تأسيس الجيش الكردي الموحد الجديد
الجمل: أعلن مسعود البرازاني, رئيس حكومة إقليم كردستان العراقي عن نواياه إزاء إقامة جيش كردي نظامي في إقليم كردستان, هذا, وبالرغم من وجود قوات البشمركه الكردية المسلحة, التي ظلت تمثل القوام العسكري الخاص بالفصائل والحركات السياسية الكردية, فإن إقامة جيش نظامي كردي, هو أمر يحمل المزيد من الدلالات والأبعاد الجديدة.
ماذا تقول المعلومات؟
أكدت المعلومات التي أوردتها بعض المصادر الاستخبارية الأميركية, عن قيام الزعيم مسعود البرازاني رئيس حكومة إقليم كردستان العراقي, بالتعبير عن نواياه إزاء إقامة جيش نظامي خاص بإقليم كردستان, وذلك بما يتضمن الآتي:
• تجميع وحدات البشمركه الكردية التابعة للفصائل الكردية ضمن إطار المستوى الموجود.
• إدماج الوحدات المسلحة الكردية, بحيث تشكل الفصائل العسكرية التابعة لحزب العمال الديموقراطي الكردستاني, والاتحاد الوطني الكردستاني العمود الفقري للجيش الموحد الكردي الجديد.
• أن يتبع الجيش الكردي الموحد الجديد لوزارة الدفاع ورئيس حكومة إقليم كردستان.
• أن يتم تنظيم الجيش الكردي الموحد, بحيث يأخذ شكل وصفة القوات المسلحة الكردية, بحيث تكون له قطعات في شكل كتائب وألوية وفرق, إضافة إلى هيئة أركان ومراكز تدريب كلية عسكرية.
• أن يتم اعتماد مذهبية بهذا الجيش تقوم على أساس اعتبارات المشاعر الوطنية الكردية.
• أن يتولى مسعود البرازاني منصب القائد الأعلى للجيش الكردي الموحد.
هذا وأكدت المعلومات, بأن مسعود البرازاني, قد بدأ تفاهماته مع حلفائه الخارجيين وعلى وجه الخصوص مع الولايات المتحدة الأميركية, بحجة القيام بتأييد الفكرة, والنظر في كيفية تقديم المساعدات اللازمة بواسطة أميركا و"غيرها",بحجة إنجاز مخطط بناء قوات الأمن الكردية, استمرار مخطط "بناء قوات الأمن العراقية".
ما المقصود بقيام "قوات مسلحة كردية":
تتكون القوات المسلحة النظامية, أي قوات مسلحة, من عتاد عسكري, وعناصر بشرية, ومذهبية عسكرية وقتالية, وإذا كان العتاد العسكري متوافر في إقليم كردستان, والعناصر البشرية متوافرة, ضمن ما عرف "قوات البشمركه" الكردية, فإن ما هو جديد وإضافي سوف يتمثل بالمذهبية العسكرية والقتالية التي سوف ينتجها ويعتمدها الجيش الكردي الموحد الجديد.
أبرز الملاحظات المتعلقة بالمذهبية العسكرية والقتالية الخاصة بالجيش الكردي الموحد الجديد, يمكن الإشارة إليها ضمن التساؤلات الآتية:
• بقوم المذهب العسكري والقتالي على أساس الخبرات والتجارب الحربية والقتالية المتراكمة, فما هي هذه الخبرات والتجارب, هل هي خبرات وتجارب القتال ضد الجيش العراقي, والجيش التركي والجيش الإيراني, أم شيء آخر لم يتحدد بعد.
• ترتبط المذهبية العسكرية والقتالية بالتنظيم, فما هو شكل التنظيم الخاص بالجيش الكردي الموحد الجديد, وما هو شكل قيادته, وكيف ستكون علاقة الوحدات بالفروع والقيادات الحكومة الإقليمية الكردستانية.
• ترتبط المذهبية العسكرية والقتالية بالصلاحيات والروابط والمسؤوليات والالتزامات وعلى وجه الخصوص ما يتعلق منها بالجوانب الأمنية والعسكرية, فكيف سيتم إسقاط ذلك على الجيش الكردي الموحد الجديد؟
• خلال المراحل الماضية كان توازن العلاقات المدنية-العسكرية في المجتمع الكردي, يقدم على أساس اعتبارات مفاهيم حرب العصابات, فكيف سوف يصبح توازن العلاقات المدنية-العسكرية هذه بعد قيام الجيش الكردي الموحد.
• تحدد المذهبية العسكرية والقتالية مدى حياد الجيش أو عدم حياده إزاء الخلافات والصراعات, فهل سيكون الجيش الكردي الموحد محايدا إزاء الخلافات الكردية-الكردية, أم أنه سوف لن يكون محايدا؟
وعلى أساس هذه الاعتبارات, سوف تتحدد منظومة «قواعد الاشتباك» التي سوف يعمل على أساسها الجيش الكردي الموحد الجديد, وأهم ما يتوجب أن تتضمنه هذه المنظومة الآتي:
• تعريف العدو: هل هو تركيا والجيش التركي, و إيران والجيش الإيراني, والعراق والجيش العراقي, وبقية الأطراف التي تتهمها الحركات الانفصالية الكردية بأنها تمثل عوامل التهديد لقيام الدولة الكردية المستقلة.
• تعريف الصديق: وهو بالتأكيد كل من يقوم بالدعم والسند للمشروع الكردستاني, ولما كانت أميركا وإسرائيل وبعض دول الاتحاد الأوروبي قد ظلت تقدم الدعم والسند للحركات الانفصالية الكردية, فهل يا ترى سوف تظل هذه القوة تندرج ضمن منظومة حلفاء الجيش الكردي الموحد الجديد, أم ماذا!
حتى الآن لم تتحدد الخطوط والملامح العامة لكيفية إنجاز مخطط إقامة جيش كردي موحد يعمل كقوات مسلحة كردية, ولكن على الأغلب أن يتعاكس قيام الجيش الكردي مع الكثير من المعطيات الإقليمية والمحلية الساندة في المنطقة.
الجيش الكردي الموحد: تأثير التنافس السياسي:
تفيد المعطيات إلى أن الفترة الماضية شهدت من جهة تزايد في نفوذ وقوة تيار الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود البرازاني, ويتمركز في منطقة أربيل, ومن الجهة الأخرى تراجعا وتآكلا في نفوذ وقوة تيار الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني ويتمركز في منطقة السليمانية, برغم تزايد قوة البرازاني, فإن صيغة اقتسام النفوذ على خط أربيل السليمانية, تقوم على أساس اعتبارات:
• تولي البرازاني منصب رئيس حكومة كردستان مقابل تولي الطالباني منصب الرئيس العراقي.
• اقتسام النفوذ الأمني,العسكري, بحيث تسيطر قوات البشمركه التابعة للبرازاني على منطقة أربيل الواقعة في النصف الغربي من كردستان العراقية, مقابل سيطرة قوات البشمركه التابعة للطالباني على منطقة السليمانية الواقعة في النصف الشرقي من كردستان العراقية.
تقول التوقعات بأن نفوذ تيار البرازاني سوف يكون الأكبر داخل الجيش الكردي الموحد المتوقع, وعندما يتم إدماج قوات البشمركه التابعة لجلال الطالباني فإن نفوذ البرازاني سوف يتيح تحول ولاء العديد من عناصر الطالباني باتجاه الولاء للبرازاني, وعلى هذا النحو فإن الطالباني سوف يكون الخاسر الأكبر في حالة قيام الجيش الكردي الموحد وفقا لشروط وإملاءات البرازاني.
وإضافة لذلك, حتى الآن, من غير المعروف, طبيعة العلاقة التي سوف تكون بين قوات الجيش الكردي الموحد المتوقع, وقوات الجيش العراقي, وكما نعلم, فإن الجيش العراقي هو المعني والمكلف دستوريا بمهمة الدفاع عن كامل التراب العراقي بما في ذلك إقليم كردستان, ولكن عندما تتم إقامة الجيش الكردي الموحد, فهل سيتم تكليفه حصرا بمهام الدفاع عن أراضي الإقليم, أم الدفاع عن كامل التراب العراقي, وبكلمات أخرى:
• إذا اندلعت أي حرب بين العراق والأطراف الأخرى غير ذات الحدود مع إقليم كردستان, فهل سيقاتل جيش كردستان الموحد مع الجيش العراقي, أم سيلتزم الحياد.
• إذا اندلعت أي حرب بين إقليم كردستان والأطراف الأخرى المجاورة لإقليم كردستان, فهل سيقاتل الجيش العراقي إلى جانب جيش كردستان الموحد, أم سيلتزم الحياد.
وإضافة إلى ذلك, ما الذي سوف يحدث, إذا نفذ جيش كردستان الموحد انقلابا عسكريا ضد حكومة أربيل, وما الذي سوق يحدث إذا نفذ الجيش العراقي انقلابا عسكريا ضد حكومة بغداد, وإضافة إلى ذلك أيضا, هل سيؤدي قيام الجيش الكردي الموحد إلى حصر خدمة الأكراد العراقيين العسكرية النظامية والوطنية ضمن صفوفه حصرا, وهل ستقبل الحكومة العراقية بأن تنحصر تأدية خدمة مواطنيها الأكراد العسكرية الوطنية والنظامية في صفوف الجيش الكردي الموحد حصرا!
كثيرة هي التساؤلات المحرجة, والتي سوف تظل بلا إجابات محددة, ولكن ما هو أكثر وضوحا, يتمثل في أن الجيش الكردي الموحد المحتمل ,سوف يكون بمثابة قوات مسلحة تحمل ملامح طموحات الزعيم مسعود البرازاني وتأسيسا على ذلك, فإن أولى مهام هذا الجيش سوف تتمثل في تجميع كل موارد القوة العسكرية الكردية تحت مظلة البرازاني, وترك الطالباني وغيره من بقية الزعماء في حالة انكشاف عسكري كاملة في مواجهة جيش البرازاني, والذي سوف لن تتردد أميركا وإسرائيل في تزويده بالأسلحة المتطورة والمعلومات الاستخبارية الدقيقة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد