انتقادات داخلية واسعة لسياسات أردوغان ـأوغلو:نشر الدرع الصاروخي يضمن أمن إسرائيل

08-09-2011

انتقادات داخلية واسعة لسياسات أردوغان ـأوغلو:نشر الدرع الصاروخي يضمن أمن إسرائيل

بخلاف المواقف السابقة من إسرائيل فإن التدابير الأخيرة لحكومة رجب طيب اردوغان ضد تل أبيب تعرضت لحملة انتقادات واسعة من أوساط مختلفة، معتبرة أن أصل المشكلة هو في السياسات الخارجية الخاطئة التي تتبعها حكومة اردوغان تجاه ملفات المنطقة، والتي حوّلت سياسة «تصفير المشكلات» إلى سياسة «تصفير السياسة» كما قال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار أوغلو من دون إهمال الربط بين التدابير التي أعلنها وزير الخارجية احمد داود اوغلو ضد إسرائيل والتغطية على موافقة تركيا على نشر نظام الدرع الصاروخي على أراضيها، في خطوة عدائية ضد إيران وتخدم في الوقت نفسه أمن إسرائيل.
وقال كيليتشدار اوغلو، في مؤتمر صحافي في أنقرة أمس، انه رغم دعم كل الرأي العام العالمي للحق الفلسطيني في غزة فإن تقرير «بالمر» الذي شرّع حصار غزة يعتبر الهزيمة الأكثر ثقلا لتركيا في تاريخ سياستها الخارجية، موضحا انه حتى لو اعتذرت إسرائيل لاحقا فلن يغير هذا الأمر في هذا التقييم.
وتساءل كيليتشدار اوغلو عن الرابط بين إعلان التدابير ضد إسرائيل في اليوم ذاته الذي قالت فيه تركيا نعم للدرع الصاروخي.
وقال إن اردوغان يواصل سياسة المتاجرة بالقضية الفلسطينية لزيادة شعبيته. وسأل عن مغزى زيارة رئيس الحكومة إلى غزة وما الذي ستغيره؟
وسأل كيليتشدار اوغلو «ألم توافق تركيا على لجنة التحقيق وترسل عضوا من قبلها إليها، وتشارك في كل مداولاتها؟ وألم تبلغ النتائج إلى رئيس الحكومة؟». وقال إن مندوب تركيا في اللجنة اوزديم سانبيرك كان يتلقى التعليمات من الحكومة، وهي وليس هو، التي تتحمل نتائج هذا التقرير. واعتبر أن سياسة الحكومة التركية قوّت يد إسرائيل في الساحة الدولية.
وقال إن تركيا وصلت إلى حافة الحرب مع سوريا قبل أسبوع، وبعد أسبوع وصلت إلى حافة الحرب مع إسرائيل. وتساءل أي سياسة خارجية هذه، ومن يحاسب الحكومة على هذه السياسة؟. وقال إن سياسة تركيا الخارجية لا يمكن أن تقوم على معيار غزة فقط، بل هناك ما يخص المصالح التركية. وأضاف إن اردوغان يناقض نفسه حين يقول انه سيقطع العلاقات العسكرية مع إسرائيل، ولكنه في الوقت ذاته ينشر الدرع الصاروخي، الذي من مهامه ضمان أمن إسرائيل. وقال إن سياسة «تصفير المشكلات» من القوقاز إلى سوريا ومن إيران إلى إسرائيل إلى قبرص تحولت إلى سياسة «تصفير السياسة».
وتعرضت سياسة «تصفير المشكلات» هذه لانتقادات أكثر المعلقين اعتدالا وانتهوا إلى أنها أصبحت صفرا. ويقول سامي كوهين في «ميللييت» إن «هذه النظرية بدا كما لو أنها فقدت تأثيرها في الآونة الأخيرة، والصورة لا تبدو ساطعة كما يظن. والدليل هو النظر إلى واقع العلاقات السيئة الآن بين تركيا وكل من أرمينيا وقبرص والعراق وسوريا، وحتى إيران وأخيرا إسرائيل».
ويقول كوهين انه رغم كل الجهود التي بذلتها تركيا فإنها لم تحقق ما رفعته من شعار «تصفير المشكلات»، فالوضع مع أرمينيا معلوم، وردة فعل أذربيجان صفّرت العلاقات بين تركيا وأرمينيا. ومع العراق تعيش تركيا مشكلات حزب العمال الكردستاني، ولا يمكن القول إن العلاقات مع إيران تقع تحت بند «تصفير المشكلات».
ويقول الكاتب إن الجغرافيا التي تقع فيها تركيا تجعل من الصعب أن تخلو علاقاتها من مشكلات هنا وهناك. وأضاف إن «تصفير المشكلات» خيار في السياسة الخارجية التركية، لكن الأسباب التي تحول دونه يجب أن تجعل التوقعات أقل ادعاء والطموحات أكثر واقعية، ويمكن القول إن سياسة تركيا الخارجية كانت مليئة بالتناقضات في الآونة الأخيرة، والأمثلة على ذلك كثيرة:
1- تركيا عملت على تأسيس علاقات وثيقة، ولا سيما على الصعيد الأمني مع إيران، وفي الوقت ذاته وافقت على نشر الدرع الصاروخي على أراضيها وبالطبع هذا أثار غضب طهران.
2- نزول القوات البحرية التركية إلى شرق المتوسط يثير قلق الولايات المتحدة والغرب، ليس فقط من صدام مع إسرائيل بل أيضا مع اليونان وقبرص اليونانية. أيضا أثارت الخطوة التركية ارتياب روسيا.
3- تقوم تركيا الآن بتوثيق علاقاتها مع مصر، واردوغان سيزور القاهرة، لكنه يرغب في زيارة غزة عبر معبر رفح، وهو ما يتعارض مع الحذر المصري من مثل هذه الخطوة، خصوصا أنها تدمر الأنفاق الموصلة بين مصر وغزة كما لا يزال معبر رفح مقفلا.
ويقول كوهين انه حين تريد تركيا لعب دور إقليمي، بل عالمي، فإنها ستواجه حتما خطر أن تكون جزءا من المشكلات الموجودة. ويبدو جيدا أن تكون لتركيا كلمة مسموعة في المحافل الدولية، لكن يجب أن تحسب جيدا كلفة ذلك داخليا وخارجيا والابتعاد عن المسؤوليات الجديدة التي ثمنها سيكون باهظا والتي يمكن أن تخلق مشكلات جديدة.
وأكد سميح ايديز، في الصحيفة ذاتها، أن التدابير التركية ضد إسرائيل غطت على السجال الذي كان يفترض أن يثار حول نشر الدرع الصاروخي في تركيا، ولا سيما في الأوساط الإسلامية التي لها موقف رافض لهذه الخطوة، وهو ما سيضع الحكومة التركية أمام وضع حرج تجاه قاعدتها.
ومع أن أنقرة تقول إنها ترفض تقاسم المعلومات التي سيوفرها نظام الدرع الصاروخي على الأراضي التركية، غير أن الخبراء يقولون إن نظام التشغيل نفسه أقامته الولايات المتحدة في إسرائيل، وهما ينهلان من نفس قاعدة المعطيات، وبالتالي لا يمكن التفكير بفصل أحدهما عن الآخر.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...