12-12-2017
حصل علـى البكالوريا وإجازة الهندسة تزويراً.. وأصبـح مديـراً..!
تعرف عليها عبر الهاتف منذ حوالي ثلاثة أشهر.. أخبرته بأنها مطلقة وأنها تعيش بمفردها في بيتها بجرمانا.
تكررت المكالمات الهاتفية المطوّلة بينهما، وخاصة مساء، وحين علمت أنه يريد إقامة علاقة جنسية معها طلبت منه مبلغ خمسين الف ليرة لتتمكن من تسديد إيجار منزلها وإيفاء بعض ديونها فوافق على طلبها، ووافقت هي بدورها على طلبه.
واعدته بالقرب من منزلها في الشارع الذي تسكن به في جرمانا لتلتقي به هناك ومعه المبلغ المطلوب ولتصطحبه الى منزلها، حيث سيكون اللقاء الاول بينهما..
كان في الطريق اليها ووصل الى شارع القريات بجرمانا، وقف هناك ينتظر سيارة أجرة لتقله الى المكان المتفق عليه وبيده كيس نايلون أزرق ووردي بداخله المبلغ المطلوب ومبالغ اخرى. في تلك الأثناء التقت نظراته مصادفة بنظرات أحد أفراد دورية شرطة تقف في المكان.
الارباك الذي أصابه استدعى انتباه وفضول عناصر الدورية فاقتربوا منه وطلبوا بطاقته الشخصية للتعرف عليه..وفي لحظة تقديم بطاقته لهم أتاه اتصال هاتفي فازداد ارباكا، ما زاد شكوكهم أكثر، فسألوه عن محتويات كيس النايلون الذي يحمله، وهنا أصبح الرجل بالألوان.
فتح رجال الدورية الكيس فتبين انه مليء بالأوراق النقدية من فئات الألف ليرة والخمسمئة ليرة الإصدارين القديم والجديد..
لا شيء يبدو غريبا حتى هذه اللحظة.. فلماذا الارتباك الذي أصابه اذاً!؟
تم التدقيق أكثر بإحدى الرزم النقدية.. و كانت المفاجأة!! رزمة من فئة الخمسمئة ليرة الاصدار القديم عددها 32 ورقة جميعها تحمل الرقم ( 855888)
تم فتح رزمة ثانية من فئة الألف ليرة القديمة وفيها (72) ورقة وجميعها تحمل الرقم (3344229)
وبفتح رزمة ثالثة من فئة الألف ليرة الجديدة وعدد اوراقها (130) ورقة تبين أنها جميعها أيضا تحمل رقما واحدا هو (1646420).. وكذلك بقية الأوراق النقدية، كل رزمة تحمل رقما واحدا.
في أثناء التفتيش والتدقيق لاحظت الدورية اتصالا متكررا يأتيه من رقم واحد دون ان يرد، فطلبوا منه الاتصال بصاحب الرقم وتحديد مكانه ليأتي إلى نفس المكان لعله شريك له في التزوير.. وما هي إلا دقائق وإذا بها قد وصلت الى المكان.
إنها المرأة التي اتفق معها على دفع مبلغ (50) الف ليرة مقابل العلاقة بينهما بحسب قوله.
المرأة: خدعني
وبالتعرف على شخصية تلك المرأة تبين أنها تدعى (ن.ر.ت) مواليد الشاغور (1991)، حيث قالت: تعرفت عليه من خلال الهاتف وأخبرته أنني مطلقة، كان يتصل بي كثيرا، وخاصة مساء، وبعد عدة اتصالات طلب مني إقامة علاقة فطلبتُ منه أن يدفع لي مبلغ (50) ألف ليرة فوافق، ولذلك أنا وافقتُ على طلبه.. وكان اليوم موعد لقائنا الأول ليدفع لي المبلغ ومن ثم اصطحبه معي إلى منزلي، ولكن تم إلقاء القبض علينا.
وعن الأموال المزورة قالت: لا أعلم أنه يعمل في تزوير العملة، فأنا لم ألتق به من قبل، لكنني الآن علمت انه كان يخدعني بدفعه مبلغا مزورا لي.
طريقة التزوير
بالعودة إلى مزور العملة، واسمه (م.ع.ز) مواليد (1973) دمشق - الميدان، ويسكن في قدسيا، وبسؤاله عن الأموال المزورة ومصدرها قال:
منذ عام ونصف تقريبا راودتني فكرة ان أصبح غنيا، وقادني تفكيري الى تزوير العملة.. وللقيام بهذا العمل اشتريت طابعة (سكنر) نوع EBSON لون أسود عالية الجودة والدقة، واشتريت أيضا كمية من الورق الخاص لهذه الغاية ومقصا كبيرا خاصا بهذا الموضوع من منطقة البرامكة بدمشق، وبدأت عملي بالطباعة والتزوير في منزلي بمنطقة قدسيا.
تصريف العملة المزورة
وعن طريقة تصريف العملة المزورة قال: كنت أقوم بذلك من خلال تجوالي في الأسواق ومراقبة المحلات التجارية، فحين أرى في المحل بائعا صغير السن أدخل وأشتري ما أريد وبمبالغ كبيرة لأنه لا يدقق..
وكذلك حين يكون البائع كبيرا بالسن كنت ادخل وأشتري.
كذلك كنت أُدخل بعض الأوراق المزورة بين أوراق نقدية صحيحة من نفس الفئة وأسلمها لموظفين لقاء تسديد مبالغ مالية أو فواتير.
يطمح بمنصب المدير
يطمح بأن يصبح مديرا عاما.. ولكن الأمر مستحيل بحسب الأنظمة والقوانين، لأنه لا يحمل شهادة جامعية.. ولا حتى ثانوية. هو يريد أن يحقق رغبته بأي طريقة.. فما الحل؟.. هل يدرس ثانوية عامة ثم يدخل الجامعة..؟؟
إنه مشوار طويل، وعمره تجاوز الأربعين.. ثم إنه قد لا يفلح في ذلك، فهو ليس ممن يضيعون أوقاتهم بالدراسة.
هل يتخيل أحدكم بأن هناك حلا سحريا لمعضلته ينقله بين ليلة وضحاها من شخص حاصل على الصف التاسع فقط الى شخص حائز على إجازة جامعية؟!!
دعونا نسمح لخيالنا بأن يفترض أنه قادر على إيجاد الحل السحري لهذه المعضلة.. فمن الذي يضمن له منصب المدير، ومن الذي وعده به ؟!!
هل تصيبكم الدهشة إن أخبرتكم بأنه حصل خلال (24) ساعة على شهادة الثانوية العامة - الفرع العلمي، وبالعلامة التي يريدها وعلى الاجازة الجامعية - قسم الهندسة الميكانيكية والكهربائية.. ليس ذلك فقط، بل استلم موقع المدير أيضا!!
تابعت تفاصيل الموضوع بالتنسيق مع قسم مكافحة التزوير والتزييف بفرع الأمن الجنائي بريف دمشق.
تعالوا نتابع كيف حدث الأمر وكيف أدى كشف ملابساته الى اكتشاف أكثر من خمسين حالة تزوير أخرى مشابهة!!.
تفاصيل الحكاية
بدأت الحكاية بتاريخ 11/10/2017 عندما قدم أحد الاشخاص المعلومة الى قسم مكافحة التزييف والتزوير في فرع الأمن الجنائي بريف دمشق مع صورة (قال إنها مزورة) عن إجازة بالهندسة الميكانيكية والكهربائية ومنسوبة لجامعة دمشق لشخص يدعى (م.هـ.ع)
وللتأكد من صحة الإجازة الجامعية قام فرع الأمن الجنائي بمخاطبة جامعة دمشق - كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية فتبين أنه لا يوجد للمدعو (م.هـ.ع) اي قيد في سجلات جامعة دمشق وأن الشهادة المذكورة مزورة جملة وتفصيلا.
الملازم أول عروة السعود قال لـ: بدأنا البحث والتحري عن الشخص المذكور (م.هـ.ع), (وسأسميه العنصر الأول في الحلقة ) فتبين بأنه يعمل مديرا في إحدى الجهات التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.. أحضرناه إلى مركز الفرع مع سيارته الخاصة نوع مرسيدس وعثرنا بحوزته على مسدس حربي عيار 8.5 ميكاروف مع مخزنين وست عشرة طلقة حية وبطاقة حمل سلاح صادرة عن محافظة دمشق.
وبالتحقيق معه اعترف بحصوله على شهادة الهندسة المزورة المذكورة مع شهادة الثانوية العامة الفرع العلمي بعدة نسخ مصدقة بطريقة التزوير عن طريق شخص يدعى (ح.ش) وهو (العنصر الثاني في الحلقة) مقابل مبلغ قدره مليون وثلاثمائة الف ليرة، وذلك بهدف تحسين وضعه في العمل وليتم نقله وتعديل وضعه الوظيفي إلى الفئة الأولى.
وبدأنا البحث عن (ح.ش) الذي قدم له الشهادة المزورة، وتم إلقاء القبض عليه وإحضاره لمركز الفرع، وبالتحقيق معه اعترف بأنه أحضر الشهادة المذكورة المزورة عن طريق شخص يدعى (أ.ق) مقابل ثلاثمائة الف ليرة.
ومن خلال البحث والتحري عن (أ.ق) وهو (العنصر الثالث في الحلقة) استطعنا إلقاء القبض عليه في منطقة البرامكة بدمشق وتم إحضاره لمركز الفرع مع سيارته السائحة الخاصة نوع دايو.
وبالتحقيق معه اعترف بقيامه بإحضار الشهادة المزورة من شخص يدعى (ر.م.د) مقابل مبلغ مئتين وخمسة وعشرين ألف ليرة. واعترف أيضا بإقدامه على تزوير بعض الوثائق عن طريق شخص يدعى (و.خ).
القبض على المزوّر
ومن خلال البحث عن (و.خ) وهو (العنصر الرابع في الحلقة)، تمكنا من إلقاء القبض عليه في منزله في منطقة نهر عيشة وبتحري منزله أصولاً عثرنا على عدد كبير من الأوراق غير النظامية المنسوبة للدوائر الحكومية مثل وكالات خاصة وإجازات جامعية ومصدقات تخرج وإجازات سوق وشهادات ثانوية عامة مزورة وعدد كبير من الصور الشخصية وصور عن بطاقات شخصية، وعثرنا أيضاً على أوراق ملونة خاصة بالطباعة، يتم استخدامها بالتزوير، وعثرنا أيضاً على لابتوب لون أسود (نوع ديل) وجهاز كمبيوتر عبارة عن شاشة لون فضي نوع HP ومعالج كيس (نوع LG) وطابعة لون أسود (نوع HP) ولوحة مفاتيح وجهازي سكنر، الأول (نوع HP) والثاني (نوع كانون) وعثرنا على علبة بضمنها كروت بلاستيكية لون أبيض تستخدم بتزوير البطاقات بكافة أنواعها وعثرنا على ختم تواريخ.
اعترافات
- وبالعودة إلى المتهم (أ. ق)، (العنصر الثالث في الحلقة)، فقد اعترف أيضا بإقدامه على إحضار( 6) إجازات سوق مزورة من المدعو (و. خ).. ( العنصر الرابع في الحلقة )لأشخاص من: حلب ودمشق وريف دمشق مقابل مبلغ مالي وقدره خمسة وعشرون الف ليرة سورية عن كل إجازة سوق.
كما اعترف أيضاً بإقدامه على تزوير بطاقة شخصية لامرأة من مواليد حمص عام 1974 اسمها (م. ح. ن) وذلك بطلب من شخص يعمل معقب معاملات يدعى (م. ك) مقابل مبلغ خمسين الف ل.س.
كما اعترف بإقدامه على إحضار نسختين مزورتين من خلاصة السجل العدلي (غير محكوم ) من الموقوف (و. خ) الاولى لشخص اسمه (م. ن ج ) تولد 1989 الكويت. والثانية لشخص اسمه (ا. م. غ) تولد 1983 طرطوس مقابل مبلغ وقدره خمسة وعشرون الف ل.س عن كل خلاصة سجل عدلي.
- كما اعترف بإقدامه على تأمين شهادات الثانوية العامة المزورة من (و. خ) (العنصر الرابع في الحلقة ) لـ(22) شخصا (4 إناث و18 ذكرا) من مدن ومحافظات مختلفة مقابل مبلغ خمسة وسبعين الف ل.س عن كل شهادة.
التربية: الشهادات مزورة
وتمت مخاطبة وزارة التربية لبيان صحة الشهادات المذكورة وتبين أن جميع الشهادات مزورة وغير صحيحة.
كما اعترف بإقدامه على تأمين مصدقات تخرج جامعية مزورة لـ(25) شخصا (9 إناث و 16 ذكرا) في اختصاصات مختلفة، منها الحقوق والفنون الجميلة والاقتصاد والهندسات والإعلام والعلوم والطب والآداب.
كما اعترف بإقدامه على إحضار كشوف مزورة بالمقررات والعلامات بأسماء ( 11) شخصا باختصاصات الهندسات والاقتصاد والحقوق.
التعليم العالي: الشهادات مزورة
وتمت مخاطبة الكليات المذكورة لبيان صحة الشهادات والمصدقات فتبين بأنها جميعها غير صادرة عنها وإنها مزورة، كما اعترف بإقدامه على تزوير الحاشية المنسوبة لكاتبي عدل الجوادية والمالكية المدونة على (6) وكالات خاصة.
المصدر: هلال عون - الثورة
إضافة تعليق جديد