الوجه الآخر لحليم بركات
انتبه!... هذا الكاتب قد يخفي كاتباً آخر! حليم بركات الروائي الذي أرّخ بلغة ذاتية وحميمة للنكسات والهزائم ومدن الأحلام المجهضة، هو الوجه الآخر لحليم بركات الأستاذ في جامعة جورجتاون الأميركية، وعالم الاجتماع الذي أمضى جزءاً من عمره الأكاديمي يبحث في انتكاسات المجتمع العربي المعاصر وأمراضه المستشرية وآفاق تقدمه الصعب.
قبل أشهر أصدر حليم بركات (1933) سيرة ذاتية بعنوان “المدينة الملوّنة” (“دار الساقي”)، تستعيد عصوراً ذهبية ولّت، في نص سردي متنوّع التقنيات (كما يمكن أن نقول عن عمل فنّي)، يتقاطع عنده الخاص والعام. وها هو الكاتب يصدر بحثاً جديداً بعنوان “الاغتراب في الثقافة العربية ـــ متاهات الإنسان بين الحلم والواقع” (“مركز دراسات الوحدة العربية”)، يعود فيه الى موضوعه الأثير: الإنسان العربي المحاصر في دائرة همومه اليومية ومعاركه المعيشية، مستسلماً لليأس، مستقيلاً من كل مسؤولياته كمواطن “مبدع” لوجوده.
يعتبر حليم بركات أن هذا الإنسان «مغترب على الصعيد الاجتماعي، لكن عوامل عدة تمنعه من تفهم وضعه، وتخفف من حدة اغترابه على الصعيد النفسي، ما يجعله يختار الانسحاب والرضوخ بدلاً من الثورة». ويواصل نقد منظومة العلاقات التي تربط بين الفرد من جهة، والمؤسسات والأنظمة السياسية والأوضاع الاجتماعية العامّة من جهة أخرى، داعياً الى بناء المجتمع المدني، وخلق سبل “المشاركة في الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية”.
في “المدينة الملوّنة” يروي “نادر الكفروني” كما يسمّي الكاتب نفسه، أنه عاد الى يوميات قديمة فاكتشف كم نسي من أحداث حياته، و”ما توصلنا إليه من قناعات ومعتقدات”. ولعله في بحثه السوسيولوجي الجديد، يكتب أيضاً كي ينتزع بعض الأفكار الطليعية القديمة من التلاشي والنسيان!
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد