناً أجنبية كي " يرى " الناس في هذه المنطقة من العالم ما ينبغي أن يُرى. ستكتشف بعد قراءة الكتاب أن كل ما يتحدث عنه المؤلف في أماكن بعينها, إنما يحدث, في الحقيقة في العالم بأكمله" .

ما هي الأسباب التي جعلت التافهين يتحكمون بصنع القرار في جميع المجالات؟

يجزم " دونو" أن التافهين حسموا المعركة, و ربحوا الحرب, و سيطروا على أسس الحياة, و يعزو ذلك لسببين : السوسيولجيا, و الاقتصاد. و يتابع قائلاً :
لا لزوم لهذه الكتب المعقدة. لا تكن فخورا و لا روحانياُ, فهذا يظهرك متكبرا, لا تقدم أي فكرة جديدة, فستكون عرضة للنقد. لا تحمل نظرة ثاقبة, وسع مقلتيك, أرخ شفتيك, فكر بميوعة و كن كذلك. عليك أن تكون قابلا للتعليب! لقد تغير الزمن, فالتافهون قد أمسكوا بزمام الأمور.

تشير المترجمة أن كل نشاط في الفضاء العام بات اقرب إلى ( لعبة) بلا قوانين مكتوبة ( ما خلا الظهور الاجتماعي , الاستعراض, العلاقات الشخصية ) يلعبها جميع الأطراف, دون أدنى قيمة , بل تلعب باستمرار حتى يصاب الجسد الاجتماعي بالفساد فيفقد الناس اهتمامهم بالحياة العامة, وتقتصر على الفرديات , ليحدث ذلك بسرعة و بشكل مخاتل لا يلبث معه المرء إلا و قد وجد نفسه قد سقط من عليائه, و انضم إلى من في السطح, هناك في الأدنى, فالتسفل أيسر من الترفع كما قال جمال الدين الأفغاني.

من الكتاب:
العارفون لا يطلبون الدعم من غير العارفين, كل ما يحتاجون إليه منهم, أن يكفوهم عبء إرباك المشهد بتدخلاتهم غير المستنيرة!

جامعات اليوم التي صارت تمولها شركات, أصبحت مصنعاً للخبراء, لا للمثقفين!

هذا الكتاب الماثل بين يديك, يغنيك عن التساؤل عن من كانت له الغلبة في السجال المعرفي.

كيف يمكن أن نواجه نظام التافهين هذا ؟
يجيب " دونو" ما من وصفة سحرية لذلك. المطلوب أن نقاوم التجربة و الإغراء و كل مالا يشدنا إلى فوق . ألا نترك لغة الإدارة الفارغة تقودنا.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...