ريف اللاذقية: هجمات للجيش على خمسة محاور
منذ مطلع تشرين الأول الماضي، ومع دخول سلاح الجو الروسي لمؤازرة عمليات الجيش السوري، لم تهدأ جبهة ريف اللاذقية الشمالي، وهي الجبهة الأكثر تعقيداً في سوريا، والتي تتمترس فيها عدة فصائل متشددة و «جهادية» ترتبط ارتباطا وثيقا بتركيا، الأمر الذي شكل خاصرة رخوة لمدينة اللاذقية التي شهدت عدة اختراقات على جبهات ريفها الشمالي والمحاذي للحدود التركية عدة مرات، قبل أن تبدأ «معركة الحسم».
ومع بدء عمليات الجيش السوري البرية في ريف اللاذقية الشمالي بعد أكثر من 10 أيام على التمهيد المدفعي والقصف العنيف من الطائرات الروسية، والتي انطلقت فعليا منتصف تشرين الأول الماضي، حقق الجيش السوري تقدماً سريعاً وخرقاً للخريطة الميدانية، في المنطقة الجبلية الشديدة الوعورة، والتي تضم العديد من الكهوف والمتاريس التي يصعب استهدافها، لكن ضابطاً روسياً وصف تلك المعارك بأنها «سهلة»، مستغرباً عدم تحقيق الجيش السوري لأي اختراق على هذه الجبهة طيلة فترات الحرب.
وبعد ساعات قليلة على تحقيق الاختراق الأول وسيطرة الجيش السوري على نقاط استراتيجية في مرتفعات جب الأحمر المطلة على منطقة سهل الغاب في ريف حماه، شنت الفصائل «الجهادية» هجمات عنيفة أجبرت قوات المشاة على التراجع عن عدة نقاط على هذا المحور. ويذكر ضابط سوري، أن الضابط الروسي عقد اجتماعاً لمناقشة تطور الأوضاع الميدانية انتهى بالوصول إلى يقين أن هذه الجبهة هي الأصعب في سوريا، مشيراً إلى أن الضابط الروسي اعتذر عن استعجاله بالحكم على مجريات الميدان.
اليوم وبعد أكثر من شهر على بدء العمليات البرية في الريف الشمالي، وبعد نحو شهر ونصف الشهر على بدء العمليات الجوية التي تنفذها الطائرات الروسية، أشعل الجيش السوري جبهات ريف اللاذقية الشمالي بالتزامن، على أكثر من خمسة محاور في آن معاً، وذلك بعد تمهيد مدفعي وجوي أمنته الطائرات الروسية الحربية التي استهدفت بعنف وكثافة معاقل الفصائل المسلحة في ريف اللاذقية الشمالي المتصل بتركيا.
وأوضح مصدر ميداني، أن ابرز المحاور التي أشعلها الجيش السوري كانت انطلاقاً من غمام نحو الدغمشلية فجبل الزويك، وعلى محوري كتف الغنمة وكتف الغدر، وجبل النسر باتجاه جبل زاهية. العمليات التي بدأت متزامنة حوالي الساعة الخامسة فجراً حققت، بعد ساعات من انطلاقها، عدة خروقات على جبهات القتال، أبرزها سيطرة الجيش السوري على جبل الزويك بالكامل في محيط قرية غمام بعد السيطرة الكاملة على الدغمشلية وتلالها، فيما حققت القوات المقاتلة على جبهة جبل زاهية الملاصق للحدود التركية شمال منطقة ربيعة خرقاً على هذا المحور، وتمكنت من السيطرة على مرتفعين مهمين، وتمركزت على بعد أقل من 5 كيلومترات عن مرصد جبل زاهية الاستراتيجي.
المعارك الأعنف، وفق المصدر الميداني، جرت على تلال جبل زاهية، حيث تمكنت قوات الجيش السوري من السيطرة على تلتي 803 وكوع الحطب وتمركزت فيها. وتعود صعوبة المعارك إلى الطبيعة الجغرافية للمنطقة من جهة، وقربها من الحدود التركية التي تؤمن خط إمداد كبيرا ومفتوحا للفصائل المقاتلة على هذه المحاور.
الجديد في عمليات الجيش السوري في ريف اللاذقية الشمالي هذه المرة، وفق مصدر عسكري، هو فتح الجيش لهذا العدد من المعارك بالتزامن، الأمر الذي تسبب بتشتيت قوات الفصائل المسلحة، وإضعاف دفاعاتها، خصوصا أن عدد المقاتلين على هذه المحاور محدود نسبيا.
وعلى الرغم من تحقيق هذه الخروقات، التي وصفها المصدر بأنها «مهمة» في معارك الريف الشمالي، إلا أنه شدد خلال حديثه على أن المعارك في هذه المنطقة «معقدة»، موضحاً أن الطقس الصحو ساهم في السيطرة على مناطق واسعة، إلا أنه ومع هطول الأمطار ربما تنخفض وتيرة العمليات بسبب وعورة المنطقة وصعوبة نقل الآليات. وقال المصدر «في عمليات الهجوم أنت بحاجة إلى قوة كبيرة على عكس المدافعين المتمرسين في الكهوف وعلى المرتفعات، لذلك فإن العمليات صعبة جداً».
وأمام الخروقات التي حققها الجيش، أصدرت الفصائل المتشددة و «الجهادية» المقاتلة على هذه المحاور نداءات استغاثة، كما أعلنت عن «النفير العام في ريف اللاذقية»، الأمر الذي قد يعطي تصوراً عن أهمية هذه الخروقات في الخريطة الميدانية التي تميل تدريجياً لمصلحة قوات الجيش السوري الذي بدأ يقضم المناطق التي يدخلها ويهضمها تدريجيا على خلاف عملياته السابقة التي زاد عددها على 15 عملية خلال العامين الماضيين انتهت بانسحابات من دون تثبيت، ما يعني أن التكتيك اختلف، وأن قرار حسم أمر خاصرة الساحل قد اتخذ بالفعل.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد