المفاعيل الجديدة في أزمة الملف الإيراني

22-07-2009

المفاعيل الجديدة في أزمة الملف الإيراني

الجمل: بدأت تظهر المزيد من التصدعات وأعراض التفكك في قوام التحالف الدولي الذي سعت إدارة بوش الجمهورية السابقة بالتعاون مع تل أبيب إلى بنائه لمواجهة إيران، وتشير المعطيات إلى أن معالم التفكك ظهرت على خلفية تباين المواقف إزاء السؤال القائل: ما الذي يجب القيام به في المفاوضات مع إيران وما الذي يتوجب القيام به إذا فشلت المفاوضات معها؟
* المفاعيل الجديدة في أزمة الملف الإيراني:
حدثت خلال الأشهر الستة الماضية العديد من الوقائع والأحداث التي أدت إلى حدوث عملية تغيير واسعة في الموازين الدولية إزاء أزمة الملف النووي الإيراني ويمكن الإشارة إلى ذلك ضمن النقاط الآتية:
• صعود إدارة أوباما الديمقراطية المنفتحة لجهة الحوار والتفاوض مع إيران بدلاً عن إدارة بوش الجمهورية الساعية إلى تشديد الضغوط ضدها.
• صعود حكومة تحالف الليكود – إسرائيل بيتنا الإسرائيلية الداعمة لخيار العمل العسكري ضد إيران.
• هزيمة التيار الإصلاحي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية بما أدى إلى القضاء على احتمالات صعود حكومة إيرانية ذات قابلية لتقديم التنازلات في أزمة البرنامج النووي الإيراني.
• صعود قوة روسيا على خلفية نتائج الحرب الروسية – الجورجية بما دفع روسيا إلى تبني موقفها المتشدد لجهة استمرار تعاونها مع إيران وعرقلة جهود العقوبات الدولية المتعددة الأطراف ضدها.
وعلى أساس اعتبارات هذه الوقائع وما ترتب عليها في تغيير الموازين الدولية فقد انعكس إسقاطها على المسرح الدولي بما ترتب عليه:
• تصاعد الخلافات الأمريكية – الإسرائيلية بسبب تشدد إدارة أوباما في مطالبة إسرائيل بالاستمرار في عملية سلام الشرق الأوسط إضافة إلى اعتراض واشنطن على توجهات تل أبيب الساعية إلى دفع واشنطن باتجاه القبول بالخيار العسكري كحل لمواجهة أزمة الملف النووي الإيراني.
• تخفيف واشنطن لجهودها العسكرية في المسرح العراقي وتركيز هذه الجهود على المسرح الأفغاني – الباكستاني.
• سعي واشنطن لتخفيف حدة التوتر ونزع فتيل الحرب الباردة الجديدة المحتملة مع موسكو.
• ظهور عملية استقطاب دولي – إقليمي جديد في القارة الأوروبية بحيث بدت ألمانيا أكثر ميلاً للتعاون مع روسيا في حين بدت فرنسا أكثر ميلاً للتعاون مع واشنطن.
• تزايد وتائر عملية الانقلاب الجيوبوليتيكي التركي وعلى وجه الخصوص من خلال تزايد احتمالات فشل تركيا في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، وقيام حكومة العدالة والتنمية باتخاذ المزيد من الإجراءات الدافعة باتجاه تغيير صيغة توازنات معادلة العلاقات المدنية – العسكرية.
أدت هذه التحولات إلى نشوء مفاعيل جديدة أصبحت تدفع الأطراف الرئيسية إلى إعادة ترسيم خطوط إدراكها الرئيسية إزاء البرنامج النووي الإيراني.
* ما هي المواقف الجديدة؟
بعد بضعة أسابيع من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي أسفرت عن بقاء تيار المحافظين المتشدد في طهران فقد انعقدت قمة مجموعة الثماني في إيطاليا وكان اللافت للنظر أن هذه القمة تطرقت لأزمة الملف النووي الإيراني ولكن على أساس الآتي:
• تجديد الاهتمام العالمي بأمر البرنامج النووي الإيراني.
• التأكيد على إعادة التخمين للجهود التي تم بذلها إزاء هذا البرنامج.
• أن يتم تناول أزمة الملف النووي الإيراني بشكل أكثر وضوحاً في قمة الثمانية القادمة التي ستعقد بمدينة بتسبرغ في أيلول القادم.
إضافة لذلك، فقد برزت على خلفية نتائج قمة الثماني الأخيرة العديد من التصريحات التي عكست وجود الخلافات والتباينات بما هو أكثر من التوافقات والاتفاقات بين أطراف التحالف الدولي الغربي – الإسرائيلي. هذا، ويمكن الإشارة إلى هذه التصريحات على النحو الآتي:
• التصريحات الأمريكية: تحدث الرئيس أوباما في اجتماع قمة الثمانية قائلاً أنه إذا تمكنّا من بدء المناقشات مع إيران حال انتهاء الانتخابات الإيرانية فبإمكاننا أن نصل نهاية هذا العام لمعرفة ما إذا كانت إيران تمضي في الاتجاه الصحيح وما إذا كانت الأطراف المشاركة قد أحرزت أي تقدم ويوجد اعتقاد قوي بوجود جهد قوي لحل لخلافات.
• التصريحات الأوروبية: تحدث الرئيس الفرنسي ساركوزي خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في قمة الثمانية الأخيرة قائلاً لقد قمنا ببذل الجهود لجهة الاتفاق على عدم القيام بتشديد العقوبات بشكل فوري ضد إيران من أجل إتاحة الفرصة لجعل الجميع يقفون بشكل موحد ومن ثم يمكن لهؤلاء الجميع أن يقولوا نعم للعقوبات في قمة بتسبرغ القادمة.
• التصريحات الإسرائيلية: تتميز بالتنوع والتعدد ويمكن الإشارة إلى أبرزها على النحو الآتي:
- عوزي عاراد (مستشار الأمن القومي الإسرائيلي) صرح قائلاً أن إيران لن تستطيع التوصل في القريب العاجل إلى بناء القدرات الحربية النووية وبالتالي ما زال هناك متسع من الوقت أمام المجتمع الدولي لكي يمضي قدماً في تفاهماته ويتوحد لمواجهة أزمة الملف النووي الإيراني.
- الجنرال مائير داغان (رئيس الموساد) تحدث أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع التابعة للكنيست قائلاً أن إيران ستحصل بحلول نهاية العام على قنبلتها النووية الأولى إضافة إلى أن إيران أصبحت لها في الوقت الحالي صواريخ بالستية قادرة على الوصول إلى إسرائيل.
- الجنرال يوسي بايداتز (رئيس قسم البحوث في المخابرات العسكرية الإسرائيلية) تحدث أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست قائلاً أن إيران إذا استمرت بنفس خطواتها الحالية فإنها سيكون لها القدرة على إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب نهاية هذا العام أو مطلع العام القادم وإذا استمروا في نفس الوتيرة فسيحصلون على القنبلة الأولى نهاية عام 2010 أو مطلع 2011 القادم.
- الجنرال ميخائيل هيرتزوف (مدير مكتب وزير الدفاع) تحدث في محاضرة له في معهد واشنطن قائلاً أنه يتوجب أن يكون الحوار والمحادثات مع إيران مبنياً وفق جدول زمني محدد بما يفرض قيداً زمنياً واضحاً بحيث يكون للأطراف المتفاوضة مع إيران وإسرائيل حق اتخاذ الإجراءات اللازمة المتاحة أمامها.
عموماً، تشير التوقعات الأكثر احتمالاً للتحقق بأن قمة الثماني القادمة ستشهد المزيد من التشدد الأمريكي – الأوروبي إزاء البرنامج النووي الإيراني وستكون إسرائيل أكثر تشدداً لجهة ضرورة تفعيل المزيد من الإجراءات المتشددة ضد إيران، أما موقف روسيا فسيكون رافضاً لتشديد الإجراءات العقابية ضد إيران وهناك احتمالات بأن تقلل روسيا من تشددها إزاء دعم إيران وتشير بعض التحليلات إلى أن الموقف الروسي في هذه القمة سيعتمد على مدى مصداقية الإدارة الأمريكية الحالية في التعامل مع موسكو وتنفيذ الاتفاقات الثنائية التي تم التوصل إليها خلال لقاء أوباما ميدفيديف الأخير في موسكو.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...