الواسطة وشروط العمل المجحفة خياران لدخول السوريين إلى سوق العمل
تتفاقم مشكلة البطالة التي يواجهها الشباب في سوريا بسبب قلة فرص العمل وسقف الكفاءات العالية للتوظيف في القطاع الخاص مقابل شروط عمل يعتبرها البعض مجحفة إلى حد يدفعهم للتوجه إلى القطاع العام.
ووفقاً للمكتب المركزي السوري للإحصاء فإن 81% من الجامعيين كان عليهم أن ينتظروا أربع سنوات بعد تخرجهم للحصول على أول وظيفة، فيما تنخفض هذه النسبة إلى 61% للشباب الذين أنهوا التعليم الثانوي المهني أو اتبعوا تدريبا مهنيا.
وقال الباحث الاقتصادي سمير سعيفان إن "الدولة تمتص نحو 30 أو 40% من 250 ألف متخرج، أما الباقون فيتجهون إلى القطاع الخاص الذي لا يتوسع ولا يمكنه خلق فرص عمل بشكل كاف".
وذكر التقرير الوطني الثالث للأهداف التنموية للألفية في سوريا الصادر عن هيئة تخطيط الدولة أن عدد السكان ارتفع في سوريا بنسبة 50% بين عامي 1991 و 2008، بينما انخفضت نسبة العاملين من إجمالي السكان في سن العمل من 46.6% إلى 44.8% في الفترة نفسها.
أما بالنسبة للعاملين الشباب في الفئة العمرية 15-24 عاما فبعد أن كانت نسبتهم 30.8% من إجمالي العاملين عام 2001 فإنها انخفضت إلى 20.4% في عام 2008، بحسب التقرير.
طوابير الحصول على وظيفة
وكشف أستاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق بلال عرابي أن استبيانا قام به قسم الاجتماع أظهر أن "الهم الأكبر لشريحة واسعة من الشباب هو الحصول على فرصة عمل تؤمن لهم مستقبلهم، لأنهم يعتقدون أن ذلك أضحى صعباً جداً"، مضيفاً "ما ان يجري الإعلان عن اي وظيفة حتى نجد طوابير طويلة من المتقدمين".
وأظهرت نتائج المسح الصحي الأسري 2009-2010 الذي أجراه المكتب المركزي للاحصاء بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية واليونيسف وصندوق الامم المتحدة للسكان على الأسر السورية "ان نسبة العاملين من بين الأفراد البالغين 15 سنة فأكثر هي 42.1%".
وأرجع سعيفان ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الى "النمو السكاني وعدم الملاءمة بين المهارات التي يولدها التعليم ومظاهر التدريب والمؤهلات" التي يطلبها القطاع الخاص، مشيراً الى ان "الجامعات السورية لا تخرج مؤهلات بهذا المستوى".
الواسطة ضرورية
وتقول لمى التي تخرجت حديثا في قسم الاعلام "يكون لدينا الامل عند دخولنا الجامعة بأننا سنجد عملاً عند تخرجنا، ولكن أملنا يخيب عندما نكتشف أن مؤهلاتنا العلمية ليست كافية للحصول على عمل، ثم فإن معظمنا يفتقر إلى الواسطة التي أصبحت ضرورية لإيجاد أي عمل".
كما أوضح سعيفان أن الشباب خاصة العمالة غير المؤهلة يميلون إلى العمل في القطاع العام، "حيث الضمان الاجتماعي والاستقرار الوظيفي وتأمين التقاعد وجهد أقل في العمل نظراً لفائض العمالة".
وأضاف أن "رب العمل في القطاع الخاص يتحكم بالعامل في غياب تضافر وتنظيم عمالي حيث ينحصر عمل اتحاد العمال الذي يعاني من البيروقراطية بشكل كبير في قطاع الدولة".
وأشارت لمى التي تعمل في مجلة خاصة، إلى "أن القطاع الخاص لا يرحم فقد يطلبون منك العمل لمدة 12 ساعة مقابل أجر قليل ومعاملة سيئة".
وأضافت أنه "قد يكون للقطاع العام سلبياته أيضا، إلا أنه يؤمن استقراراً، بينما أغلب الشركات في القطاع الخاص لا تصرح عن موظفيها".
عمل من دون عقود
وتبلغ نسبة الذين يعملون بدون عقد 84% للذكور و42.7% للإناث بحسب مسح مركز الاحصاء المركزي في سوريا.
وقال عرابي إن "ما لفت نظري في نتائج الاستبيان أن الشباب يريدون من الدولة تأمين فرص عمل لهم فهم يبحثون عن الوظائف الحكومية التي يجدون فيها أماناً واستقراراً لا يؤمنه لهم القطاع الخاص".
وأشار إلى أن "هذا الاستبيان يعود إلى عام 2007، الا أن الوضع اليوم مازال على حاله".
وتضاؤل الخيارات المتاحة أمام الشباب الباحثين عن وظائف يؤثر على نظرتهم إلى المستقبل الذي يقول عرابي انه "لا يحمل صورة مشرقة وإيجابية بنظرهم".
وينعكس انحسار فرص العمل على هيكلية المجتمع السوري، حيث اشار الباحث السياسي حسان عباس إلى ارتفاع سن الشباب في سوريا.
وقال "لا استطيع ان أقارن مصطلح الشباب في 2000-2010 مع مصطلح الشباب في 1990"، موضحاً أن "من هم في العشرين اليوم لم يدخلوا بعد معترك الحياة على خلاف ما كنا عليه في التسعينات".
المصدر: أ ف ب
التعليقات
مسابقات تعيين وهمية
إضافة تعليق جديد