"الله خلقني مضحكا" كوميديا إسلامية في أمريكا
لماذا لا تصنع والت ديزني علاقات مفاتيح يحفر عليها اسم محمد او خليل او علي؟ ما الذي يضطر شابا جنى عليه أبواه وسمياه اسامة الى تغيير اسمه؟ ما الذي قد يدفع راكبا على متن طائرة الى الاتصال بالشرطة مرتعدا من الخوف اذا صادف راكبا آخر يجر لحية طويلة وعمامة اسلامية؟ أسئلة متمردة على واقع أمريكي لم يخل من التمييز مرة تطرحها فرقة "الله خلقني مضحكا".
"التمييز في امريكا مثل كعكة التفاح"، الحلوى الأمريكية الشهيرة، بحسب أزهر عثمان أحد أفراد الفرقة. يقول أزهر ان قصة أمريكا مع التمييز لا تنتهي. تتجدد مع سيرة كل أمريكي أسود أو مسلم.
أزهر ضخم الجثة، أسمر اللون، وكثيف الشعر. يوحي شعر لحيته المتروكة على هواها بهيئة "طالبانية". هيئة يستخدمها للسخرية من الأحكام المسبقة التي يستسهل الناس إطلاقها على ما يقول. "كنت طفلا في امريكا وفي امريكا كل حياتي رأيت التمييز والعنصرية...".
بعد ست سنوات على بدء عروض الكوميديا الأمريكية "الله خلقني مضحكا" عاد أزهر مع رفيقيه محمد عامر وبريتشر موس الى العاصمة الامريكية تمهيدا لتحويل الكوميديا التي حظيت بشهرة عالمية الى فيلم سينمائي.
"انا واثق ان أحدا منكم لم ير أحدا يشبهني يبتسم من قبل". سخرية أزهر من لحيته الطويلة الكثة تضحك الجمع في المسرح الواشنطني الواقع في منطقة تقطنها أكثرية سوداء. "يتطلب الامر بعض الوقت للتعود على الهيئة. لا يستطيع الناس ان يسيطروا على انفسهم. يرونني في الشارع فيهمسون لبعضهم... اسامة... طالبان... صدام... اوباما..." يقول أزهر، الآتي من شيكاغو من عائلة هندية. ولكن ما علاقة باراك اوباما، المرشح الديموقراطي الاسود الوحيد للانتخابات الرئاسية؟
تقول نكتة أزهر ان الاسم الاول لباراك يقع على قافية "العراق"، أما الاسم الثاني لأوباما فهو حسين، اسم عائلة الرئيس العراقي الراحل الذي تسميه واشنطن "الطاغية". وأما اسم عائلة المرشح الرئاسي "فيكاد يكون... اسامة" على اسم زعيم تنظيم القاعدة الذي تلاحقه واشنطن في أربع بقاع الارض. "فكيف يمكن لشخص بهذا الاسم ان يكون مرشحا رئاسيا في الولايات المتحدة؟"
تعلم أزهر العربية في القاهرة. كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر ايلول الدافع له لكتابة نص هذا العرض.
بعربيته المكسرة يقول أزهر "هذا البلد لنا هذا بلدنا والعنصرية والتمييز كانا حتى قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول. تغيرت الامور بعض الشيء لكن التمييز موجود بأشكال مختلفة". ما تغير بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر هو ان التمييز صار يطال الأمريكيين من أصل عربي.
محمد عامر، العضو في فرقة "الله خلقني مضحكا" من أصل فلسطيني هاجر الى الولايات المتحدة عندما كان في التاسعة من عمره. أتى لاجئا من الكويت كما يروي في المسرحية. يقول "أتيت الى اميركا كان عمري تسع سنوات واحساسي كان انه ليس عندي ارض ولا املك حتى جواز سفر. هذه الاشياء انا مقهور منها الآن والكوميديا بالنسبة لي متنفس لأخرج كل هذه الإحباطات".
يتكلم محمد عامر الانكليزية كأمريكي حتى ليصعب على المشاهد ان يكشف اللكنة الخفيفة في لفظه.
بعد ان يسأل الجمهور ان كان أحد من الحاضرين فلسطينيا يروي محمد تجربته في إخبار عائلته عن نيته اتخاذ التمثيل مهنة له. "كانت امي قلقة لكن قلقها الرئيسي كان من السياسة وليس من التمثيل. كانت تقول لي اعمل ما تريد ولكن ابتعد عن السياسة. لا تتحدث عن السياسة. سيعيدوننا الى حيث جئنا. سيطردوننا. وكنت أرد عليها. ماما اننا فلسطينيون. ليس لدينا دولة. الى اين سيعيدوننا؟ تهديدنا بالطرد كتهديد رجل متشرد بطرده الى الشارع..."
يتحول الضحك والمزاح الى علاج من التمييز العنصري إذ تتحول أسباب المعاناة الى مواضيع سخرية من النفس ومن الآخر قد تصل الى حد التجريح إذ ان "الأحمق وحده يتمكن من ان يكون عنصريا. الحق هو اننا كلنا انسان وكلنا بنو آدم" على ما يقول أزهر عثمان.
يبدو للمراقب ان تنوع الجمهور يماهي تنوع الممثلين. فتجد من بين الحضور الاسود والعربي واللابس دشداشة المسلمين. وفي "الله خلقني مضحكا" يجتمع الأسود والهندي والعربي والجامع بينهم كونهم مسلمين متمردين على واقع التمييز.
تبدو النكات السياسية حجر الأساس في المسرحية. يذهب بريتشر موس، الأمريكي الأسود الذي تحول الى الإسلام، الى حد القول "سأشتاق الى صدام حسين! كان يشبه السود كثيرا. هل رأيتموه في المحكمة؟ يوجه له القاضي مائة وسبعة واربعين تهمة فيدير ظهره ويخرج من قاعة المحكمة! لو فعلت، أنا الأمريكي الأسود، ذلك في المحكمة هنا لقتلني طلق ناري!"
تبدي خلود، التي كانت من بين الحضور بعض التحفظ على بعض النكات. تقول انها كانت "سياسية أكثر من اللزوم. ربما أزعجت بعض الناس".
لكن زورينا، السوداء المحجبة، التي كانت من بين عدد من المحجبات في قاعة المسرح. تعتقد ان المزاح "يساعد على تغيير الامزجة وربما الآراء". لكن لدى زورينا حكمتها أيضا. فهي تعتقد ان "الضحك والطعام والموسيقى ثلاث وحدها تجمع الشعوب من كل بقاع الأرض..."
رولا الايوبي
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد