الموقف الروسي المتقدم يحرج الغرب ويؤسس الى خطوات لاحقة
مرة جديدة تؤكد موسكو على دعمها الكامل والمطلق لنظام الرئيس بشار الاسد من خلال زيارة رسمية قام بها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الى سوريا، ناقلا رسالة من الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الى الرئيس الاسد. وذلك على الرغم من الضغوط الدولية والاقليمية العربية التي تمارسها المجموعة الدولية على دمشق. ما يشير بوضوح الى ان المجتمع الدولي سيقف عاجزا عن تنفيذ اي عملية عسكرية ضد الحكومة السورية، التي اتخذت بدورها اكثر من قرار يكشف ان النظام مستمر بعملياته الامنية حتى النهاية من دون ان يعير المجتمع الدولي اية اهتمامات.
وفي هذا السياق يعتبر دبلوماسي مخضرم ان موقف موسكو هذا نابع من مصالح استراتيجية لا يمكن لاي مسؤول روسي التغاضي عنها، مهما بلغت المشاورات او الاتصالات ومحاولات الاقناع الغربية. فهي لا تتمتع باي نافذة على الشرق الاوسط وثرواته الطبيعية ومنابع النفط سوى من خلال البوابة السورية، وهذا واقع لا يمكن نكرانه، كما ان روسيا تعتبر ان مجالها الوحيد لسوق السلاح في المنطقة ينبع من سوريا، ما يعني ان نشاط هذا السوق التجاري يرتكز على سوريا التي قد تكون الوحيدة التي تتسلح من خلال روسيا. هذا فضلا عن ان موسكو تسعى منذ سنوات لاقناع النظام السوري بالسماح لها بانشاء قاعدة عسكرية روسية تطل على المتوسط، وفي طرطوس تحديدا. بما يسمح لها بالاشراف المباشر على مجريات الامور في المنطقة، اضافة الى ان مثل هذه الخطوة التي تعتبرها موسكو جبارة تسمح لها بان تتشارك مع الولايات المتحدة في البحث عن حلول مفترضة لازمات المنطقة المعقدة والمتصاعدة.
ويضيف الدبلوماسي ان روسيا ترى ان اللحظة السياسية الحرجة التي تمر بها سوريا هي وقت مناسب لتنفيذ مثل هذا المشروع الذي يمنح دمشق نوعا من الاستقرار الاقتصادي من جهة والكثير من الحماية الدولية، خصوصا ان روسيا تبقى في النهاية واحدة من الدول القادرة على تعطيل القرارات الدولية من خلال حق النقض (الفيتو) الذي يمنحها اياه مجلس الامن الدولي. وهي بالتالي تستفيد من الظرف لمقايضة دعمها السياسي والمعنوي لسوريا بموقف سوري مماثل يعيد موسكو الى ساحة الشرق الاوسط بقوة بعد خروج معظم المنظومة العربية والشرق اوسطية من الكنف الروسي والتحاقها بالركب الاميركي.
وفي موازاة الموقف الروسي برز رد تركي عبر ما صدر عن انقرة حول دعمها للشعب السوري، ورفضها المطلق الوقوف الى جانب النظام . وذلك في مقدمة واضحة تفيد بان تركيا غير راضية عن عودة روسيا الى المنطقة من خلال بوابة دمشق التي تحتاج الى اي خطوة تساعدها على فك عزلتها الدولية. ويعتبر الدبلوماسي ان اشارات عدة تواردت في الايام الاخيرة الماضية تؤكد بان الغرب بات مقتنعا بانه لن يتمكن من اسقاط النظام، خصوصا بعد ان ثبت لديه بان الوقت يعمل لمصلحة النظام الذي تمكن حتى الان من امتصاص الصدمات العنيفة والتعاطي الحاسم معها.
وفي مطلق الاحوال يرى البلوماسي المخضرم عينه ان الخطوة الروسية لم تأت من فراغ، بل انطلاقا من مصالح استراتيجية لابد من مراعاتها مهما كلف الامر، وذلك في ظل ازمات اقتصادية عاصفة تجتاح الولايات المتحدة واوروبا. وهي تمنع اي من هذه الدول من تنفيذ اعمال عسكرية غير مضمونة النتائج.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة
التعليقات
مواقف روسية منسجمة مع مصالح سوريا والاطماع التركية الدائمة
إضافة تعليق جديد