حملة وطنية لمكافحة فيروس الطائفية اللبنانية
يشارك صحفيون لبنانيون ووسائل إعلام محلية في ما يسمونها حملة طموحة لمكافحة الفكر الطائفي الذي يقسم لبنان إلى 19 جماعة دينية. وتظهر هذه الأيام على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال LBC إعلانات متنوعة تندد بالفكر الطائفي, وتشدد على أهمية الانتماء إلى الوطن وليس إلى الطائفة.
ومن هذه الإعلانات شباب يظهرون على الشاشة للتعريف بأنفسهم, فيقول كل واحد منهم اسم بلده, عدا اللبنانيين الذين يعرفون بأنفسم حسب طوائفهم, وينسون أن يذكروا أنهم لبنانيون, فيخجل كل واحد من نفسه, ويختتم الإعلان بالقول "متى نصبح لبنانيين".
إعلان آخر يظهر على LBC يظهر أرقام سيارات فارهة كتب عليها "درزي", "روم كاثوليك", "سني", "شيعي".. إلخ, ثم ينتقل المشهد إلى سيارة محطمة كتب على لوحتها "لبنان", ويتساءل الإعلان متى سيتذكر المواطن بلده وينسى انتماءه الطائفي.
لقد نجحت هذه الإعلانات في توجيه الحوار داخل الصالونات نحو درجة السوء التي انحدر إليها مستوى التفكير الطائفي. وحفزت ناشطين آخرين على أن يحذو حذوها, فكثفوا حملات دعائية تندد بالطائفية في الصحف وعبر الإنترنت. ومن هذه المنظمات "خايفين عالوطن" التي دعت عبر اعتصامات وحملات إعلانية, إلى اصطفاف وطني لا طائفي لإنقاذ لبنان من أزماته.وعن حملة LBC قال مدير الأخبار في المحطة جورج غانم إن المحطة تهتم بالمواطن, ولا تريد أن تكون طرفا في الخلاف كما يحصل مع محطتي "المنار والمستقبل مثلا".
وأوضح أن المؤسسة اللبنانية تعبر من خلال حملة التوعية غير المباشرة, عن رفضها لما تقوم به الأطراف الطائفية, مشيرا إلى أن الإعلانات هي محاولة لتذكير المشاهد بخطر الفكر الطائفي. وأضاف أنها تنكأ بين الحين والآخر الجرح لتنجح في تحقيق تحسن على المدى البعيد.
وأكد غانم أن المحطة تدعم جهود الجماعات المنددة بالطائفية, وترحب بالناشطين أمثال الصحفي نصري صايغ صاحب فكرة برنامج "كلنا للوطن". وأضاف أن هذه الحركات بحاجة لرعاية مالية, لكن الظروف المالية الصعبة والحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان منعت مثل هذه المنظمات من الاستمرار. وقال إن مؤيدي صايغ كانت لهم رواسب حزبية وطائفية سابقة, فلم يتمكنوا من الاستمرار في مساعيهم.
وقال متأسفا إن محطات أخرى طلبت منهم مواكبتها في حملاتها, لكن المؤسسة رفضت. وأوضح أن "المنار والمستقبل مرتبطتان بميزانيات الجهات الداعمة لهما, وموظفوهما بالتالي يخضعون لإرادة القائمين على المحطتين". أما عن LBC فقال إن توجهاتها مختلفة وتبقى ملتزمة بالمضي في حملتها.
أما الصحفي نصري الصايغ الذي يكتب في صحف ذات توجهات طائفية وسياسية مختلفة لتحذير اللبنانيين من خطورة الانزلاق في فخ الطائفية, فيصف ما يحدث بأنه "جنون", لكن "المشكلة أقوى, والتدخل السياسي أقوى, والتدخل الأجنبي أقوى".
وأوضح أن الطائفية "فيروس يستحضره الساسة حسب الرغبة, لأن اللبنانيين متعايشون بسلام, أما موضوع الطائفية فيحتاج إلى زمن لتجاوزه".
وفي رد على سؤال بشأن أسباب عدم دعوة القنوات الأخرى لتحذو حذو LBC، قال إبراهيم عوض نائب رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع, إن الدور الاستشاري للمجلس يمنعه من هذا الأمر, مشيرا إلى أنهم حذروا وسائل الإعلام والقيادات الدينية من التعاطي بأسلوب طائفي مع الأزمة.
وأكد أن المجلس رفع إلى مجلس الوزراء مذكرة مفصلة عن تعاطي الإعلام مع سلاح الطائفية وإثارة الفتن والتفرقة, وحذر من أن تنحدر الأمور إلى مستوى يؤثر على السلم الأهلي.
وقال "إن ما نشاهده الآن على وسائل الإعلام يعكس حالة العبث السياسي, ونتخوف من أن ترتفع نسبة الاستغلال الطائفي في المشكلة وأن يتغلغل التوجه المذهبي داخل النفوس ويصبح الموضوع أكثر تعقيدا, لكننا نعول على خدمة العقلاء الذين لم يخل لبنان منهم".
واختتم بالقول "إن جميع وسائل الإعلام اللبنانية دون استثناء تقوم بتجاوزات وإن بنسب متفاوتة", نافيا تهم بعض المحطات للمجلس بأنه منحاز لتيار المعارضة. وقال إن "غياب الرقابة والتوزيع الخاطئ والمحاصصة للمحطات التلفزيونية، أدت إلى حالة فقدان السيطرة على الإعلام".
زياد طارق رشيد
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد