العرب والأمية الجنسية
تتعاطى المؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام في الغرب عموماً، وفي شكل مستمر مع تقديم مادة الثقافة الجنسية توضيحاً وشرحاً من دون حرج. أما في العالم العربي، فإن طرح هذا الموضوع لا يزال من المحرمات. وإذا حدث وطرحه كاتب أو إعلامي، فإن الأمر قد يصل إلى رفع دعاوى قضائية بحقه. والسؤال يطرحه كثير من الناس، لا سيما الشباب منهم: ما العيب في تدريس مادة الثقافة الجنسية وإدخالها ضمن المنهاج التدريسي؟
قد يشكل هذا الطرح «صدمة للكثيرين في البداية», على حد تعبير نغم جابر (28 عاماً)، «لكننا سنعتاد عليه في شكل تدريجي كما اعتدنا على غيره من الأمور التي نشاهدها حول العلاقات العاطفية في المحطات التلفزيونية الأجنبية». وترى جابر أيضاً ان تدريس الثقافة الجنسية سيولد راحة نفسية للكثيرين على أساس أنه سيخلصهم من المخاوف الناتجة من جهلهم بهذه الثقافة، ومن المعلومات الخاطئة أو المبالغ فيها التي يتلقونها من المحيط الاجتماعي.
وعلى رغم ان الثقافة الجنسية ضرورية للشباب والمراهقين أكثر من غيرهم، كونهم في مرحلة نمو وتغيير جسماني لا يعرفون ماذا يتوقعون منها, فإن تدريس مادة تتناول هذه المسائل في سورية لا يزال شبه غائب في المدارس الإعدادية والثانوية العامة. ويقتصر الاهتمام بها على معلومات سطحية ومختصرة مدرجة ضمن مقرر مادة العلوم للصف الثالث الثانوي العلمي أو البكالوريا العلمية. وهو الأمر الذي يثير استغراب رانيا عليا الطالبة في الصف الثالث الثانوي الأدبي حيث تغيب هذه المادة في شكل كلي. وتستغرب رانيا الاهتمام بتدريس «تضاريس الكرة الأرضية في شكل موسع من دون الاهتمام بتضاريس الجسد وتقلباته» على حد تعبيرها. وتعتبر رانيا أن «ليس المطلوب عرض أفلام جنسية على الطلبة، وإنما تعريفهم بتطورات أجسادهم في سن المراهقة وأفضل السبل للتعامل مع هذه التغيرات في البيئة الاجتماعية المحيطة وكيفية التعامل مع الآخر في مرحلة لاحقة».
أما هذا التعريف فينبغي أن يتم في شكل «مبسط وهادئ بعيداً من التعقيد والضبابية» كما يرى رؤوف ناصر الطالب في الصف الثالث الثانوي العلمي. ويقول رؤوف: «عندما اطلعت على درس الثقافة الجنسية وجدت صعوبة كبيرة في فهم الكثير من الألفاظ الواردة فيه كونها لم تُشرح لي من قبل». وعندما يُسأل المدرس, غالباً ما يكون جوابه «المعارف الجنسية تأتي وحدها» على حد تعبير سارية العلي الطالبة في الصف الأول الثانوي. وحتى لو تجرأ المعلم أو المعلمة على محاولة التفسير، فإنهما لا يستطيعان ذلك بسبب محدودية ثقافتهما الجنسية أيضاً كما تقول سمر أحمد مدرسة مادة علم الأحياء.
وترى سمر أن مع غياب البرامج التثقيفية الخاصة بالحياة الجنسية يستمر الاعتقاد بأن درس الجنس ليس مهماً ولا يتناسب مع مفهوم «الرجولة». ويدلل بعضهم على ذلك بالقول: «إن أجدادنا لم تنقصهم الرجولة مع أنهم لم يدرسوا مادة بعينها تتناول موضوع الجنس»، كما تقول سمر. ومن شأن هذا المنطق اختزال الثقافة الجنسية بالوظيفة الإنجابية وربطها بالذكورة.
ويقول إسماعيل حمد الطالب في قسم التاريخ في جامعة تشرين السورية: «ينطوي هذا المنطق على الاعتقاد بأن مشاركة المرأة في العملية الجنسية عيب وحرام فيما العلاقات الزوجية الناجحة تقوم على التواصل النفسي والجسدي على حد سواء». ويضيف حمد: «هنا يتم نسيان صحة المبدأ القائل بأن التواصل النفسي يأتي قبل التناسل وأن العلاقات العاطفية تنمو وتتطور على ضوء سلوك كل من الشريكين تجاه الآخر».
عفراء محمد
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد