الكاتبة " ليوبوف دوستويفسكايا" إبنة دوستويفسكي
ولدت ليوبوف فيودوروفنا دوستويفسكايا – إبنة دوستويفسكي الثانية – في مدينة دريزدن الألمانية في عام 1869 ، عندما كان والداها مقيمين في هذه المدينة . دوستويفسكي الذي لم يعرف السعادة في حياته الا نادرا ، كان سعيدا بإبنته ويحبها حبا جماً. فقد كتب في 26 ديسمبر 1869 - اي بعد ثلاثة اشهر من ولادة ابنته " ليوبوف " وتعني بالرويبة " الحب " - رسالة الى احدى قريباته جاء فيها : " لا يمكنني ان اعبر لك عن مدى حبي لأبنتي . فهي طفلة في أتم الصحة ، ومرحة ، وسريعة النمو بالأشهر وليس بالسنوات . تغني معي دائما عندما أغني ، وهي ضحوكة وهادئة وغير عنيدة . انها تشبهني الى حد مضحك ، حتى في أدق ملامحها .
عندما كانت ليوبوف في العاشرة من العمر كتبت (11) رسالة الى والدها، لم يتم العثور سوى على اثنتين منها ، مؤرختين في 26 ابريل 1879 .
كانت ليوبوف في الحادية عشرة من عمرها حين توفى والدها ، وكانت مذهولة لمشهد التشييع الحاشد والمهيب لجنازة والدها . فقد أدركت لأول مرة من هي ، ومن تكون ؟ انها إبنة انسان عظيم الشأن . ويزعم البعض من معاصريها في مذكراتهم ، أن الطفلة ليوبوف أصبحت منذ ذلك اليوم متغطرسة . ولكن لا يمكننا الاعتماد على المذكرات الشخصية كوثائق معتمدة ، لأن الكثير منها اكاذيب منمقة تهدف الى كيل المديح على الذات ، ومنبرا لأنتقاد الخصوم .
ليوبوف دوستويفسكايا أصبحت كاتبة قصصية وروائية معروفة الى حد ما بفضل مجموعتها القصصية " الفتيات المريضات " ( 1911 ) ، وروايتيها ، " المهاجرة" ( 1912) ، و" المحامية " ( 1913) .ولكن اعمالها لم تلفت انظار النقاد كثيرا .
لم تكن حياتها سعيدة ، فقد كانت تعاني أيضاً من اضطرابات عصبية ، وسافرت الى الدول الغربية مرارا لتلقي العلاج الطبي . وفي عام 1913 سافرت الى فرنسا وايطاليا للعلاج ولم ترجع الى بلدها ، ولم تتزوج قط ، حتى وفاتها عام 1926 في مدينة " جريس " الأيطالية. وقد أقيم نصب تذكاري لها في هذه المدينة .
اذا كانت اعمالها قبل هجرتها باللغة الروسية ، فإنها بعد هجرتها أخذت تكتب باللغة الفرنسية . ومن أشهر وأهم أعمالها كتابها القيم " أبي فيودور دوستويفسكي " الذي صدر ترجمته الألمانية في ميونيخ عام 1920 نقلاً عن اللغة الفرنسية ، وسرعان ما ترجم الكتاب الى عدد كبير من اللغات الأخرى في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية .
كتاب السيرة الذاتية لليوبوف دوستويفسكايا كتبت بالفرنسية واعيد نشر ترجمتها الروسية مرتين في موسكو نقلا عن الترجمة الالمانية . الأولى في عام 1922 وكانت ترجمة مبتسرة ومشوهة. والثانية عام 1992 وهذه الطبعة الأخيرة وان كانت كاملة ، الا انها لا تخلو من هنّات ونواقص ,واخيرا ظهرت الترجمة الروسية الكاملة للكتاب من الأصل الفرنسي في عام 2017.
الترجمة الجديدة تلقي الاضواء على حياة دوستويفسكي استنادا الى مواد ارشيف العائلة والى اقوال والدتها آنّا دوستويفسكايا . ويتضمن الكتاب فصلا تحت عنوان " ليوبوف فيودوروفنا دوستويفسكايا " ، يحوي مذكرات ورسائل ووثائق عديدة . والكتاب في حوالي (500) صفحة كتب باسلوب سلس وجميل ، مما يدل على موهبة أدبية فطرية وأصيلة . ولكن ينبغي أن لا ننسى ان الكتاب هو بقلم ابنة محبة لوالدها .
جودت هوشيار
إضافة تعليق جديد