رقيب لكن حنون يقلل الرقص والشرب ويجتث «النقد الهدام»
كيف تمت مراقبة المسلسلات الدرامية في التلفزيون السوري ؟ وما مقدار هامش الحرية المُتاح للتعبير عن الرأي بكل وضوح وجرأة ؟ ما سبب رفض عرض عدد من الأعمال ؟ ألأنها مست محظورات رقابية أم ترى الجرأة لديها انقلبت إلى فجاجة ؟ ثم أليس العمل المرفوض عرضه على شاشاتنا سيعرض على شاشات أخرى .. كيف يتم التعامل مع هذه الفكرة ؟ وما مقدار استخدام مقص الرقيب في الأعمال التي سُمح بعرضها ؟ أيقف الحق إلى جانب أصحاب العمل مهما جاء في عملهم أم إلى جانب لجان الرقابة ؟ ثم أتحذف وتشطب وترفض الرقابة حباً بالشطب والرفض أم أن هناك أسباباً جوهرية لذلك ؟..
تساؤلات كثيرة وضعناها بين يدي مدير رقابة البرامج في التلفزيون السوري المسؤول عن رقابة البرامج والمسلسلات المعروضة على الشاشات السورية الثلاث الأستاذ سهيل صالح , ومعه كان لنا هذا اللقاء :
< ما أسباب رفض أعمال قُدمت لتُعرض على الشاشة السورية في رمضان ؟
هناك مسلسل (أيام الولدنة) الذي تمت مراقبته من قبل لجنتين وتم رفضه لأن الموضوعات المطروحة فيه (وفقاً لرأي اللجنة الرقابية) تسيء ولا تُطَرح ضمن إطار النقد السليم وإنما ضمن إطار نقد التجريح, علماً أن هذا العمل رافقه تسويق إعلامي لا يعكس مضمونه السلبي , عموماً هناك أعمال قبلناها ولم نحذف منها كلمة وجرأتها توازي جرأة (أيام الولدنة) .
أما مسلسل (أحقاد خفية) فتمت مراقبته لمرتين ولم يكن مرفوضاً بشكل كامل وإنما كان بحاجة لبعض المونتاجات (وفق رأي اللجنة) وينتهي الأمر إلا أن الشركة المنتجة لم ترضَ بإجراء المونتاجات علماً أننا سلمناها التقرير في شهر تموز .
< هل تقصد بالمونتاجات أن يتم حذف بعض المشاهد ؟
حذف المشاهد المسيئة للمواطن السوري .. مسيئة بشكل الصورة وبالموضوع نفسه , فعلى سبيل المثال ينتهي العمل بمشهد فيه إساءة للناس و البلد إضافة لكل ذلك تشعر أن الأعمال تجري أحداثها في هوليوود ففي جزء كبير منها هناك قتل وضرب وعصابات ومخدرات وأسلحة .. وهذا العمل بالذات تشعر أن جميع هذه الأمور والأكشن موجودة فيه علماً أنه بصيغته الإخراجية جميل .
< إلى أي مدى حُذِفت مشاهد من الأعمال الأخرى التي تمت الموافقة عليها ؟
ليس هناك حذوفات فإن لم يكن المشهد مسيئاً لا يتم حذفه , قد يكون هناك إظهار لمشاهد الشرب والرقص بشكل كبير عندها يتم التخفيف منها بينما النقد لا نحذفه نهائياً , فعلى سبيل المثال ماذا يفيد العمل وضع مشهد مدته عشر دقائق عبارة عن رقص فقط ؟.. يكفيه دقيقتان , فالمشهد الذي فيه رقص ويفيد درامياً لا نحذفه لكن هناك شركات تعتمد هذه الطريقة في تصوير المشاهد من أجل الإطالة أما الحذوفات السياسية فمن النادر وجودها ولا نحذفها إن كانت بناءة لا بل من النادر أن تجد حذفاً .
< عندما تحذفون مشهداً أو ترفضون عملاً هل هناك مرجعية أخرى ؟
إن اعترضت الشركة المنتجة يتم تشكيل لجنة ثانية وثالثة ورابعة .. لا بل يتم تشكيل لجان مختصة ومحايدة من خارج الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لإعادة رقابة هذه الأعمال , علماً أننا غالباًَ ما نكون أخف وطأة من اللجان الأخرى .
< كيف يمكن تفسير رفضكم لعمل وقبول محطة أخرى له ؟
معايير الرقابة تختلف من بلد لآخر , الرقابة عندنا يهمها ألا يكون هناك تجريح للمواطن , فنحن لم نمنع أي نقد لا بل هناك أعمال تقدم نقداً قوياً لكنه بناء بقيت كما هي , لكن بالمقابل ستجد أعمالاً تشعر أنها تهينك ومثل هذه الأمور ينبغي ألا تُعرض , النقد السياسي إن كان بناء لم يحذف منه شيء لكننا حذفنا ما يجرح منه فقط . فلا نحذف لمجرد الحذف , واللجنة لا تحذفه فوراً وإنما تضع إشارة عند المشهد ونعود ونشاهده مرة أخرى ونناقشه فإن كان لا يستوجب الحذف لا نحذفه .
<إلى أي مدى يبقى في ذهن الرقيب أن المشهد الذي حذفته سيعرض على فضائية أخرى وبالتالي ما الفائدة من حذفه ؟
هذا الأمر في ذهننا منذ البداية , ولكن المشاهد المسيئة ينبغي على الشركة ألا تصدرها للخارج ولكنهم يصدروها بطرقهم الخاصة , عموماً ما يهمني هو البلد والمواطن وشاشة البلد وكلنا في الرقابة نعمل وفق هذا الأساس .
< هل اختلفت طريقة عمل الرقابة هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية ؟
الرقابة دائماً شفافة ومنظمة لكن الذي تغير هذا العام أن الإدارة كانت شفافة وطلبت تقييمات الأعمال منذ البداية .
<الواسطات هل لعبت دورها في الرقابة ؟
لم يكن لها مكان نهائياً ..
على أي الأسس تم تقييم المسلسلات ؟ وهل لعب هذا التقييم دوراً في توقيت عرضها ؟.. يقول : التقييم يلعب دوراً في ذلك فالعمل الجيد جداً أو الممتاز ينبغي أن يأخذ فترة عرض أفضل من غيره , عموماً لن أقول أن هناك كمالاً في التقييم ولكنه صحيح لدرجة (80 90%) . لكن ما يلعب دوراً في التوقيت أيضاً تكرار وجوه الممثلين الأبطال في الأعمال فكيف ستضع مسلسلاً لبطل في قناة وتضع له في التوقيت نفسه مسلسلاً في القناة الأخرى ؟.. فتضطر لأن تباعد فيما بينهما ..
كيف تتم آلية الرقابة داخل اللجان ؟ وكيف تمت مراقبة أعمال رمضان ؟.. يجيب بالقول : ( لدينا أربع لجان للرقابة كل منها مؤلفة من خمسة أعضاء ومهندس ليرى الحالة الفنية للعمل , ودائماً في اللجان هناك أشخاص مختصون في الإخراج والتأليف وميدان علم النفس واللغة العربية (إن كان البرنامج يحتاج ذلك) إضافة لأشخاص سياسيين حاصلين على ماجستير أو دكتوراه في العلاقات العامة والسياسة . وأرى أن وضع اللجان ممتاز حتى أنها ترى العمل أكثر من مرة وأحياناً يناقشون مشهداً لمدة نصف ساعة لكي يقروه . منذ أن وصلنا أول عمل لرمضان أصبح الدوام من الساعة السابعة صباحاً وحتى الثانية صباحاً , لكن المشكلة أن الأعمال تصل متأخرة ولا يرسلون الحلقات كاملة منذ البداية ) .
وحول إن كان تأخير إرسال الحلقات كاملة للرقابة يعتبر نوع من ممارسة الضغط عليها من قبل الشركات إذ يصبح التلفزيون ملزماً بعرض العمل بعد بدء عرض حلقاته الأولى أكد الأستاذ سهيل أنه ليس هناك من ضغط لأن العمل من حلقاته الأولى يظهر إن كان فيه ما يبرر منعه كاملاً , أما إن كان العمل بحاجة لبعض المونتاجات الخفيفة فتحدث بوقتها .
لدى تقييم المسلسلات من قبل اللجان حصرت أغلبها بين تقيمي (جيد) و(جيد جداً) والغلبة كانت للجيد .. ولكن لماذا لم يكن لمرتبة ممتاز حضوراً لافتاً ؟.. يقول : برأي أن الخط الذي انتهجته أغلب الشركات كان الأكشن , فغالباً في رمضان تجد أن هناك موضة تارة تكون التاريخي وأخرى الكوميدي وهكذا , وفي هذه السنة أغلب الأعمال كانت أكشن (مخدرات , تهريب , أسلحة ..) حتى أن طريقة الإخراج والتصوير وكأنهم استقدموها من هوليوود كما في الأفلام الأميركية , فتحس أن هذه الأعمال ليست من عندنا وحتى موضوعاتها فيها بعض النماذج القريبة من واقعنا لكنها ليست هذه قصصنا .. وبالتالي مثل هذه الأعمال كيف ستأخذ علامة ممتاز ؟..
فؤاد مسعد
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد