المعارضة تتقدم نحو طرابلس و«الناتو» يتلاعب بالتفويض الدولي
سيطر مقاتلو المعارضة الليبية، أمس، على قرية جنوبي العاصمة طرابلس فيما اقتربت مجموعة أخرى نحو العاصمة من الشرق في أكبر تقدم منذ أسابيع نحو معقل الرئيس معمر القذافي، فيما فتح حلف شمال الأطلسي «الناتو» المجال أمام عمليات «منفردة» للمشاركين في العملية العسكرية على ليبيا، وليست مقيدة بقرار مجلس الأمن الدولي، لكنه أعلن أنها تقع خارج نطاق عملية الحلف، وذلك في سياق تبريره قيام فرنسا بتزويد الثوار الليبيين بالأسلحة مؤخرا.
في هذا الوقت، أوفد القذافي موفدين إلى رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما لإبلاغه أنه لا يعتزم المشاركة في مفاوضات حول تسوية سلمية للازمة في بلاده. وقالت وزيرة الخارجية الجنوب افريقية مايتي نكوانا - ماشاباني، في مؤتمر صحافي في بريتوريا، «قال انه لا يريد أن يعارض تسوية، وبالتالي فإنه لن يشارك في مفاوضات حول مستقبل ليبيا أو حول مصيره الشخصي». وأضافت «نريد قارة يتمكن فيها الرؤساء السابقون من العيش بطمأنينة في بلدانهم الأم. لا نملك جدولا زمنيا لمغادرته (القذافي)».
وأعلن نائب وزير الخارجية الليبي خالد الكعيم، في مقابلة مع «رويترز» في طرابلس، انه يمكن إيجاد حل للصراع قبل بداية شهر رمضان في أوائل آب. وكرر أن العقبة أمام التوصل إلى حل هي الحملة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، معربا عن أمله في أن يبذل الأصدقاء في الاتحاد الأفريقي كل ما هو ممكن لإقناع الحلف بوقف «عدوانه» ضد الشعب الليبي.
وبعد تبادل كثيف للقصف المدفعي بين الثوار وقوات الرئيس الليبي معمر القذافي في قرية غوالش على بعد حوالى 50 كيلومترا من العاصمة، استولى
الثوار على المنطقة وأسروا عددا من عناصر قوات القذافي. وحلقت طائرات حلف شمال الأطلسي فوق المنطقة لكن من دون أن تشن غارات، وكانت تساعد الثوار من خلال عمليات استطلاع.
ويسعى الثوار خاصة إلى السيطرة على بئر الغنم، وهي معبر استراتيجي يقع على بعد 50 كيلومترا جنوب طرابلس، لكي يتمكنوا من الوصول إلى مشارف العاصمة الليبية. والهدف الثاني لهذا الهجوم هو مدينة غريان حيث تقع حاميات الجيش الليبي التي يعتبرها الثوار ممراً استراتيجياً نحو طرابلس. وأعلن «الأطلسي» انه دمر ست آليات عسكرية منها أربع دبابات لقوات القذافي في غريان.
وقال الثوار إن مقاتلين يتمركزون في مصراتة تقدموا 20 كيلومترا غربا تقريبا نحو طرابلس لكن القوات الحكومية تقصف مواقعهم. وقال مسعفون إن 14 معارضاً ليبياً قتلوا، وأصيب 50، في المعارك التي دارت قرب مصراتة.
وفي بروكسل قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أندرس فوغ راسموسن، في مؤتمر صحافي، إن إيصال فرنسا الأسلحة للثوار الليبيين «لم يحدث في إطار الناتو، وليس جزءا من عملية الناتو»، مضيفا أن الحلف «يتفهم» الخطوة الفرنسية باعتبارها «تهدف لحماية المدنيين وتمكينهم من حماية أنفسهم ضد الهجمات» التي تقوم بها كتائب القذافي. وشدد على أن عملية «الأطلسي» لها غطاء واحد هو تفويض الأمم المتحدة لتطبيق منطقة حظر جوي وحظر تسلّح، وحماية المدنيين وإيجاد ممرات آمنة لمرور المساعدات الإنسانية.
وعن احتمال القيام بعمليات شبيهة بالتي فعلتها فرنسا، قال راسموسن باقتضاب «هذا لا يسبب لنا القلق، لكني أشدد انه لا يأتي ضمن مهمة الناتو».
ويلفت متابعون للعملية في ليبيا، إلى المفارقة المتمثلة في أن حديث راسموسن يعني أن دول الحلف تشارك في العملية العسكرية بصفتين: الأولى كونها جزءاً من عملية الحلف، ما دام تفويض الأمم المتحدة يغطيها، والثانية بصفتها الفردية إذا أرادت القيام بعمليات خارج ذلك التفويض. ويرى المراقبون أن إعلان راسموسن هذا يأتي، من جهة، ليفتح الباب أمام عمليات عسكرية من خارج تفويض الأمم المتحدة، يشدد الحلف على عدم نيته الخوض فيها، ومن أبرزها تسليح الثوار، وليس بعيدا عنها وجود قوات برية على الأرض. ومن جهة أخرى، سيستخدم هذا «التفنيد» للرد على أي انتقاد لعمليات قد تحدث من خارج تفـــويض مجلس الأمن إذا استمر الجمود الحالي.
وكرر وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو خلال لقائه المسؤول عن الشؤون الخارجية في المجلس الوطني الانتقالي المعارض محمود جبريل، في أنقرة، أن بلاده «ترى في المجلس الممثل الشرعي للشعب الليبي. سنواصل تطوير علاقاتنا مع المجلس».
وطالب جبريل، الذي التقى الرئيس التركي عبد الله غول ورئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، المجتمع الدولي بوضع الأموال المجمدة لنظام القذافي في تصرف المعارضة. ووقعت أنقرة والمجلس الوطني الانتقالي اتفاقية تقدم بموجبها قرضاً بقيمة 200 مليون دولار للمعارضة.
إلى ذلك، أعلن قاضي التحقيق الليبي خليفة عيسى خليفة، في مؤتمر صحافي في طرابلس، أن 21 عضواً في المجلس الوطني الانتقالي سيحاكمون «في الأسابيع المقبلة» أمام محكمة خاصة. ومن بين المتهمين رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل و20 عضواً غيره في المجلس.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد