خلافة داعش الجديدة ومملكة الله التي أعلنها المسيح

09-07-2014

خلافة داعش الجديدة ومملكة الله التي أعلنها المسيح

الجمل- رَس ويللين- ترجمة: د. مالك سلمان:

أعلنت "الدولة الإسلامية في العراق والشام" مؤخراً عن تشكيل خلافة جديدة – أو إمبراطورية، إن شئتم – تتكون من الدول القائمة في العالم الإسلامي. وسيكون زعيمها أبو بكر البغدادي الخليفة – أو الإمبراطور، إن شئتم. أنا أقرأ حالياً كتاب: " زيلوت: حياة وأزمنة عيسى الناصري" لرضى أصلان (راندوم هاوس، 2013) ويخطر لي أن إعلان "داعش" لايختلف عن إعلان المسيح عن "مملكة الله" التي يتزعمها، كما البغدادي، هو نفسه.

زيلوت: في الأصل، أحد أعضاء طائفة يهودية قديمة عُرفت بمقاومتها الشديدة للسيطرة الرومانية على فلسطين. تستخدم هذه الكلمة اليوم، في اللغة الإنكليزية، لتوصيف شخص فائق الحماس، أو شديد التعصب لشيء ما، وبشكل خاص: الوطني المتعصب.   - المترجم

أين بالضبط ينتمي المسيح وتلاميذه على ميزان التطرف الديني؟ للإسلام جهاديوه السنة، وفي الصين "اليغور" المتشددون. وللبوذية "حركة 969" في بورما التي تهاجم مسلمي "الروهينغيا" وفي سيريلانكا "القوة البوذية" التي تستهدف المسلمين أيضاً. ولدى الولايات المتحدة أصوليوها المسيحيون الذين يقتلون الأطباء الذين يجرون عمليات الإجهاض. الكمية التي تقتلها كل من هذه المنظمات مختلفة، من شخص واحد في المرة الواحدة إلى المئات وحتى الآلاف (9/11) في المرة الواحدة. لكن القتل يبقى قتلاً.

بالعودة إلى الأزمنة القديمة، يكتب أصلان أنه قبل المسيح بألف سنة:

" ... قضى الله أن يقتل [اليهودُ] كل رجل وامرأة وطفل يصادفونه ["عليكم ألا تتركوا أي شيء يتنفس حياً"]، وأن يذبحوا كل ثور وعنزة وخروف يصادفونه، وأن يحرقوا كل مزرعة، وكل حقل، وكل محصول، وكل شيء حي بلا استثناء لكي يضمنوا بأن الأرض ستكون حكراً على أولئك الذين يعبدون هذا الله الواحد دون غيره.

وعلى غرار المتطرفين الدينيين، قطعوا أنوفهم لتشويه وجوههم، في هذه الحالة عبر قتل الدواجن والمواشي والدواب وتدمير المزروعات التي كان بمقدورهم أن يضعوا أيديهم عليها ويفيدو منها. (وبالطبع، غطى على ذلك، بعد 2000 سنة، أفضع نوع من أنواع الجهاد: الحملات الصليبية التي قتلت، خلال أكثر من 200 سنة، حوالي 200,000 إنساناً.)"

هناك تشابه آخر بين المسيح والمجموعات المتطرفة الإسلاموية الحديثة يتمثل في التفريق بين "العدو القريب" و "العدو البعيد". فبالنسبة إلى الإسلامويين، العدو القريب هو الأنظمة الكافرة في الشرق الأوسط والعدو البعيد هو الولايات المتحدة والغرب. تكتفي بعض المجموعات بمواجهة العدو القريب مثل "طالبان" و "القاعدة" في مراحلها الأولى؛ أما المجموعات الأخرى، مثل "القاعدة" في مراحلها المتقدمة، فتقرر استهداف العدو البعيد. بدأت "داعش/داعس" بهز سيفها باتجاه العدو البعيد، والولايات المتحدة بشكل خاص. لم يكن تركيز المسيح على العدو البعيد – روما، التي كانت تهيمن على المؤسسة اليهودية – بل على العدو القريب، أي المؤسسة اليهودية نفسها، وخاصة "كايافاس"، الكاهن الأعلى.

بالطبع، يشذ المسيح وتلامذته عن المجموعات المتطرفة الإسلاموية الحديثة في مسألة اللجوء إلى العنف. انتظروا – هل كان المسيح عنيفاً؟ يدخل أصلان في صلب هذا الموضوع:

" ’مملكة الله‘ هي دعوة إلى الثورة، ببساطة ووضوح شديدين. وأي ثورة، وخاصة الثورة التي تقوم ضد إمبراطورية دمرت الأرضَ التي خصصها الله لشعبه المختار، يمكن أن تحدث بلا عنف وسفك للدماء؟ ... السؤال هو: هل كان المسيح يشعر بنفس الطريقة؟ هل كان يتفق مع زملائه من المخلصين المنتظرين ... أن العنف ضروري لإحلال حكم الله على الأرض؟ وهل كان يتبع عقيدة ’الزيلوتيين‘ في ضرورة تطهير الأرض بالقوة من كافة العناصر الأجنبية كما أمر الله في الكتاب المقدس؟ [تعتري المرء القشعريرة لمجرد التفكير بأن المسيح كان يؤمن بذلك حقاً.]

يمكن أن يكون هذا هو السؤال الأهم بالنسبة إلى أولئك الذين يحاولون الفصلَ بين يسوع التاريخي ويسوع المسيحي. إن توصيف المسيح الشائع كصانع سلام عنيد "أحبَ أعداءَه" و "أدارَ الخدَ الآخر" قد انبَنى في معظمه على تصويره كمبشرٍ غير سياسي بلا أي اهتمام، أو معرفة، بالعالم المضطرب سياسياً الذي كان يعيش فيه. لقد ثبُتَ أن صورة المسيح هذه مفبركة تماماً. إذ كان ليسوع التاريخي موقف أكثر تعقيداً تجاه العنف. لايوجد هناك دليل أن يسوع نفسه قد روجَ للأعمال العنيفة. لكنه، بالتأكيد، لم يكن داعية سلام. "لاتظنوا أنني جئتُ لأجلبَ السلامَ إلى الأرض. لم آتِ لأجلبَ السلامَ، بل السيف." (ماثيو 10:34/لوقا 12:51).

ليس بوسع المرء إلا أن يتخيلَ سبباً واحداً لاختيار يسوع – من بين جميع المخلصين/ المتمردين في التاريخ اليهودي – لبناء دين يتمثل في استخدامه النادر للعنف. وكان ذلك سيعجب كتابَ الكتاب المقدس الذين حاولوا نشرَ معتقداتهم دون أن يستثيروا عداءَ روما التي كانت مؤخراً قد جوَعت مواطني القدس، وأحرقتها بشكل كامل، وذبحت سكانَها.

وبما أن ثورة يسوع لم تؤدِ إلى مقتل أحدٍ بشكل مباشر (سوى مقتله هو)، فلذلك لا يمكن مقارنتها بالجهادية. وربما يكون من الدقة أن نفكرَ فيها بصفتها نوعاً من النشاط السياسي العنيف، الذي تجاوز – على سبيل المثال – الأفعال التي قام بها الأخوان بيريغان، أو حركة "ترانسفورم ناو بلاوشيرز". من المحتمل أن يكون بعض التلاميذ مسلحين بالسيوف عندما قام يسوع بالهجوم على الصرافين (تصريف العملة) عند مدخل "معبد القدس" ثم قاموا، بعد دخولهم إلى المعبد، بالاستيلاء على الحيوانات من أجل التضحية بها.

كما استلَ التلامذة السيوف عندما تم اعتقال يسوع في "حديقة غيثسيمين" وحدثت بعض الإصابات. لو تمكن المتطرفون الدينيون اليوم، هذا عداك عن المتمردين من كافة الأصناف، فقط من الحد من هذا العنف الذي يمارسونه كما فعل يسوع. ففي النهاية، كانت الشهادة على الصليب أكثر فعالية وتأثيراً من الشهادة بواسطة العمليات الانتحارية.

 http://www.smirkingchimp.com/thread/russ-wellen/56697/isis-new-caliphate-and-christ-s-kingdom-of-god-were-christ-and-his-followers-early-jihadists

تُرجم عن ("سميركينغ تشيمب"، 2 تموز/يوليو 2014)

الجمل

التعليقات

هذه المقالة عبارة عن دس السم في الدسم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...