فرنسا ترجّح نزاعاً طويلاً والقذافي يقترب من أجدابيا
اتفقت الدول الغربية أمس، على نقطتين أساسيتين في ما يتعلق بالعمليات في ليبيا، أولا ترجيح أن «يطول أمد النزاع» بالمحافظة على تنحي معمر القذافي هدفا للحملة، وثانيا الاستبعاد المكّرر لإمكانية نشر قوات احتلال على الاراضي الليبية، فيما تبحث الحكومة الالمانية إمكانية تمويل المساعدات الإنسانية لليبيين عبر أموال مجمدة للقذافي تقدر بـ6 مليارات دولار. أما ميدانيا، فاستفادت قوات القذافي من عاصفة رملية منعت طائرات حلف الأطلسي من قصفها لشن هجوم على مدينة أجدابيا فيما بدا أنه سيعيد هذه المدينة مرة أخرى إلى سيطرة النظام الليبي.
ورجح وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه ان «يطول امد النزاع» في ليبيا، في حديث نشرته صحيفة «لوباريزيان». واكد لونغيه الذي وصل الى افغانستــان فــي زيارة للقوات الفرنسية المنتشرة هناك، معلقا على احتمال استمرار النزاع ان «ثمة احتمال ان يطول امد تلك الحرب لانه لا يمكن التكهن اطلاقا بما قد يقوم به القذافي وما قد يجري في ليبيا». واضاف «نعم ان الحرب طويلة ومعقدة، ولانها معقدة ستكون طويلة». واعتبر ان «الطيران قادر على تدمير كافة الامدادات اللوجستية لقوات القذافي عندما تتوجه الى شرق (ليبيا) مكشوفة». لكنه اضاف «في المعارك داخل المدن يجب الاعتراف بانه اذا ما تفادى الطيران وقوع مأساة، فلا يمكنه في المقابل تسوية المشكلة». واوضح لونغيه انه «بدون الطيران الاميركي إننا حاليا نقوم بنحو 150 طلعة جوية يوميا وتقوم فرنسا بما بين 20 الى 25 في المئة منها».
واضاف لونغيه إن «المشكلة هي اننا نفتقر الى معلومات ملموسة واكيدة حول اهداف يتم رصدها على الارض. ليس هناك نقص في الطائرات بل في تحديد الاهداف المتحركة» معتبرا «انها بالتأكيد نقطة ضعف» ان تشن معارك جوية «بدون معلومات على الارض».
من جهته، اعلن رئيس مجلس اوروبا هرمان فان رومبوي في مقابلة نشرتها وسائل اعلام انه «يجب ابقاء الضغط العسكري» في ليبيا مؤكدا ان رحيل معمر القذافي «هو الهدف الرئيسي» للتحالف الدولي. وقال في برنامج مشترك لقناة «تي في 5 موند» واذاعة «ار اف اي» وصحيفة «لو موند» إن «القذافي لا يزال موجودا لكنه اضعف كثيرا... اعتقد ان علينا ابقاء الضغط العسكري، ولم يعد هذا التحرك من مسؤولية الاتحاد الاوروبي بل حلف شمال الاطلسي، وعلينا التحقق من انه سيتنحى (عن السلطة)». واضاف معلقا على رحيل القذافي «انه الهدف الرئيسي». وتابع «لقد اكد كاميرون واوباما وساركوزي على ذلك في مقال مشترك وهم على حق».
وردا على سؤال عن موقف الاتحاد الاوروبي من المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضة الليبية ولم تعترف به سوى فرنسا وايطاليا وقطر، اكد فان رومبوي ان المجلس «محاور شرعي تماما». كما اعتبر ان اوروبا «فوتت فرصة» من خلال عدم تبني موقف مشترك بشأن المجلس الوطني الانتقالي مشيرا الى وجود خلافات بين الدول الاوروبية متعلقة بالمجلس من دون ان يذكر اي دولة بالاسم.
اما حول احتمال اطلاق تحرك عسكري وانساني اوروبي لمساعدة سكان مدينة مصراتة في غرب ليبيا التي تتعرض منذ اسابيع لقصف من قوات القذافي، قال إن الاتحاد الاوروبي «اقترح مثل هذه العملية» وإنه لا يمكن تنفيذها «الا بطلب صريح من الامم المتحدة» و»في اطار تفويض دولي».
لكن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أكد مجددا انه «من غير الوارد» نشر قوات احتلال في ليبيا. وقال كاميرون لقناة «سكاي نيوز»، «ما قلناه هو انه من غير الوارد غزو او احتلال ليبيا ولن نرسل جنودا على الارض. الامر لا يتعلق بذلك» موضحا ان هذه الضوابط تزيد من «صعوبة الوضع». واضاف «لاننا قلنا اننا لن نغزو (ليبيا) فاننا لن نحتلها، وهذا اصعب من نواح عديدة لانه لا يمكننا التكهن بنتيجة (النزاع) مع ما نملك من امكانات». وتابع «لكننا واضحون جدا بخصوص ضرورة التزامنا الصارم بشروط قرار مجلس الامن الدولي، وعلينا الحفاظ على دعم العالم العربي».
وتبحث الحكومة الألمانية تحويل أموال مجمدة مملوكة لنظام القذافي قدرها ستة مليارات يورو إلى حساب ضمان تابع للأمم المتحدة لتوزع على الشعب الليبي. ونقلت مجلة «در شبيغل» عن وزير الاقتصاد راينر برودرله قوله في وثيقة حكومية «تستطيع الولايات المتحدة استخدامها لسداد تكلفة إمدادات المساعدات الانسانية لتخفيف معاناة السكان في كل أنحاء ليبيا». ويعتقد برودرله أن كل دولة على حدة لا تستطيع قانونا إعادة أموال القذافي المجمدة للشعب الليبي بطريقة مباشرة وبالتالي يريد من الاتحاد الأوروبي اتخاذ قرار بشأن الطريقة المناسبة لتحويل كل أصول القذافي المجمدة في اوروبا للأمم المتحدة. وأكد متحدث باسم وزارة الاقتصاد التقرير.
في هذه الأثناء، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس الأول، بان ادارة الرئيس باراك اوباما اطلقت عملية بحث مكثف لايجاد بلد يمكنه ان يستضيف الزعيم الليبي معمر القذافي. الا ان المسؤولين الاميركيين لم يحصلوا الا على لائحة صغيرة جدا بدول مرشحة لذلك بسبب الاتهامات التي وجهتها المحكمة الجنائية الدولية الى القذافي بارتكاب فظائع ضد شعبه منذ انطلاق الثورة واعتداء لوكربي. وقال ثلاثة مسؤولين في ادارة الرئيس باراك اوباما للصحيفة انهم يحاولون ايجاد بلد لم يوقع او يصادق على معاهدة روما التي ترغم البلدان على تسليم اي شخص تدينه المحكمة الجنائية الدولية. ويمكن للقذافي بالتالي اللجوء الى دولة افريقية لان اكثر من نصف بلدان القارة السوداء لم توقع المعاهدة. والولايات المتحدة نفسها لم توقع المعاهدة لتجنب احتمال ملاحقة ضباط في الجيش والاستخبارات الاميركية.
وقال مسؤول رفيع المستوى في ادارة اوباما للصحيفة «استخلصنا بضعة دروس من العراق من اهمها ان على الليبيين تحمل مسؤولية تغيير النظام وليس نحن». واضاف ان «ما نحاول فعله هو مجرد ايجاد وسيلة للوصول الى مخرج سلمي اذا سنحت الفرصة لذلك». ويأتي ذلك بعد اسابيع من عمليات قصف تشنها طائرات حلف شمال الاطلسي على جيش القذافي ومساعديه، ولم تؤد حتى الآن الى رحيله.
وميدانيا، قال شهود إن قوات القذافي أطلقت صواريخ على معارضين ليبيين مرابطين على الحافة الغربية لبلدة اجدابيا مما دفع بعض السكان للفرار من تلك البلدة الشرقية الاستراتيجية. وسمع مراسل لـ«رويترز» دوي انفجارات ونيران مدافع آلية بالقرب من اجدابيا وهي البوابة الغربية للشرق الواقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة والتي تبادل الطرفان السيطرة عليها مرارا في معارك كرّ وفرّ مستمرة منذ أسابيع.
وقال شاهد عيان إنه رأى ما يزيد على عشرة صواريخ تسقط عند البوابة الغربية للبلدة. وأيدت المعارضة المسلحة روايته. وهبّت عاصفة رملية خلال الصباح فانعدمت الرؤية عبر الصحراء المسطحة الممتدة غربا إلى بلدة البريقة النفطية. وأنحى مقاتل من المعارضة يدعى أحمد الزويحي باللائمة على الأحوال الجوية في عدم تنفيذ طائرات حلف الاطلسي ضربات جوية على المدرعات التابعة للقذافي. وقال «الاحوال الجوية ليست على ما يرام اليوم. لم ينفذ حلف الاطلسي اي ضربات... انها فرصة كبيرة ينتهزها القذافي. ربما يدخل اجدابيا اليوم. الطائرات لن تنفذ أي ضربات اليوم».
وقال معارض مسلح يدعى مروان التومي إنه يعتقد أن نيران الصواريخ تأتي من على بعد مسافة 20 كيلومترا غرب المدينة. وقال مدنيان إنهما شاهدا صاروخين من طراز غراد يسقطان داخل اجدابيا لكن لا يوجد سبيل للتحقق من روايتهما. ولا توجد أي بادرة تدل على هجوم بري من قبل قوات القذافي لكن مع عدم تمكن المعارضة المسلحة في الغالب من الاحتفاظ بمكاسبها ضد الموالين للحكومة الأفضل تسليحا يفهم الكثيرون في البلدة هجمات الصواريخ على أنها إشارة للمغادرة. وتدفق عشرات المقاتلين إلى جانب سيارات مدنية تقل رجالا ونساء وأطفالا شرقا من المدينة عبر الطريق الساحلي باتجاه مدينة بنغازي. وكانت شوارع اجدابيا شبه خالية وبدأت المعارضة في إقامة حواجز على الطريق عبر المدينة باستخدام كتل الخرسانة وفروع الاشجار وحاويات القمامة وكل ما أمكنهم العثور عليه خشية وقوع هجوم لقوات القذافي.
وقالت المعارضة الليبية إن قوات القذافي قصفت مدينة مصراتة مما اسفر عن سقوط ستة قتلى على الاقل. وقال نازحون إن الظروف داخل المدينة المحاصرة تزداد سوءا.
وقال التلفزيون الليبي إن قوات حلف شمال الأطلسي قصفت منطقة جنوب غرب العاصمة طرابلس. وفي وقت لاحق قال التلفزيون إن الحلف قصف أيضا مدينة سرت شرق طرابلس لكنه لم يقدم تفاصيل.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد