حرب حمص المحدودة بين التسوية والاقتحام
«ما صح قبل عام لا يصح الآن» يصف مسؤول حكومي بارز، جهود التسويات التي تنفذ في قسم كبير من ريف دمشق، وحمص بشكل أساسي، وذلك نتيجة تقويم الجيش السوري لتفوقه في ميزان القوة في تلك المناطق.
نداء الاستغاثة الأخير الذي أطلقته مجموعات معارضة في حمص، ووصفته بـ«البوست الأخير» على «فايسبوك» يثبت هذا التفوق، بعد حصار متمكن منذ عامين على الأقل لمنطقة حمص القديمة، والتي تحولت أطرافها الآن إلى جبهات، «لا أمل فيها» للمتحصنين وفق تعليق المصدر.
نداء الاستغاثة الأخير وجه إلى قيادات المعارضة في حي الوعر الذي يعيش وضعا مستقرا نسبيا، وإلى مناطق «الريف الشمالي (مثل الرستن وتلبيسة) بشكل خاص، وإلى كل حر يحمل السلاح في عموم سوريا». يصيح النداء «حمص المحاصرة تستغيث بالله أولا، وتطالبكم بالتحرك العاجل والفوري بتحريك جبهاتكم، وتخفيف الضغط عن إخوتكم المحاصرين».
ويختم المستغيث «ساعدونا ولو بالنشر لسوء الاتصالات عندنا. يا أمة محمد هبي لنصرتنا قبل فوات الأوان. هاجموا الأحياء الموالية. تحركوا إلينا قبل فوات الأوان ».
ويعلق المسؤول الحكومي على هذه اللهجة بأنها دلالة جديدة «للمعنويات المنهارة» على تلك الجبهة، وذلك مع اختلال موازين القوى، وتمكن الجيش من السيطرة على القسم الأكبر من محافظة حمص وريفها.
وتعاني الألوية المحاصرة في حمص القديمة من حالة حصار محكمة، تمنع الماء والدواء والسلاح.
ورغم أن محافظ حمص طلال البرازي عاد وأكد من جديد أن 80 في المئة من تسوية حمص قد تمت، وان ما بقي «تفاصيل، ربما تحسمها المعركة الدائرة»، إلا ان ثمة من يرفض الخروج من دون شروط لا يمكن للجيش قبولها.
ووفقا للبرازي فان جناحين للتسوية، الأول في حي الوعر، والثاني في حمص القديمة. ويرتبط الجناحان بجسد واحد لاعتبارات متقادمة، بينها أن غالبية النازحين من مناطق النزاع القديمة، مثل بابا عمرو وباب سباع والخالدية استوطنوا هذا الحي، وظل للعديد من مقاتليه ارتباطات بمن في حمص القديمة.
لذا يفترض بالتسوية المتعثرة حتى الآن ان تحسم قضية الحيين معا. لكن تعثر التسوية، تظهر ملامحه في وجه المعركة الدائرة. يقول مصدر ميداني، متابع بشكل مباشر لتطورات حمص، ان «المعركة القائمة ليست معركة اقتحام حمص القديمة الآن، وإنما تقدم ميداني لإغلاق كافة نقاط التسلل الجديدة» من طرفي الحميدية وجورة الشياح، مفسرا أن هذا يعني التقدم والاستيلاء على المزيد من الأبنية وتحصينها، وهكذا دواليك. أما عملية الاقتحام فتنتظر «انهيار التسوية نهائيا، أو انهيار الطرف الآخر بشكل تام». وكلا الأمرين محتمل.
وبالنسبة للثاني، يعتبر المصدر أن الانشقاقات التي حصلت في صفوف المجموعات المسلحة، منذ شهرين وحتى الآن، هي خير دليل على فقدان هذه المعركة جدواها بالنسبة لمن في الداخل.
وميدانيا، ثمة عوائق أمام دخول الجيش الى المنطقة، أهمها التحصينات التي تمت اقامتها خلال عامين، من التمترس في الأحياء القديمة، ذات الحجر البازلتي السميك، والأقبية والأنفاق التي حفرت. لذا يمكن للاقتحام أن ينتظر، بينما تستهدف المدفعية والطيران أحياء باب هود والورشة وجورة الشياح والحميدية ووادي السايح وبستان الديوان والقرابيص والقصور، وذلك من دون استثناء أن قيادة الجيش «لا تستبعد مفاجآت كالتي حصلت في قلعة الحصن أو معلولا، حين تم وضع برنامج للمعركة من عدة ايام، لكنها انتهت خلال ساعات».
ويقول البرازي، من جهته، ان تقديرات الأجهزة الأمنية تشير إلى «وجود بضع عائلات فقط من الدائرة الأقرب لقادة المجموعات في الداخل»، وأن مصير هؤلاء سيرتبط بشكل أساسي بمصير القادة. وأمس استهدف الطيران والمدفعية ثلاث مناطق في حمص القديمة، ودمرها بالكامل، أحدها كان مقرا إعلاميا، اضافة الى بناءين آخرين كانا نقطتي تمركز عسكريتين. وسبق ذلك تفجير ثلاث عبوات في أحياء «موالية» في حمص، كما أطلقت عدة صواريخ وقذائف هاون على تلك الأحياء.
ويرى المصدر الميداني أن هذا جزء من «حواريات» الحرب التي تجري، وهو بمثابة «حدة عملياتية» ترافق أي تطورات جذرية تحصل، بينها العملية العسكرية الجارية في الحي القديم من جهة، ومحاولة الوصول إلى تسوية من جهة أخرى.
تسوية يقول البرازي إن القسم المتبقي منها مرتبط بشروط قادة بعض المناطق للخروج بالسلاح وامتيازات أخرى معينة، منوها بأن «الجيش لا يقبل بأن تفرض عليه شروط تسوية في معركة ينتصر تدريجيا بها». وبحسب المصدر الميداني أيضا فإن «شروط التسوية الحالية، تختلف عن تلك التي كانت موجودة قبل عام».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد