العقارات على موعد مع انتعاش كبير بعد قرار السماح للأجانب بتملك العقارات
سنحاول فيمايلي ومن خلال التقرير الأخير للعام الحالي لواقع الأسواق والأسعار أن نلقي الضوء على عام كامل من خلال المستجدات التي طرأت.
فحالة الركود مستمرة على الصعيدين المحلي والعالمي فلم يخرج العالم حتى الآن من نفق الأزمة بشكل كامل رغم كل المستجدات الإيجابية التي طرأت وحدثت خلال العام الحالي إن كان لجهة ارتفاع معدلات النمو أو خلق فرص عمل جديدة وخفض نسبة البطالة ولو بنسب بسيطة.. إلا أن كل ما تحقق من مكاسب يعد هشاً وقابلاً للانتكاس كما وصفه خبراء ومسؤول البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ها هو العالم يودع عاماً ويستعد لاستقبال آخر... والأزمة الاقتصادية العالمية لا تزال تضرب في العديد من دول أوروبا وتضطر الحكومات تحت ضغط مفاعيلها وتداعياتها لخفض الإنفاق على الصحة وعلى الخدمات وعلى التعليم والرعاية الاجتماعية... وهناك العديد من الأسئلة لا تزال تطرح منذ ان بدأت أول فصول الأزمة في الولايات المتحدة أهمها كيف سيكون شكل الاقتصاد العالمي بعد انتهاء كل تداعيات الأزمة...؟ وهل ستظل الدول الكبرى المسيطرة على الاقتصاد العالمي والتي توجه مساره وحركته قادرة بعد انتهاء الأزمة على ممارسة الدور السابق؟ أم أن دولاً جديدة سيتعاظم دورها وتأثيرها الاقتصادي على الصعيد العالمي وبالمقابل سينحسر جزء كبير من تأثير الاقتصادات الكبرى التي عرفها العالم منذ بدايات القرن الماضي...؟ أيضاً هل ستصح توقعات بعض المحللين الذين أكدوا في بداية الأزمة والقائلة إن الأزمة في الأساس أميركية لكن العالم كله سيتضافر لإنقاذ نفسه منها وفي المحصلة فإن كل الجهود تصب في مصلحة الاقتصاد الأميركي الذي سيكون الاقتصاد الأول الذي سيحقق عافيته ويتمكن من الخروج من الأزمة..؟ وفي هذه الحالة فهل أمد الأزمة سيطول في باقي الدول لفترة أكبر من التي عاشها الاقتصاد الأميركي..؟ ترى لو صحت هذه التنبؤات فإن السؤال في هذه الحالة يكون: كم من الوقت تحتاج باقي دول العالم للخروج من الأزمة...؟
المفاعيل
كان عدد الجياع في العالم قبل الأزمة بحدود 800 مليون نسمة أما الآن فزاد عن المليار وبالنسبة للفقر فإن عدد الفقراء في اميركا زاد عن 30 مليون فقير وفي الصين تم تسجيل 130 مليون فقير وفي أوروبا فإن عدد الفقراء يزيد حالياً على 30 مليون فقير أيضاً. رغم أن نظم الرعاية والحماية الاجتماعية في دول اوروبا تعد من أفضل النظم في العالم وهي صمام أمان لمنع تأثر الطبقات ذات الدخل الأقل من الانزلاق إلى مهاوي الفقر... لكن تأثير الأزمة كان أشد وأكبر تأثيراً من كل نظم الحماية.
وفيما يتعلق بالخدمات الأساسية فقد زادت الأزمة عدد الذين لا يحصلون على خدمات الصرف الصحي إلى 650 مليون إنسان كما زاد عدد الذين لا يحصلون على مياه شرب نقية إلى ما يقارب الـ700 مليون نسمة.. ومعظم هؤلاء يعيشون في الدول النامية...
مظلة الحماية الوطنية
كانت الوظيفة الاجتماعية للتشغيل في القطاع العام من أهم العوامل التي منعت حدوث هزات اجتماعية واقتصادية تحت تأثير الأزمة فرغم المصاعب الكبيرة التي عانى منها الاقتصاد الوطني لم يتم تسريح أي عامل من القطاع العام بل على العكس زادت الدولة من إنفاقها الاستثماري وكان معدل خلق فرص العمل سنوياً خلال السنوات الثلاث الأخيرة بحدود 65 ألف وظيفة سنوياً إضافة إلى تشجيع القطاع الخاص على العمل والاستثمار في إنشاء المشروعات الجديدة وخلق فرص العمل كما أن الحكومة أنشأت صندوق الدعم الزراعي للتخفيف من آثار الجفاف والأضرار المناخية الأخرى وكذلك دعم العديد من المنتجات الصناعية ودعم المواد الأساسية إضافة لدعم قطاعي الصحة والتعليم فلم يتم تقليص الدعم في أي مجال وكان آخر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخراً إحداث صندوق المساعدة الاجتماعية إضافة للعديد من الإجراءات والخطط والسياسات التي تصب كلها في النهاية في تخفيف الآثار السلبية للجفاف وكذلك التخفيف من حدة آثار الأزمة العالمية على المزارعين والصناعيين والفئات الفقيرة بل ودعمها.
بداية الخروج
في هذا الإطار يمكن النظر إلى القرار الحكومي الأخير الذي قضى بالسماح بتمليك الأجانب للعقارات وسواها ويعد المراقبون هذا القرار على أنه بداية جيدة وموفقة وربما آثاره الإيجابية خلال الأسابيع القادمة لأن القرار قد يتيح دخول أموال كبيرة إلى سوق العقارات الذي يعاني عموماً من الركود علماً أن عودة الحياة إلى قطاع العقارات تعني ان بدء دورة جديدة لرأس المال المجمد في هذا القطاع والذي هو حالياً عبارة عن هياكل اسمنتية فالمبالغ الموظفة في قطاعات العقارات تقدر بمئات المليارات من الليرات... وهذه المبالغ الكبيرة يتوقع لها أن تتحرك وتدور مع البدء بتطبيق القرار الحكومي الجديد وإذا أضيف إلى هذا القرار قانون التطوير العقاري الذي رسم ملامح بناء تجمعات سكانية جديدة ومعالجة تجمعات السكن العشوائي يمكن القول: إن قطاع العقارات قد تتجاوز حالة الركود خلال الأشهر القادمة...
لا ضرائب جديدة
وفي السياق ذاته يمكن أن نذكر بما قاله السيد الدكتور محمد الحسين وزير المالية خلال الشهر الماضي أنه لن يتم فرض ضرائب جديدة وهذا يعني إدراكاً من الحكومة للوضع الصعب الذي تعيشه بعض الفئات الاجتماعية إضافة لإدراك المصاعب والعثرات التي تواجه بعض القطاعات الاقتصادية. وفي الوقت نفسه يعني أيضاً توفير عوامل الراحة والاطمئنان لكل الفعاليات الاقتصادية وأصحاب رؤوس الأموال لكي يبادروا إلى الشروع بإنشاء مشروعات اقتصادية جديدة.. لكن في هذا الإطار نجد لزاماً علينا أن نشير إلى ضريبة الضميمة التي فرضت على المواد العلفية (ذرة ألف ليرة وشعير 2500 ليرة وصويا ألف ليرة)... وهذه الضريبة خلفت ولاتزال مصاعب اقتصادية كبيرة أمام مربي الدواجن والمواشي المرشحة لمواجهة مصاعب كبيرة إذا استمر الوضع المناخي الحالي على ما هو عليه والمتمثل بقلة الأمطار وبالتالي اضطرار المربين لتغذية قطعان الماشية بالأعلاف المصنعة.. كما أن ضريبة الضميمة زادت تكاليف إنتاج البيض والفروج وأضعفت أو شلت القدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية. وتسببت أحياناً بخسائر مالية كبيرة لمربي الدواجن والفروج.
الغلاء
كان الدعم الحكومي أكبر عامل في مساعدة كل الفئات الاجتماعية وخاصة الأقل دخلاً في مواجهة غلاء السلع والمواد الأساسية، فدعم مادة السكر والرز وتخصيص كميات لكل أسرة شهرياً بأسعار يمكن أن يقال عنها زهيدة إذا ما قورنت بالأسعار المتداولة.. مكّن الفئات الأقل دخلاً على متابعة حياتها بمصاعب أقل.. أما نسب الغلاء التي ذكرناها في الاسبوع الماضي والتي يمكن أن نشير إليها بعجالة فنسبة ارتفاع أسعار بعض المواد كان أقلها 25% خلال عام واحد... ومنها السكر واللحوم والأعلاف ولم يشهد العام الحالي انخفاضاً في سعر أية سلعة.. وهنا يمكن أن نذكر بالدراسة التي أعدها المكتب المركزي للإحصاء والتي أفضت إلى أن متوسط انفاق الأسرة السورية 31 الف ليرة شهرياً وتأسيساً على هذه الدراسة فإن الدعوات النقابية الصادرة عن اتحاد العمال والمطالبة بإعادة النظر بسلم الرواتب والاجور تعد مشروعة .
محمد الرفاعي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد