فضائية سورية للدراما

06-03-2008

فضائية سورية للدراما

خبر إطلاق فضائية خاصة للدراما في دمشق أمر مهم، خصوصاً في ظل الظروف الإنتاجية والتسويقية التي خضعت لها ليس الدراما السورية فحسب، بل الدراما المصرية وغيرها، بعدما تحولت الرساميل الخليجية إلى إدارة إنتاجها بنفسها، وصنعت سوقها الفضائي. وبذلك شكلت تهديدا حقيقياً للإنتاج التلفزيوني في مصر وسورية بعدما اعتمد عليه، كمادة أساسية في انتشاره. مع ذلك لا يبدو المشهد قاتماً إلى الدرجة التي بدا عليها منذ نهاية موسم رمضان الماضي، عندما تراجع الحضور الدرامي السوري على شاشات البث الفضائي العربي، فقد كانت هناك محاولات للإنقاذ، لعل أهمها تمثل في القرار الرئاسي الصادر بشراء الأعمال التلفزيونية السورية.

وربما يأتي إصدار قرار آخر عن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون مكملاً للجهود المبذولة لطرد ما بدا يلوح في الأفق، كنذير شؤم لاختفاء لمعان نجم الدراما السورية. ومن المهم هنا الحديث عن اختلاف القيم والمعايير التي طغت على مزاج الإنتاج الدرامي العربي، تحت سطوة رأس المال الذي تمكن أخيراً من فرض شروطه التي لم تكن واضحة، أو لنقل لم تكن سافرة في البداية، حيث كان هذا المزاج يخضع لشروط معينة يفرضها صناعه أنفسهم من كتاب ومخرجين وممثلين، عندما كانت الشركات الإنتاجية الخليجية تضخ أموالها في سورية وتتلقف ما ينتجه هؤلاء على شاشاتها.

الآن صارت الشاشة الخليجية صاحبة عمل أو «كفيل» يستخدم العناصر نفسها، ولكن ضمن شروط إنتاج ذات طابع محلي خالص، خصوصاً في ما يتعلق بالحديث عن هموم المجتمع الخليجي، أو بتحويل الفنانين العرب أنفسهم إلى خليجيين. وهو حق مشروع لها، كما يحدث الآن مع المخرج حاتم علي في مسلسلة الجديد.

التحول الآخر الذي يعمل على سوية لا تقل خطورة عن هذا الاتجاه، هو المزج الثقافي الذي بدا واضحاً في الأعمال المصرية التي أخرجها أو قام ببطولتها سوريون من مخرجين وممثلين.وباتجاه السوق الإنتاجية نحو هذا المنحى، البالغ التأثير على الدراما السورية، ربما يجدر القول إن هذه الدراما غطت موسمها الرمضاني الماضي، بأعمال كانت تتفاوت بين الجودة والسوء، حتى إن كثراً رأوا أن كفة السوء كانت ترجح على الجودة، ولا يمكن أن نعتبر أن ضعف رأس المال هو السبب الوحيد للتدني الدرامي، فقد نهضت هذه الدراما وسط ظروف إنتاجية سيئة وقامت على أكتاف مخرجين كبار، رسموا لها خطوات واضحة للانطلاق نحو السوق العربية.

كل ما في الأمر، أن الدراما السياسية خضعت لمنطق التوجيه السياسي، ما أفقدها جزءاً من جودتها الفنية، نظراً للخطابية والمباشرة التي تضمنتها بعض الأعمال، وربما هنا بيت القصيد. فهل تكون هذه الفضائية السورية الجديدة، الخاصة بالدراما مستقلة عن تسييس أعمالها؟ وهل يقتنع المسؤولون وأصحاب القرار، أن الباب الأكثر جمالاً وذكاء، لفتح عين المشاهد على المتعة والمتابعة هو، الباب الموارب، الذي يمتع قلبه وعينه، ولا يثقل عليه بمانشيتات سياسية، إذ يكفيه ما لديه منها في محطات الأخبار؟

هذا سؤال مهم يتوقف عليه مستقبل الدراما السورية، خصوصاً أن هناك أخباراً تفيد بأن الملايين من الليرات السورية الحكومية ستكون تحت تصرف هذه الفضائية، والفرصة متاحة لعودة ميمونة!

سمر يزبك

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...