بين السمين والمسكين ضاعت 100 ليرة
الجمل – شادي أحمد
سعر صرف الدولار: يعني ببساطة هو السعر الذي نشتري به الدولار مقابل الليرة أو بالعكس، يعني أن الدولار متاح لك بسعر وقدره حاليا 430 ل.س، وأينما توجهت ستجده متاحاً لك بهذا السعر. لكن سوف يعتذرون منك. لا ضير انخفض سعر صرف الدولار بمقدار 10%خلال يوم واحد فقط.
الذي حصل هو تخفيض سعر الحوالات بهذا المقدار ... ولكن إذا توجهت لشركة صرافة يجب أن تبيعني ما أريد من الدولارات بهذا السعر !!!
و لكن القرار ليس كذلك ...
بل إذا حول لي شخص مبلغ ما من الخارج سأستلمه بسعر صرف الحوالات.. وهذا يعني لن تقبض بسعر الصرف الجديد هو للحوالات فقط و ليس للأسباب التجارية و الاقتصادية ...
إذاً ... سعر الصرف الجديد هو سعر السوق السوداء ...هذه السوق الذكية الانتهازية التي خفضت السعر إلى ما دون الرسمي لأنها تعلم أنك لن تبدل سوى 100$
تعاقد التجار على سعر 500 ل.س للدولار وسوف يبيعون البضائع المستورة بسعر ال 500
المواطن السوري سيشتري بضائع بقيمة 500/ دولار،و سيكون دخله بقيمة 400 ل.س للدولار
نظريا هو يربح 100 ل.س و عمليا يخسر 100 ل.س.
إنجاز البنك المركزي بالحفاظ على 500 سينعكس سلبيا أمام سعر 400
و المستثمر الخارجي الذي كان سيأتي على دولار 500ل.س سيفكر أكثر أمام 400ل.س
و المواطن الذي خاف على مكتنزاته بسعر 500 سينتكس أمام 400
و القطاع العام الذي تعاقد على سعر 500 سيخسر أمام سعر 400
و الذي سيستفيد للعلاج و السياحة و التعليم ... لن يحصل على مراده ب 100$ بالشهر
مستوى الأسعار في سوريا الذي استقر على مستويات 500 سوف يتخلخل على 400
للحق ....تخفيض الدولار إلى 400 في السوق السوداء إنجاز
لكن الصراف الذكي سيحصد دولارات من المواطن المسكين ب 400 بينما اشترى المسكين ب 500
بين السمين و المسكين ضاعت 100 ليرة و هي يوميا ... مليار ليرة فرق
إذاً استطاع البنك المركزي أن يحافظ على سعر صرف مستقر نسبيا لمدة عام تقريبا دون أن يهدر دولارا واحدا على عكس سنوات التبذير السابقة ...
و كان من المفروض أن يرافق هذا الاستقرار النقدي استقرارا في الأسعار (أيضا نسبي) ولكن هذا لم يحدث، و لم تتطور عجلة الإنتاج بالشكل الذي يجعل هذا الاستقرار النقدي مدعوما اقتصاديا لذلك كان من المتوقع (أن يرتفع الدولار و يختل الاستقرار)، و فجأة حدث العكس!
بسبب السياسات النقدية التي اتبعها المركزي ،وكان معظمها نفسي و إعلامي لأن المركزي وبسبب السياسات السابقة فقد معظم أدواته، و لم يبق معه سوى سعر صرف الحوالات فاستطاع أن (يلعبها) صح.
الأمر الجيد في الإجراء الأخير:هو أن المركزي استطاع أن يضرب تلك العلاقات الخفية بين قوى السوق السوداء و شركائها في مكاتب الصرافة و الذي لم يسمح لها بصرف أكثر من 100$ للشخص الواحد في الشهر و من ثم قام المركزي بتخفيض سعر الدولار مقابل الليرة و أطلق تحذيرا توجيهيا للمواطنين بعدم بيع الدولار إذا كانوا متخوفين من انهياره
وتبعا لذلك يقوم المركزي بإجراء عمليات (الموت البطيء) للسوق السوداء و ربما سيقوم لاحقا (بتشليحها) دولاراتها.
هنا كان يجب على وزارات كل من الاقتصاد و التجارة الداخلية و النفط و الكهرباء و المالية التدخل بدور يعكس هذه العملية على الواقع المعيشي، و لكن لم يحدث ذلك (باستثناء محاولات مقبولة لوزارة التجارة الداخلية) أما وزارتي النفط و الاقتصاد لم تساهما في إدارة هذا التحول..
و من هنا لم يشهد المواطن أي تحسن معيشي و لن يشهد ذلك إذا لم تكن هناك سياسات اقتصادية داعمة لهذه العملية.
إضافة تعليق جديد