خطة أمريكية جديدة لاستثمار فزاعة النووي الإيراني

23-07-2009

خطة أمريكية جديدة لاستثمار فزاعة النووي الإيراني

الجمل: تطرقت التحليلات السياسية إلى السيناريوهات المتوقعة لجهة قيام الولايات المتحدة الأمريكية بمواجهة الملف النووي الإيراني وتطرقت هذه السيناريوهات المتوقعة إلى الخيار العسكري وخيار العقوبات وخيار التعايش ولكن ما لم يتوقعه أحد تمثل في سيناريو موازنة القدرات النووية الإيرانية.
* معطيات السيناريو الجديد:
تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قائلة أن الولايات المتحدة الأمريكية تضع قيد النظر والدراسة حالياً إمكانية إقامة "مظلة دفاعية" من أجل حماية حلفائها الشرق أوسطيين من الخطر النووي الإيراني، وأشارت كلينتون مؤكدة أن الولايات المتحدة ستبذل قصارى جهدها من أجل منع إيران من الحصول على القدرات النووية ولكن إذا استمرت إيران في برنامجها النووي أصبح حصولها على القدرات الحربية النووية أمراً واقعاً فإن الخيار الأفضل المتاح للولايات المتحدة سيكون نشر القدرات النووية الأمريكية في المنطقة لحماية حلفاء واشنطن وحماية المصالح الأمريكية الحيوية.
هذا، وتقول التسريبات الاستخبارية الأمريكية أن الخطوط العامة لاستراتيجية واشنطن إزاء إيران تشهد هذه الأيام تحولاً نوعياً كبيراً لجهة الانتقال باتجاه اعتماد توجه جديد وتقول التسريبات أن الخبراء الأمريكيين فاضلوا بين الخيارات الآتية:
• خيار الإجراءات الوقائية: ويتضمن السعي لمنع إيران من الحصول على القدرات النووية إما عن طريق العمل العسكري أو عن طريق العقوبات.
• خيار الإجراءات العلاجية: ويتضمن السعي من أجل التعامل الواقعي مع وجود القدرات النووية لدى إيران عن طريق موازنة هذه القدرات بما يحقق توازن معادلة الردع لشامل والدمار الشامل المؤكد.
حالياً تشير التسريبات إلى أن خبراء الإدارة الأمريكية أكثر ميلاً لتفضيل خيار الإجراءات الوقائية.
* لماذا خيار نشر القدرات النووية الأمريكية في المنطقة؟
القيام بعملية إسقاط القوة العسكرية البرية والجوية والبحرية في الشرق الأوسط ظل يشكل حلماً سعت لتحقيقه الإدارات الأمريكية بكافة توجهاتها وعلى ما يبدو فقد كان واضحاً أن واشنطن وجدت في استخدام "الخطر النووي الإيراني" الفزاعة المناسبة التي فتحت أمامها نافذة الفرصة لنشر قدراتها العسكرية النووية وبشكل مكثف في الشرق الأوسط. وتأسيساً على ذلك، يمكن الإشارة إلى أن نشر القدرات النووية الأمريكية في الشرق الأوسط سيتيح لواشنطن الحصول على المزايا النسبية الآتية:
• توسيع نطاق انتشار القواعد العسكرية الأمريكية في المناطق ذات الأهمية والحساسية الفائقة إزاء السيطرة على النظام الدولي.
• وضع منطقة الشرق الأوسط بشكل نهائي تحت السيطرة العسكرية الأمريكية بما يجعل من هذه المنطقة "تابو" محرم على القوى الدولية الأخرى كروسيا والصين والاتحاد الأوروبي.
• وضع إيران تحت دائرة السيطرة الأمريكية بما يتيح لواشنطن لاحقاً القيام بعملية "احتواء" النظام الإيراني.
• تثبيت وتعزيز قدرات القيادة العسكرية الوسطى الأمريكية بما يتيح لها قدرة أكبر في السيطرة على المسرح الشرق أوسطي والردع والحسم السريع  لكافة أشكال وأنواع المهددات الماثلة والمحتملة.
إضافة لذلك، تقول المعلومات أن شركات السلاح الأمريكية وبقية كيانات المجمع العسكري الصناعي الأمريكي ظلت تمارس الضغوط على الإدارات الأمريكية والكونغرس الأمريكي والبنتاغون لجهة عدم اللجوء للخيار العسكري ضد إيران، واعتماد مبدأ موازنة القدرات العسكرية – النووية الإيرانية بنشر المزيد من القدرات العسكرية – النووية الأمريكية، لأن دراسات الجدوى التي تفحصها خبراء هذه الشركات أكدت أن الشركات العسكرية الأمريكية وكيانات المجمع الصناعي الأمريكي ستحصل على إيرادات مالية لا مثيل لها إذا ما استطاعت واشنطن توظيف فزاعة الخطر الإيراني وجر بلدان الشرق الأوسط وتحديداً بلدان الخليج إلى سباق تسلح إقليمي واسع النطاق يتم على خلفية قيام واشنطن بنشر قدراتها العسكرية في المنطقة طالما أن ذلك معناه:
• بيع المزيد من العتاد والأسلحة الأمريكية المتطورة لدول لخليج.
• إلزام دول الخليج بتمويل نفقات القواعد العسكرية الجديدة.
• إلزام دول الخليج وبقية حلفاء أمريكا العرب بالدخول في روابط واتفاقيات استراتيجية مع واشنطن تكون تماماً على غرار اتفاقيات حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي ظلت على مدى 60 عاماً تفرض القيود والالتزامات على بلدان غرب أوروبا.
• إشعال حرب باردة جديدة في الخليج العربي والشرق الأوسط بشكل يتيح لأمريكا ربطها مع الحرب الباردة في الباسفيك ضد الصين والحرب الباردة في وسط وشرق أوروبا ضد روسيا بما يفسح المجال أمام حرب باردة عالمية جديدة توفر الغطاء لمساعي واشنطن من أجل إعادة تشكيل الخارطة الجيو-سياسية العالمية.
• تعبئة بلدان الخليج وحلفاء أمريكا الشرق أوسطيين للانخراط إلى جانب واشنطن في المواجهات الدولية والإقليمية القادمة، وعلى وجه الخصوص المواجهة الأمريكية – الصينية والمواجهة الأمريكية – الروسية.
إضافة لذلك، أشار أحد التحليلات الأمريكية إلى أن لجوء واشنطن لخيار نشر المظلة العسكرية – النووية الأمريكية في الشرق الأوسط هو خيار يتضمن المزايا الآتية:
• توافر القدرات العسكرية – النووية في الخليج والشرق الأوسط هو توافر لن يؤدي إلى ردع واحتواء الخطر النووي الإيراني وإنما إلى ردع واحتواء القدرات العسكرية التقليدية العربية ومنعها من التحول إلى قدرات غير تقليدية.
• بناء تحالف عسكري في الخليج والشرق الأوسط تقوده أمريكا تماماً كما هو الحال في تجربة حلف الناتو.
إضافة لذلك، فإن إبقاء الخطر النووي لفترة طويلة قادمة هو الخيار الأفضل والأمثل بالنسبة لواشنطن لجهة استخدامه كغطاء لتنفيذ أحد أهم المخططات الأمريكية الساعية للسيطرة على العالم، وبالتالي كلما كان الخطر الإيراني موجوداً كلما وجدت المبررات لاستخدامه كغطاء في تنفيذ متطلبات عملية التضليل الاستراتيجي الواسعة النطاق ضد بلدان المنطقة.
تأسيساً على ذلك، يقول الخبير الاستراتيجي الأمريكي فريدمان بأن استراتيجية الاحتواء التي سبق وطبقتها أمريكا في غرب أوروبا وتركيا خلال الحرب الباردة قد أتاحت لأمريكا السيطرة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية على الأوروبيين والآن فقد آن الأوان لاستخدام معطيات استراتيجية الاحتواء هذه ضمن صيغة جديدة معدلة لجهة تفعل إسقاطها على منطقة الخليج والشرق الأوسط.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...