ثمار فلاحي حَضَر... من الشجر إلى الأرض!
تنطلق من دمشق إلى القنيطرة جنوباً لتظهر انعكاسات الحرب القاسية على واقع السكان. هناك يرزح المدنيون تحت وطأة البعد عن «عصب» العاصمة وخطر المسلحين المحيط، وما بين المشاريع التي تحاك للمنطقة الجنوبية.
يستميت أهالي قرى سفح جبل الشيخ والقنيطرة للبقاء في المناطق التي لا تزال «آمنة». تبدو حضر في أقصى الجنوب السوري، على الحدود مع مجدل شمس المحتلة، كقلعة حاضرة في أخطر ميادين المعارك. شرقي البلدة، تقع بيت جن، المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالجماعات المسلحة على اختلافها.
جنوبها تقع جباثا الخشب، نقطة وصل الريف الجنوبي للقنيطرة بقرى جبل الشيخ بالنسبة للمسلحين، وفي الغرب والشمال يحيط بها العدو الإسرائيلي حيث مراصده واضحة المعالم في أعلى القمم المحيطة بالقرية. تجتمع تلك العوامل في إطار هدف واحد هو السيطرة على تلك القرية لربط مناطق وجود المسلحين في أقصى الجنوب السوري بسفح جبل الشيخ. وتهدف أيضاً إلى إضعاف المواطن السوري في أبسط حقوقه، إذ مثلاً، بات عمل أهالي حضر كفلاحين منتجين خطراً تستهدفه صعوبات كبيرة.
ثلاثة عشر ألف نسمة يشكل الفلاحون النسبة الأكبر منهم مجموع سكان حضر، ما جعل البلدة من أولى المناطق المنتجة للفاكهة في سوريا. لكن الوجود المسلح في محيطها وعدم توفر المواد الزراعية كالسماد وصعوبة تأمين المحروقات، شكّلا العوامل الأساسية لانخفاض الإنتاج فيها إلى ألف طن من التفاح، وهي التي أنتجت في عام 2010 ما يقارب العشرة آلاف طن، عدا عن إنتاجها السنوي لما يقارب الـ 500 طن من التوت الشامي وألفي طن من الكرز.
40 بالمئة من الأراضي الزراعية لا يمكن الوصول إليها أو هي متضررة بسبب اعتداءات المسلحين المتكررة. «حمد الشعار»، أحد فلاحي القرية، أكّد أنه رغم ذلك لا يزال فلاحو حضر يعملون على الإنتاج في ظل كل المعوقات. ولعل أبرز ما يظلمون به، بحسب الفلاح، هو التسويق السيئ واستغلال التجار. سعر الكيلوغرام الواحد من التفاح لحظة إنتاجه يباع للتجار بعشرين ليرة سورية، ليقوموا بتسويقه في دمشق بأسعار مضاعفة. كما أن عدم وجود برادات كافية يجبر الفلاحين على خسارة مئات الكيلوغرامات من إنتاج أراضيهم.
«إن عدداً من التجار يقومون باستغلال الفلاحين، كما أن التكاليف العالية لعملية التسويق تزيد من المعاناة. حمولة 2 طن ونصف من حَضَر إلى دمشق قد يبلغ أجرها أكثر من 35 ألف ليرة سورية، مقابل ربح قليل جداً للفلاح»، يروي «مرسل البصار» أحد مسوقي الفاكهة.
بدوره، يشير رئيس الجمعية الفلاحية، صابر حسون، إلى أنّه «نسعى لتأمين المتطلبات الأساسية للفلاحين من سماد ومحروقات. قمنا بتسجيل الأسماء وننتظر لحظة الحصول على المواد الدوائية والأسمدة المناسبة»، ليأتي كلامه مع كلام أهالي البلدة تأكيداً على أنّ «مديرية زراعة القنيطرة» تتحمّل جزءاً من مسؤولية هدر حقوق الفلاحين، مطالبين المحافظة بإيجاد حلول للتسويق والتبريد والتخزين من خلال فتح براد كبير من قبلها، كون البرادات الأربعة في داخل القرية لا تكفي لاستيعاب الإنتاج، ووضع حد لعمليات الاستغلال.
حيدر مصطفى
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد