كان اغباهم ... جهاد الخازن
في مطلع هذا الشهر حققت سبقاً صحافياً خفيفاً، او سخيفاً، فقد لاحظت زيادة عدد الطرف عن الرئيس جورج بوش، وسجلت بعضها ثم قلت في النهاية ان الرئيس بوش او أي رئيس يستطيع ان يتحمل النقد السياسي، الا انه لا يتحمل السخرية منه او الضحك عليه.
قبل يومين سمعت هذه الكلمات في مقابلة مع سي إن ان نبهتني الى موجة جديدة تستهدف الرئيس الاميركي، وعدت الى الانترنت والمراجع التقليدية ووجدت ان وكالة اسوشييتد برس الاميركية وزعت في الثالث من هذا الشهر خبراً عن مركز الميديا والشؤون العامة (الاميركي) جاء فيه انه خلال الاشهر الثلاثة الاولى من هذا العام كان جورج بوش هدف 307 نكات من جاي لينو وديفيد ليترمان وكونان اوبريان، وهم اصحاب اهم البرامج المسائية الضاحكة في التلفزيون الاميركي. وقال المركز ان بوش كان هدف 197 نكتة في الاشهر الثلاثة المقابلة من العام الماضي، و544 طرفة «بوشية» للعام كله.
ولاحظ روبرت ليكتر، رئيس المركز، ان اسهم بوش ساقطة بين الناس، الا انها مرتفعة كثيراً بين الكوميديين. وبما ان استطلاعات الرأي العام اظهرت ان الدكتورة كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية، هي اكثر اعضاء الادارة شعبية، فقد سمعنا فوراً ان هذا مثل اختيار افضل لاعب في فريق كرة خاسر.
لاحظت في المجموعة الاخيرة من الطرف التي تستهدف جورج بوش انها تنقسم مناصفة تقريباً بين ذكائه، او غياب الذكاء على وجه التحديد، وبين سياسته.
ومثلاً سمعت ان معدل ذكاء ابراهام لنكولن كان 120 نقطة، في حين ان معدل ذكاء جورج بوش «أربع عشرينات وسبعة». والعبارة هذه بدأ بها الرئيس لنكولن «خطبة غتسبرغ» التي تعتبر من اشهر المعالم السياسية الاميركية، وهي تعني 87 سنة منذ استقلال البلاد، ويبدو ان لنكولن قرر ان الارقام العادية لن يكون لها الوقع نفسه مثل العبارة التي اختارها، وكانت مراكز بحث وعلوم في السنوات الاخيرة اجرت دراسات لذكاء الرؤساء بحسب المؤشر المعروف الذي يجعل متوسط الذكاء مئة نقطة، وتبين ان بيل كلينتون كان اذكى الرؤساء بمعدل ذكاء مقدر في حدود 187 نقطة وان جورج بوش الابن كان اغباهم بمعدل ذكاء هو 87 نقطة.
كلينتون استعمل ذكاءه في مطاردة الموظفات المتدربات، ما يدل على انه ذكي جداً، والطرف عنه كانت ايضاً كثيرة، ومن نوع فاضح لا يصلح للنشر هنا، فأبقى مع بوش لأن «شر البلية ما يضحك» أصدق عنه منها عن أي انسان آخر.
قرأت ان الرئيس جيمس غارفيلد كان يستطيع الكتابة باللاتينية بيد، وباليونانية باليد الاخرى، في الوقت نفسه، وانه عندما سمع جورج بوش بهذا سأل مستغرباً: «هل كان عندنا قط ناطق رئيساً؟»، اشارة الى افلام الكرتون.
في الايام الاخيرة قرأت الآتي:
- أصدر البيت الابيض توصياته لمواجهة حمى الطيور، وأهم توصية خفض الضرائب المقررة على الطيور.
- أظهرت سجلات الاستخبارات ان جاك ابراموف، عميل اللوبي المدان بالفساد وتهم اخرى زار البيت الابيض مئتي مرة خلال فترة عشرة اشهر فقط. مئتا مرة... مئتا مرة. هذا اكثر مما زار الرئيس البيت الابيض في الفترة نفسها.
- تبين من دراسة للشباب الاميركيين ان ثلثهم لا يعرف أين توجد لويزيانا (وهذا بعد ان ضرب الإعصار كاترينا الولاية ودمر معظم نيو اورليانز). أين العجب في هذا؟ ان البيت الابيض لا يعرف اين تقع لويزيانا (هذه اشارة الى تأخر المساعدات الفيديرالية للولاية المنكوبة).
- البيت الابيض اعلن تشكيلات جديدة بين الموظفين. أليس هذا مثل اعادة ترتيب المقاعد على سطح السفينة تايتانك؟ او هو مثل اعادة ترتيب المقاعد داخل المنطاد هندنبرغ؟ الاشارة هنا الى السفينة التي غرقت في رحلتها الاولى عبر المحيط الاطلسي، والى المنطاد الذي انفجر وهو يهبط في الولايات المتحدة قادماً من المانيا.
أتوقف لأقول انني بعد ان كتبت عن الطرف الجديدة عن بوش في مطلع هذا الشهر، عدت الى الموضوع في السابع منه ضمن زاوية رددت فيها على عدد من رسائل القراء، وسجلت طرفاً جديدة بينها واحدة تعتبر ان حديث بوش عن انه يستوحي «من فوق» هي اشارة لرئيس شركة اكسون لا الله تعالى.
خلفية الرئيس النفطية، وخدمته الشركات الكبرى وإذعانه لها، عادت هذه المرة ايضاً. فقد زار رئيس اكسون مبنى الكابيتول وقابل رئيس مجلس النواب، وهو الجمهوري دنيس هاسترت، فعلق كوميدي فوراً ان رئيس المجلس تصرف بمنتهى التهذيب كما يفترض بكل موظف عندما يقابل رئيسه.
- ماذا أزيد؟ هناك البيئة طبعاً، والرئيس بوش زار نيو اورليانز وصلى لنجاتها من اعصار مقبل، فاعتبر ذلك اسلوب الادارة في التخطيط للكوارث على اساس الايمان.
الرئيس بوش قال في مؤتمر صحافي ان زيادة حرارة الطقس أتت بأسرع مما توقع. ومال عليه احد مساعديه وهمس في أذنه: «سيدي الرئيس، نحن دخلنا في الربيع».
امامي صفحات على الانترنت تعليقاً على هذه الطرفة الاخيرة، وقد ضاق المجال فأكتفي بامرأة قالت بفرح طفولي: «هل هذا يعني انه لن يكون هناك شتاء بعد الآن؟». لا يا ست، هو يعني ان جورج بوش باقٍ معنا.
جهاد الخازن
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد