تمرّد في "الجزيرة"
"إعلاميو مصر يطالبون بطرد مراسل قناة "الجزيرة" عبد الفتاح فايد من المؤتمر". هذا ما قاله أحد الصحافيين واقفاً بالأمس، قبل انطلاق المؤتمر الصحافي لوزارتي الدفاع والداخلية في القاهرة، للإعلان عن تفاصيل الأحداث التي شهدها محيط مقرّ الحرس الجمهوري. وبالفعل خرج مراسل "الجزيرة" لتتعالى هتافات الصحافيين الحاضرين، "برّه برّه".
تلك كانت إحدى تداعيات تغطية "الجزيرة" للأحداث المصريّة، بعدما اعتبرها جزء كبير من المصريين أنّها "تحرض على الجيش وتتحدث بلسان جماعة الإخوان المسلمين". وأبرز تلك التداعيات، موجة استقالات غير مسبوقة في صفوف العاملين في القناة.
"التغطية المنحازة للإخوان" كانت سبب استقالة الإعلامي كارم من قناة الجزيرة مباشر مصر، أمس الاثنين. واعتبر كارم محمود أنّ القناة "اشترت "الإخوان" وباعت الشعب المصري". كما أعلن مراسل "الجزيرة" في محافظة المنيا حسن عبد الغفار استقالته من القناة أمس أيضاً، بسبب "الضغوط التي مورست علي خلال الفترة الأخيرة، بهدف إظهار وجهة نظر بعينها مغايرة لما يحدث على أرض الواقع، وتشويه الحقيقة، وبث أخبار مغلوطة بخصوص تعدّي النظام الحالي على أعضاء جماعة "الإخوان"، وإظهار شباب الثورة، وشباب حركة "تمرّد" على أنّهم ممولون من الخارج، ولديهم أجندات خاصة يريدون تطبيقها بمساعدة القوات المسلحة والتي ساعدتهم في إسقاط الرئيس المعزول مرسي"، على حد تعبيره.
بدوره استقال مراسل قناة "الجزيرة مباشر مصر" والجزيرة الإخبارية حجاج سلامة، والذي أعلن استقالته في مداخلة هاتفية مع الإعلامية جيهان منصور على قناة "دريم"، وذلك بسبب ما قال أنّه "الطريقة العدائية التي تتعامل بها القناة في تغطية الأحداث في الشارع المصري بصفة عامة". وأضاف سلامة: "كنت أعمل بقناة الجزيرة عندما كانت وطنية، أما الآن فهي تعمل لصالح جماعة الإخوان المسلمين وناطقة باسم الجماعة".
وبعده بساعات أعلن مراسل قناة "الجزيرة" في القاهرة، وسام فاضل، استقالته بسبب ما وصفه بـ "التضليل الذي تمارسه القناة وإذاعة صور قديمة للرأي العام المصري".
مسلسل الاستقالات طال أيضاً المذيعة فاطمة نبيل التي استقالت تضامنا مع زملائها المستقيلين، وللاحتجاج على سياسة القناة. وقالت نبيل في حديث صحافي إنّ "الجزيرة مباشر مصر" متحيزة لجماعة الإخوان على حساب الحقائق، وأنّ "المكتب الرئيسي في قطر أصدر تعليمات صريحة لمذيعي البرامج الحوارية في القناة لاتخاذ نبرة متحيزة للإخوان، وتحريف الأحداث بغض النظر عما يجري على أرض الواقع"، على حد تعبيرها.
واستقال أيضاً مساء أمس مراسل قناة الجزيرة مباشر مصر بمحافظة بني سويف محمد خلف أمين، مؤكداً أن سيطرة جماعة "الإخوان المسلمين" على القناة "جعلها بوقاً اعلامياً للجماعة، وليست وسيلة اعلام محايدة تنقل الحقيقة للناس". مؤكداً أنّ "القناة رفضت نقل المظاهرات المعارضة لمرسي في بني سويف، وطلبت نقل المظاهرات المؤيدة له فقط".
السفير حاولت الاتصال بأيمن جاب الله مدير قناة "الجزيرة مباشر مصر" لمعرفة رأيه في مسلسل الاستقالات، ليتبيّن أنّه غادر القاهرة إلى قطر. وكانت نيابة العجوزة، برئاسة أحمد رفعت، قد أخلت يوم الجمعة الماضي سبيل جاب الله، بضمان محل إقامته، مع تغريمه كفالة 10 آلاف جنيه في قضية بث القناة بداخل مصر دون تصاريح بالمخالفة لقانون الاستثمار. ومنحت النيابة أيمن جاب الله مهلة يومين، لاستكمال التراخيص، حيث تبيّن أن القناة تبث من القاهرة دون حصولها على جهاز SNG، الخاص بالبث من مدينة الإنتاج الإعلامي. وكانت النيابة العامة في مصر قد أمرت في الأسبوع الماضي بإلقاء القبض على مدير مكتب "الجزيرة" في القاهرة عبد الفتاح فايد، ثمّ أخلت سبيله بكفالة عشرة آلاف جنيه، بعد ساعات من التحقيق معه على خلفية اتهامات ببث مواد اعلامية تحرض على الفتنة (من بينها فيديو لمحمد مرسي يحرض فيه مؤيديه على استخدام العنف).
وأكد مصدر مسؤول في قناة "الجزيرة" الفضائية لوكالة "فرانس برس" أنّ عدداً من المنتسبين إلى مكتب "الجزيرة مباشر - مصر" تقدّموا "باستقالاتهم بسبب ضغوط مورست عليهم لكنه نفى حدوث اي استقالة من مكتب الجزيرة الاخبارية في مصر". وأضاف المصدر ذاته "يبدو أنهّم لم يتحملوا الخط المهني للجزيرة الذي يرفض الانصياع للضغوط، ويصر على الاستمرار في التغطية الاخبارية بنفس المهنية دائما بصرف النظر عن السلطة القائمة فقدموا استقالاتهم". وعبر المصدر عن "تفهم ادارة الجزيرة لموقف هؤلاء تحت الضغوط الكبيرة جداً التي يعانون منها والتي نعرف بعضها"، بحسب تعبيره.
أمّا مسلسل الاستقالات من "الجزيرة"، فيبدو أنّه سيطول ويستمرّ. علماً أنّ تلك هي التجربة الثانية للقناة في هذا السياق، بعد استقالات جماعيّة قام بها صحافيون في مكاتب بيروت ودمشق، احتجاجاً على سياستها في الملف السوري.
مصطفى فتحي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد