تاجر سلاح لبناني: الزبائن من كل الأطراف اللبنانية المتصارعة
وضع «أبو أحمد» (اسم وهمي ـــــ 66 عاماً) مجموعة من الشروط لمقابلته: الالتزام بما يطلبه منا، وتنفيذ «الأمر» حرفياً ومن دون «لفّ أو دوران»، وعدم إكثار الأسئلة أو «التذاكي» عليه في طرحها والالتزام بالجواب الذي يقوله حرفياً.
وبعد عدة مواعيد جرى تأجيلها، وصلت الإشارة النهائية منه: «بكرا بين التسعة والعشرة، عند مدخل ضيعة (...)».
وصلنا في الموعد إلى المكان المحدّد. لحظات ووصل أبو أحمد بسيارة لا تكاد تسير لقِدمها. أعطى إشارة من يده فلحقنا به على طريق وعرة أوصلتنا إلى غرفة صغيرة في مكان مهجور. أشار أبو أحمد إلينا بانتظاره داخل غرفة الصفيح. بعد أكثر من ساعة، رجع وطلب منا أن نلحق به. وصلنا إلى منزل فأدخلنا إلى غرفة وأقفل الباب علينا قبل أن يعود حاملاً بندقية كلاشنيكوف ومسدساً روسي الصنع، وبادر بالقول: «هلّق أنا جاهز. أهلاً وسهلاً وما تواخذوني على اللي صار لأنو الوضع الأمني حسّاس ونحن تحت المراقبة».
منذ متى وأنت تعمل في تجارة السلاح؟
ـــــ منذ الحرب حتى اليوم.
ومن أين تأتي بالسلاح؟
ـــــ السوق في لبنان مليئة بمختلف أنواع الأسلحة، وكنت أيام الحرب أشتري من الميليشيات. بعد الحرب تراجع بيع الأسلحة كثيراً، ولكن منذ أكثر من سنة ارتفع الطلب وكل الناس اليوم يريدون شراء أسلحة.
ولكن من أين تأتي بالسلاح لبيعه الى الناس؟
ـــــ اليوم نشتري من السوق المحلية، وإذا كانت الكمية كبيرة نتعاون كمجموعة تجار في ما بيننا ونوفر الطلب.
من يوفر لكم السلاح؟
ـــــ تهريب السلاح الى لبنان لم يتوقف يوماً.
كيف يدخل السلاح المهرب الى لبنان؟
ـــــ من البحر والجو والبر.
ولكن البحر مراقب وكذلك المطار؟
ـــــ هذا حكي صحافة فقط. هناك أحزاب وقوى سياسية يصلها السلاح موضّباً عبر المطار أو البحر.
مثل مَن مِن الأحزاب والقوى؟
ـــــ السلاح الذي يصل عبر المطار والبحر هو للموالاة، أما المعارضة فسلاحها يصل عبر البر.
وأنتم التجار من أين يصلكم السلاح؟
ـــــ نحن نشتري من السوق المحلية من تجار آخرين يصلهم السلاح عبر البر وأحياناً من البحر.
يعني من سوريا مثلاً؟
ـــــ هناك تهريب أسلحة من سوريا ولكن لا أعرف كيف يصل الى لبنان، وهناك أسلحة تصل من العراق. العراق هو مصدر السلاح الذي يصل الى لبنان، ويتم عبر البر الى سوريا فلبنان.
إلى من تبيعون السلاح في لبنان؟
ـ يومياً نبيع عشرات الرشاشات الى أشخاص.
مثل من؟
ـــــ أشخاص عاديون ولكنهم موالون لهذا الحزب أو فلان، ولكن في البداية كنا نبيع الى أشخاص فقط، أو الى نواب وشخصيات سياسية كان يحضر مرافقوهم لشراء الأسلحة لهم من أجل الحماية الأمنية.
من الموالاة أم المعارضة هؤلاء النواب والشخصيات؟
ـــــ من الطرفين، ولكن مرافقي الشخصيات أو نواب الموالاة هم الأكثر لأنهم بحاجة الى سلاح، بينما جماعة المعارضة لا يحتاجون إليه كثيراً.
لماذا؟
ـــــ عندهم سلاح ولا يحتاجون إليه.
هل بعت أسلحة الى أحزاب؟
ـــــ أيام الحرب كنا نبيع كثيراً الى الأحزاب، أما اليوم كما قلت نبيع الى أشخاص أغلبيتهم في الموالاة.
ما هي أنواع الأسلحة التي يشترونها منك؟
ـــــ كل شيء.. من المسدس الى مدافع الهاون.
من اشترى منك مدافع هاون؟
ـــــ لا أستطيع أن أقول لك.
من الموالاة أم من المعارضة؟
ـــــ اتفقنا أنني أردّ على الأسئلة بما يناسب.
ولكن هناك مدافع تُباع؟
ـــــ صحيح.. ولكن لن أقول لمن بعت مدافع هاون.
من أي أعيرة مدافع الهاون التي بعتها؟
ـــــ 120 ملم وبسعر 1200 دولار للهاون الواحد.
وغير مدافع الهاون ماذا بعت من أسلحة؟
ـــــ كل شيء تقريباً، كل أنواع المسدسات والبنادق الحربية ورشاشات دوشكا ومدافع هاون.
ومتفجرات؟
ـــــ لا، لا أبيع أنواعاً كهذه، فتخزين المتفجرات خطير جداً ونحن لا نعرف بهذا النوع. وأقول بصراحة إن المتفجرات لا نعمل بها ولا يوجد لها زبائن مثل الأسلحة الفردية.
وكيف الأسعار اليوم؟
ـــــ كل نوع له سعر وحسب وضعه، فإذا كان متوسط الحال فسعره شيء، وإذا كان غير مستعمل فله سعر أيضاً.
وما هو المطلوب الآن في لبنان، الجديد أم المستعمل؟
ـــــ حسب الزبون، هناك زبائن تريد بنادق جديدة وغير مستعملة، أي حسب وضعه المالي. ولكن معظم الزبائن يريدون كميات وتحديداً بنادق غير مستعملة.
مثل من؟
ـــــ جماعة الموالاة أغلبيتهم يريدون رشاشات غير مستعملة، وهناك زبائن من المعارضة أيضاً يشترون أسلحة غير مستعملة.
ما هي أنواع الرشاشات التي تبيعها؟
ـــــ كلاشنكوف وإم 16 ومسدسات من مختلف الأنواع.
هل أحد من عناصر التيار الوطني الحر اشترى أسلحة منك؟
ـــــ أبداً. حتى اليوم لم يأت أي «عوني» للشراء، هناك زبائن من أنصار تيار المستقبل ويفضّلون شراء «زخاروف» من تصنيع روسي أو عراقي، وأيضاً من أنصار القوات اللبنانية ويطلبون إم 16 مع كامل عدتها. والبارحة بعت 3 زخاروف «معدل في لبنان» لجماعة من المعارضة، وهناك ناس طلبوا مني اليوم 4 بنادق كلاشنكوف للحماية الشخصية وهم من مرافقي أحد نواب المعارضة.
كم مرة أوقفتك الأجهزة الأمنية؟
ـــــ أيام الوجود السوري في لبنان أُوقفت أكثر من مرة، وبعد انسحابهم أخضعتني الأجهزة الأمنية اللبنانية للتحقيق، ولكن لم «يكمشوا» عليّ أي شيء. عملنا اليوم حذر جداً لأننا مراقبون..
ولكن الشغل ماشي معكم؟
ـــــ يعني مش كتير!!
عفيف دياب- نقولا أبورجيلي
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد