جولة الانتخابات الأفغانية الرئاسية وترويض المجتمع والنخب السياسية
الجمل: ستبدأ غداً الخميس 20 آب 2009 جولة الانتخابات الرئاسية الأفغانية،ـ وتتفق معظم التحليلات الأمريكية والغربية أن ما هو مهم فيها لا يتمثل من سيفوز بالرئاسة وإنما في ترويض المجتمع الأفغاني والنخب السياسية الأفغانية على التعاطي بالمفاهيم الديمقراطية.
* تأثير الانتخابات على العملية السياسية الأفغانية:
بسبب الصراع العسكري الدائر في الساحة الأفغانية فإن العملية السياسية الأفغانية تتميز بالازدواج، وبكلمات أخرى تقع المناطق التي تسيطر عليها حركة طالبان وحلفاءها ضمن نطاق العملية السياسية التي تسيطر على مقاليدها حركة طالبان وزعيمها الملا محمد عمر بينما تقع المناطق الأفغانية الواقعة تحت سيطرة القوات الأمريكية وقوات الناتو وحلفائهم ضمن نطاق العملية السياسية التي تسيطر على مقاليدها حكومة الرئيس حامد كرزاي –المنصّب أمريكياً- وبكلمات أخرى أيضاً فإن هذا معناه أن الانتخابات الأفغانية ستتم حصراً في مناطق سيطرة الحكومة الأفغانية.
سعت حركة طالبان وحلفاءها منذ البداية ليس إلى رفض الانتخابات وإنما إلى العمل العسكري من أجل إعاقتها حتى في مناطق سيطرة الحكومة الأفغانية وقد شهدت الأيام الماضية حدوث المزيد من التفجيرات وعمليات القنص التي أوقعت المزيد من القتلى في صفوف العسكريين والمدنين ولكن برغم ذلك فإن عمليات التعبئة والفعاليات الدعائية الانتخابية ما تزال مستمرة ولا توجد أي مؤشرات تفيد لجهة أن الانتخابات سوف لن تنعقد وإضافة لذلك فمن المتوقع أن تشهد الساحة الأفغانية اليوم وغداً حدوث المزيد من العمليات العسكرية وعلى وجه الخصوص في العاصمة كابول والمدن الرئيسية الأخرى مثل قندهار وغيرها.
* ما هي النواتج المحتملة؟
تشير استطلاعات الرأي إلى أنه برغم تعدد المرشحين الرئاسيين فإن المنافسة الانتخابية ستكون حصراً بين طرفين هما:
• المرشح حامد كرزاي الرئيس الحالي الذي تقول آخر الاستطلاعات أنه سيحصل على 44% من الأصوات بسبب انتمائه للباشتون.
• المرشح عبد الله عبد الله وتقول آخر استطلاعات الرأي أنه سيحصل على 26% من الأصوات بسبب انتمائه المزدوج لقبائل الطاجيك وقبائل الباشتون.
تقول التسريبات انه لن يستطيع أي واحد من المرشحين الرئيسيين الحصول على نسبة أغلبية مطلقة (50%+1) المطلوبة لحسم الانتخابات من الجولة الأولى والسبب في ذلك سيتمثل في الآتي:
• ضعف الإقبال على التصويت بسبب المعارضة الشعبية الواسعة ضد الوجود الأجنبي والنظام الأفغاني الحالي المرتبط بهذا الموجود.
• تشتت الأصوات بسبب الولاء القبلي بحيث من ينتمي لقبائل الباشتون سوف لن يصوت بالضرورة لقبائل الطاجيك والأوزبيك والهزار والتركمان وغيرهم.
• فعالية العملية النفسية التي بدأت بشنها حركة طالبان التي تفيد لجهة قيام عدد كبير من رجال الدين الإسلامي بإصدار الفتاوى الشرعية بتحريم هذه الانتخابات لأنها تنافي مبادئ الشريعة الإسلامية إضافة إلى أنها تتم تحت إشراف ووصاية من هم غير مسلمين وتقول المعلومات أن المجتمع الأفغاني العميق التدين قد بدا أكثر استجابة وتأثراً بمفعول هذه الفتاوى الدينية.
الأكثر احتمالاً في الانتخابات الرئاسية الأفغانية هو إجراء جولة انتخابية ثانية وعلى الأغلب أن تتم هذه الجولة للتأثير على التنافس الانتخابي بين كرزاي والدكتور عبد الله، إضافة لذلك تشير التسريبات إلى أن أنصار المرشح كرزاي استعدوا للقيام بإنفاق المال السياسي اللازم لشراء الأصوات بما يكفي لفوز الرئيس كرزاي بولاية رئاسية جديدة.
* سيناريو ما بعد الانتخابات:
برغم الاحتمالات القائلة بأن الرئيس القادم سيكون هو نفسه الرئيس الحالي حامد كرزاي، فإن هناك تسريبات تقول أن واشنطن تفضل عدم فوز كرزاي لكن فقط إذا كان الفرق بين كرزاي ومنافسيه صغيراً، وتشير التحليلات إلى أن الفارق البسيط في الأصوات سيتيح لواشنطن اللجوء لاستخدام وتوظيف آلية تصعيد الاحتجاجات المدنية والشعبية بما يخلق انطباعاً عاماً بوجود مشاركة شعبية مدنية حقيقية في العملية السياسية إضافة إلى أن محفزات هذه الاحتجاجات ستساعد في استقطاب المزيد من المعارضين لحامد كرزاي وإدماجهم بطريقة أخرى ضمن سياق العملية السياسية الأفغانية.
إضافة لذلك، تشير التوقعات إلى أن سيناريو ما بعد الانتخابات الأفغانية سيتضمن الآتي:
• توسيع العملية العسكرية الأمريكية الجارية حالياً في جنوب أفغانستان.
• تنسيق جهود مكافحة التمرد التي تقوم بها القوات الباكستانية في مناطق القبائل مع جهود القوات الأمريكية وقوات الناتو والقوات الأفغانية الجارية حالياً في جنوب أفغانستان.
• توسيع نطاق استخدام الاغتيالات المستهدفة من أجل القضاء على زعماء التمرد الأفغاني والباكستاني باعتبارهم يمثلون "البنيات التحتية" التي ظلت تمارس نفوذها الديني والسياسي على السكان المحليين.
• السعي لبناء التحالفات القبلية في أوساط الأفغان المعارضين لحركة طالبان الأفغانية وفي أوساط الباكستانيين المعارضين لحركة طالبان الباكستانية.
• بناء المزيد من القواعد العسكرية الأمريكية استعداداً لإبقاء الوجود العسكري الأمريكي لفترة أطول. وتقول المعلومات أن مصادر البنتاغون أكدت أن القوات الأمريكية ستبقى في أفغانستان لفترة لن تقل بأي حال من الأحوال عن 15 عاماً قادمة.
على أساس الاعتبارات الإقليمية تقول المعلومات أن المبعوث الأمريكي الخاص لمنطقة شبه القارة الهندية (هولبروك) يسعى حالياً لإعداد الترتيبات اللازمة لإنجاح التفاهم الهندي – الباكستاني لدفع الطرفين من أجل اعتماد تصور موحد لمستقبل أفغانستان بما يتيح تعاون إسلام آباد ونيودلهي مع جهود واشنطن الرامية إلى "تثبيت أفغانستان" بشكل نهائي ضمن دائرة السيطرة الأمريكية بما يعزز قدرة واشنطن أكثر فأكثر على استخدام أفغانستان كقاعدة انطلاق في استهداف مناطق غرب الصين ودول آسيا الوسطى الخمسة وإيران.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد