طالباني يدعو أمريكا للتعاون مع دمشق وطهران من أجل العراق
نصح الرئيس العراقي جلال طالباني الولايات المتحدة بان «الاتصال مع طهران ودمشق هو الافضل وقد يكون مفيداً جداً، لكنه وضع علامات استفهام عما اذا كانت دمشق مستعدة لمثل هذا الحوار». وشدد على ان واشنطن تستعجل وضع حد للعنف في العراق ونزع سلاح الميليشيات لكنه قال ان الحكومة العراقية تفضل ان يتم ذلك عبر «الحوار والاقناع». واشار الرئيس الى ان تنظيم «القاعدة» اصبح اضعف مما كان سابقاً وقال: «ان حوالى 200 مسلح عربي يصلون يومياً الى العراق». وتحدث عن قانون العفو العام مشيراً الى ان الاميركيين قبلوا شموله «حتى من قتل اميركيين في حال كان هذا القانون جزءاً من تفاهم وحل شعبي شامل للوضع الراهن».
خلال اجازة عيد الفطر التقى الرئيس العراقي جلال طالباني في دوكان (كردستان العراق) السفير الاميركي زلماي خليل زاد وبحثا في تفاصيل الملف الامني والتدابير العسكرية الاميركية الجديدة التي اعلنها الرئيس جورج بوش من اجل اعادة الامن والاستقرار الى العراق. وتعليقا على السجال بين الرئيس الاميركي ورئيس وزراء العراق نوري المالكي، الذي رفض وضع جدول زمني مُحدد لسحب اسلحة الميليشيات كما طلبت واشنطن، اكد الرئيس طالباني لـ «الحياة» دعم الادارة الاميركية لحكومة المالكي مشيراً الى ان «التدابير الاميركية ليست جديدة وانها تستهدف سحب السلاح من الساحة العراقية» لكن الادارة الاميركية تريد تنفيذ هذه الخطوة بأسرع ما يمكن فيما الواقع العراقي يستوجب اعطاء رئيــس الــوزراء العراقي فرصة للحوار.
وقال طالباني: «ان الادارة الاميركية قلقة جداً من توسع دائرة العنف والارهاب واحتمالات الحرب الاهلية في العراق لذا فانها تريد السيطرة على الميليشيات المسلحة بأسرع وقت، اذ انها المسؤولة عن عمليات القتل والخطف والتصفيات» مشيراً الى ان الوضع بات صعباً للغاية».
واضاف: «في ظل الوضع الامني الراهن بدأ كل طرف يُشكل قواته الخاصة واصبحت لكل وزارة قوة مسلحة خاصة تحميها كما ان العشائر مسلحة ايضاً بل حتى الاحزاب السياسية لها قوات مسلحة تابعة لها بذلك اصبح الامر فوضى».
وشدد طالباني على «اننا نحن في المجلس السياسي للامن الوطني اتفقنا على ان نبدأ بتجربة الحوار لاقناع المجموعات المسلحة والميليشيات بإلقاء السلاح وهذا قد يأخذ وقتا كما بدأنا مع السيد مقتدى الصدر الذي استجاب معنا وقال انه سيُخضع جيش المهدي للقانون وان أي متجاوز على القانون من جيش المهدي سيخضع للمحاكمة والاعتقال، لكن الادارة الاميركية تبدو مستعجلة خصوصاً مع استمرار عمليات الاغتيال، فاغتيال الفريق عامر الهاشمي اخ نائب رئيس الجمهورية امر لا يمكن السكوت عنه او الوقوف من دون عمل جدي تجاه المسؤولين عنه».
وعما اذا كانت البيشمركة مشمولة بعمليات نزع السلاح هذه؟ قال الرئيس العراقي «لا البيشمركة اتفق على انها جزء من الجيوش التي حررت العراق وتم توزيع قواتها على الجيش وحرس الحدود والامن وما تبقى منها، مثل الحرس الوطني في كردستان العراق يتبع لحكومة الاقليم والحكومة المركزية وبذلك فان اسم البيشمركة سيُستبدل ولن يُستخدم الاسم لاحقاً، اذ ان ما يتبقى من هذه القوات سينخرط في المؤسسات التي ذكرتها ولن يبقى بعد ذلك مجموعة بهذا الاسم.
وعما اذا كان يعتقد ان «تنظيم القاعدة» بات اقوى ام اضعف مما كان بعد قتل ابي مصعب الزرقاوي وماذا تم في شأن قانون المصالحة والعفو، ذكر الرئيس ان التنظيم اضعف مما كان في السابق وقد اعترف قادته بمقتل 4000 اجنبي في العراق، لكننا نعتقد ان العدد الحقيقي يبلغ ضعف هذا العدد، كما اننا اعتقلنا المئات من اعضائه وهم الان قابعون في سجوننا وكل يوم يعبر حدودنا حوالي 200 عربي ينضمون اليهم.
وقال طالباني: «نحن في المجلس السياسي للامن الوطني ندرس حالياً قانوناً للعفو العام على العراقيين المسلحين في الميليشيات والجماعات المقاومة والارهابية وقال السيد عبدالعزيز الحكيم انه مستعد لقبول مثل هذا العفو الشامل عن الجميع، كما انني اعتقد ان الاميركيين ايضاً مستعدون للموافقة على اصدار هذا القانون الذي سيشمل حتى من قتلوا اميركيين في حال كان هذا القانون جزءاً من تفاهم وحل شعبي شامل للوضع الراهن».
وعن نصائحه للرئيس بوش بعد التوصيات التي قدمتها لجنة بيكر في شأن الحوار مع طهران ودمشق اعرب عن اعتقاده «ان الحوار مع طهران ودمشق هو الافضل وقد يكون مفيدا جداً، بل ان هذا الاحتمال قائم بالفعل، خصوصا ان طهران وواشنطن وافقتا عليه سابقاً بداية السنة الجارية، اذ وافقت طهران على لقاء بين السيد علي لاريجاني والسفير زاد في كردستان العراق على ان يكون بشكل سري، لكن اعلان السيدة كوندوليزا رايس عن وجود قناة اتصال مع طهران قبل اللقاء ازعج الايرانيين وجعلهم يتراجعون عنه. كما دعا السيد عبدالعزيز الحكيم ايضا الى حوار شامل بين طهران وواشنطن وناقش الموضوع مع وزير الخارجية الايراني لدى زيارته الى بغداد، لكن الاميركيين فضلوا تأجيل الامر الى ما بعد تشكيل الحكومة العراقية ونحن الان ننتظر ونعتقد ان الفرصة موجودة من أجل احياء هذه المحاولات. من ناحية اخرى اعتقد أن الاميركيين مستعدون للحوار مع دمشق ايضاً في الشأن العراقي لكن هذا يتعلق بنية الحكومة السورية واستعدادها بالفعل لمثل هكذا حوار».
وعما اذا كان الاكراد هددوا تركيا بالتدخل في شؤونها الداخلية اذا استمرت في التدخل في شأن كركوك وعما اذا كان من الممكن تأجيل الاستفتاء في شأن مستقبل المدينة قال: «انا لم اهدد تركيا على الاطلاق، لقد فُهمت تصريحاتي خطأ في شأن موضوع التدخل في شؤوننا الداخلية... انا على العكس اؤكد دائما ان تركيا تساعدنا وتدعمنا في محاربة الارهابيين، وانا ادعم حكومة السيد رجب طيب اردوغان لانها حكومة ديموقراطية وحكيمة، ادعمها بصفتي رئيساً للعراق لانها تسعى الى تطوير علاقاتها مع الدول العربية ودول الجوار، وادعمها بصفتي كرديا لان حكومة انقرة الحالية هي اكثر الحكومات جدية في عزمها على حل القضية الكردية».
واضاف «انا قلت للسيد اردوغان ان علينا ان نطور علاقاتنا وان نتخلص من المسائل الخلافـــية العالقة بيننا خصوصاً مسألة كركوك وحزب العمال الكردستاني. فبالنسبة لكركوك لا يمكن تأجيل الاستفتاء فيها الذي سيجري السنة المقبلة لان موعده تم تسجيله وتحديده في الدستور العراقي، لكن يمكن تأجيل تطبيق نتائج الاستفتاء». واعرب عن اعتقاده بالحاجة الى حوار شامل في شأن هذه المدينة من اجل الوصول الى افضل الحلول الممكنة.
وقال الرئيس العراقي «اقترحت نموذج بروكسيل وعرضت على الاخوة التركمان حق الادارة المحلية في كركوك اذا ما وافقوا على الانضمام الى اقليم كردستان العراق، أي ان تكون هناك ادارات محلية داخل اقليم كردستان مثل بروكسيل، نحن بحاجة الى حوار وتفاهم عربي وتركماني وكردي حول كيفية ادارة تلك المدينة. بعض الاكراد ارتكب اخطاء في كركوك من خلال البناء العشوائي في اراضيها بعد عودتهم اليها في السنوات الثلاث الماضية على اعتبار ان الاراضي هناك ملك الدولة التي اممتها، وهذا يجب تصحيحه، لكن هذا لا ينفي حق الذين عادوا من الاكراد الاقامة مجددا في كركوك، وعن حل هوية المدينة انا قلت اكثر من مرة اننا نوافق على الاحتكام الى أي احصاء رسمي تاريخي من العهد العثماني وحتى الان، بل وحتى احصاء السيد عصمت اينونو مساعد مصطفى كمال اتاتورك التي ذهب بها الى مؤتمر لوزان من اجل حل موضوع ولاية الموصل، او أي خريطة رسمية اخرى لانها جميعها تؤكد حقوق الاكراد في كركوك.
وعن مسألة حزب العمال الكردستاني قال طالباني: «إننا خيرناهم بين القاء السلاح ووقف العنف او الخروج من الاراضي العراقية، وقد وافقوا على وقف اطلاق النار بل تعهدوا بالقاء السلاح وحل الحزب في حال حصلوا على عفو سياسي من تركيا وقبلوا الا يشمل ذلك العفو القيادات في الحزب التي يمكنها ان تبقى خارج تركيا، وبذلك يمكن حل القضية الكردية بالحوار والسياسة. نحن لا نريد التدخل في الشؤون الداخلية لتركيا نحن فقط نحاول ان نساعد في حل المسائل العالقة بيننا من اجل علاقات افضل، نحن والجيش التركي قاتلنا في السابق حزب العمال الكردستاني لكن اياً منا لم يستطع القضاء عليه بالسلاح، والجميع في تركيا والولايات المتحدة والمنطقة يؤيدون ضرورة الوصول الى حل سياسي للقضية. اما بالنسبة لمسألة العفو السياسي المطلوب فتركيا اصدرت من قبل اكثر من عفو سياسي عمن يخرج من حزب العمال الكردستاني ويعود الى تركيا، كما انها اصدرت عفواً سياسياً عن سياسيين اكراد سجنوا اكثر من عشر سنوات، لذلك فان الموضوع ليس بجديد.
يوسف الشريف
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد