دمشق: تفاؤل محدود بعملية سياسية.. ودفع لفعالية ميدانية

22-06-2015

دمشق: تفاؤل محدود بعملية سياسية.. ودفع لفعالية ميدانية

لم تؤثر التغيرات الميدانية التي حصلت في أيار وحزيران من عقلية القيادة السياسية في سوريا، ولم «تبدل في الثوابت» القائمة على «تسوية مستندة للحوار السوري - السوري»، متزامنة كمسار «مع شراكة دولية للحرب على الإرهاب».
وفيما يحضر الجيش لخطوات جديدة «تزيد من الفعالية الميدانية» وفقا لما قالته مصادر مطلعة ، ترغب دمشق في حصول «تحرك سياسي» لضخ الدم في عروق التسوية السياسية، بعد أشهر من السبات.
وطلب السوريون من موسكو تحريك هذا المسار مجدداً، علماً أن دمشق لم تشعر بأن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا «قادر على إطلاق علمية سياسية قريبا». ووفقا لمصدر مطلع على مشاورات المبعوث الأممي في دمشق الأسبوع الماضي، فإن المسؤولين السوريين لم «يَنْتَبْهُم الشعور بأن الرجل ذاته لديه ثقة بإمكانية تحريك هذا المسار في الوقت الراهن».
وفيما نوه دي ميستورا بالجهود التي يقوم بها فريقه، ومحاولات «تجميع المعارضات السورية وتوحيدها» التي تقوم بها دول إقليمية، ذكَّرت دمشق ضيفها بأهمية المسار الذي «بني في موسكو، والنتائج التي توصلت إليها محادثات جولتين منه».
بدوره، لم يقدم دي ميستورا «تصورات يمكن البناء عليها»، وأعادت دمشق أمامه ثوابتها «بخصوص تحقيق تقدم في حل الأزمة، والقائمة على تسوية مستندة لحوار سوري - سوري»، وضرورة «تحرك جدي دولي بالتعاون مع دمشق لمكافحة الإرهاب».
وحرص المسؤولون السوريون في لقاءاتهم مع المبعوث الأممي على عكس «تمسكهم بهذه الثوابت»، وذلك في مواجهة أي تصور محتمل لديه حيال «الانتكاسات الميدانية التي حصلت للجيش السوري» وتأثيرها على «المواقف السياسية للحكومة».
وقال مسؤول سوري، إنه « لا تغيير في الرؤية ولا في الثوابت»، بالرغم من «التطورات العسكرية التي حصلت في الأسابيع الأخيرة»، لكنه أضاف: «أنه ثمة حاجة في الوقت ذاته لتحرك باتجاه التسوية».
ويحصل هذا التحرك الذي تُرِك لموسكو أن تنظمه مجدداً، مع جهود تحصل على المستوى الميداني، رفض المصدر توضيح طبيعتها، ولكنها موجهة لـ «الزيادة الفعالية الميدانية للجيش» و «تحقيق إنجاز ظاهر على جبهات محددة» من دون تفاصيل إضافية.
ويتبع الجيش إستراتيجية أولويات في حربه ضد فصائل المعارضة، وأبرزها «جبهة النصرة»، فرع تنظيم «القاعدة في بلاد الشام»، من جهة و «داعش» من جهة أخرى.
وتقع دمشق في أعلى سلم الأولويات بالطبع، وتليها المنطقة الجنوبية التي تمتد من الحدود الأردنية إلى الحدود مع إسرائيل، فيما تراوح خطوط التماس الأخيرة بين فصائل المعارضة والجيش السوري في مناطق ريفي إدلب وحماه، وتمتد إلى مناطق الساحل التي تشهد هضابها تحصينات إضافية للجيش، لا سيما في مناطق حدود المحافظات الإدارية والتلال العالية.
وينفي مصدر، مطلع على هذه الترتيبات، وصول تعزيزات «لعناصر أجنبية كما راج مؤخرا» من دون أن ينكر تماماً وجود عنصر مشارك منذ فترة من الزمن على جبهات درعا وريف حلب، ودون تجاهل الدور الذي يقوم به عشرات المستشارين من إيران و «حزب الله» على الجبهات وفي المعسكرات القريبة منها، ولكن «دون أن يقترب كل هذا بأي شكل من الأعداد التي تم ذكرها، ودون أن يكون مستجدا».
وتقدر الحكومة السورية حتى اللحظة بأن «مخاطر الاستعانة بعنصر أجنبي لا زالت أعلى بكثير من مخاطر القتال بأعداد محلية محدودة»، وتراعي في هذا السياق «التعقيدات المذهبية» التي يمكن أن تنشأ وتتعمق بسبب هذا الأمر، إضافة إلى إمكانية خروج الأمور عن السيطرة، وصعوبة التنسيق بين الفرق الكثيرة التي ستنشأ في هذه الحالة، كما صعوبة تدقيق خلفياتهم الأمنية.
والحساسية المذهبية جوهرية، في تقديرات الحالة الراهنة، فوفقا لمسؤول سوري، مواكب للاتصالات الدولية، فإن «غاية دول إقليمية وقوى عظمى من هذه الحرب هو ترسيخ مفهوم الصراع الشيعي - السني في المنطقة»، الأمر الذي يزيد من خطورة «وجود العنصر الأجنبي»، كما يقود في النهاية إلى «تذويب القضايا الكبرى والهوية الجامعة بين العرب والمسلمين».
وما زال كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما، لصحيفة «نيويورك تايمز» في أيلول من العام الماضي، حاضراً في أذهان الكثيرين في العاصمة السورية. ويبدو حديث الرجل عن «أقلية سنية في العراق، وغالبية في سوريا يجب الاستجابة لتطلعاتها» جوهر الحرب التي تديرها غرف الاستخبارات الدولية والإقليمية على الحدود السورية.
وكان لافتا في هذا السياق أيضاً، كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منذ أيام، عن إمكانية قيام موسكو بدور لإقناع الرئيس السوري بشار الأسد بإصلاحات سياسية إضافية، رغم حديث الرجل علانية عن دعمه لقيادة الأخير لسوريا في الوقت الراهن.
ويقول المصدر السابق، في هذا السياق، إن واشنطن اشترطت رحيل رئيس وزراء العراق نوري المالكي كشرط مسبق للتدخل ضد «داعش»، ولكنها «تركت خليفته (حيدر العبادي) يتوسل الحصول على سلاح وفعالية عسكرية» لمقاتلة عدوه أيضاً. وهو ما يزيح، وفقا للمصدر، صدق فرضية «تسوية دون الرئيس (الأسد)» التي يسوقها خصوم النظام كشرط مسبق لمكافحة الإرهاب.
ويضيف أن المسؤولين الأميركيين في الكواليس يعرفون بأن «الأحجية بسيطة للغاية» في ما يتعلق بمكافحة «داعش» أو «جبهة النصرة»، وعناصرها موجودة و «تتمثل بوجود دولة تعمل، ورئيس نافذ الصلاحيات، وجيش صامد منذ أربع سنوات»، وهي «عناصر يمكن لغيابها أن يعني ضياع سوريا والمنطقة»، معتبراً أن غاية الولايات المتحدة حتى اللحظة هي «الاستنزاف المدروس»، وترسيخ «الفوضى الجهادية الحاصلة».
ورغم ذلك يعــلق بأن «الإرادة ما زالت موجودة، ولم تتــزعزع رغم ما جرى مؤخــرا»، وهــذه «الحرب، مثلما هي ليست مع طــرف واحد، إلا أن مسارها لا يحــدده طرف واحد أيضا»، وهو ما يعــني أنها تبقى «مفتوحة على كل الاحتمالات».

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...