الصحافة الأمريكية اليوم
حظيت لبنان وإيران والصومال باهتمام افتتاحيات الصحف الأميركية اليوم الأحد، فبينما رأت إحداها أن سوريا هي مفتاح الاستقرار في لبنان مؤكدة ضرورة مشاركتها في الحوار، وهكذا رأت ثانية بشأن إيران، ثم دعت ثالثة إلى انتهاز الفرصة في الصومال وإشراك جميع الأطراف لتحقيق الاستقرار.
تحت عنوان «إنقاذ لبنان» خصصت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحيتها للحديث عن الأزمة اللبنانية، وقالت إن التبرع الدولي بـ7.6 مليارات دولار للمساهمة في إعادة إعمار لبنان بعد الهجمات الإسرائيلية المدمرة الصيف الماضي أمر جيد، مشيرة إلى أن الحكومة اللبنانية المنتخبة بقيادة فؤاد السنيورة بحاجة ماسة إلى المساعدة.
وقالت إن الاشتباكات التي وقعت بين الشيعة المؤيدين لحزب الله والسنة الموالين للحكومة تهدد بانهيار ائتلاف السنيورة الهش، محذرة من نشوب حرب أهلية كارثية إذا لم يتم احتواؤها.
ومضت تقول إن المشكلة الجوهرية اللبنانية تكمن في الاعتماد على نظام سياسي جائر عفا عليه الزمن، بحيث يقسم المراكز الأساسية في البلاد بين مجتمعات دينية متنافسة لا يمكن الوثوق بها.
وأضافت أن أكبر أقلية شيعية مسلوبة القوى وهي خاسرة منذ أمد طويل حسب هذا النظام، ما جعلها أكثر تطرفا وألقى بها في أحضان حزب الله.
وبعد أن أشارت إلى أن حزب الله لديه تمثيل سياسي في البرلمان وعصابات سياسية في شوارع بيروت فضلا عن مليشيات مسلحة وصلات قوية مع إيران تمده بالأسلحة وممر آمن توفره سوريا لهذه الأسلحة، رأت الصحيفة أن أي خطة ترمي إلى تحقيق الاستقرار في لبنان يجب أن تواجه هذه الدينامكية للحزب.
وبناء على ذلك -تقول الصحيفة- فإن على إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش أن تتخلى عن مقاومتها العنيدة لفتح أبواب الدبلوماسية مع سوريا وأن تستميلها بعيدا عن حزب الله وإيران.
وانتهت إلى أن مشاركة سوريا قد لا تؤتي أكلها، ولكن تجاهلها كليا سيضمن عدم كفاية الـ7.6 مليارات دولار لتحقيق الاستقرار في لبنان.
أما في الشأن الإيراني فتحدثت واشنطن بوست في افتتاحيتها عن ضرورة استغلال حذر للشروخ في الساحة الإيرانية التي تحدثها ممارسة الضغوط الأميركية على طهران.
وقالت إن خطوات الإدارة الأميركية الأخيرة ضد إيران التي اشتملت على إرسال حاملة طائرات ثانية إلى الخليج العربي واعتقال عملاء إيرانيين في العراق، أقلقت العديد في واشنطن ممن يخشون من شن البيت الأبيض لحرب ثانية، ولكنها أشارت إلى أن النتيجة الإيجابية لتلك الخطوات هي ما أحدثته من إرباك وقلق في صفوف المتنفذين في طهران.
ولفتت الصحيفة النظر إلى أن الأصوات الفاعلة في إيران بدأت تتحدث علنا عن الحاجة إلى المرونة إلى جانب الخشونة في التعامل مع الغرب، مشيرة إلى أن الضغط بدأ يتنامي على الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، كما بدا في الانتخابات الأخيرة والقرارات البرلمانية وافتتاحيات الصحف التي تعكس وجهات نظر آية الله علي خامنئي.
وتابعت الصحيفة أن كل ذلك إلى جانب الإجراءات الأميركية والعقوبات الأممية سيكون له أثر كبير على رجال الدين في إيران، ولكن دراسة كل تلك الضغوط بعناية أمر ضروري، لا سيما أن إيران تمتلك القدرة على تصعيد الأجواء في كل من العراق وغيرها.
وقالت إن المطلوب هو مزيج من الضغط والوسائل المؤدية إلى الاعتدال في طهران، مشيرة إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عرضت لقاء مسؤولين إيرانيين والتفاوض معهم حول أجندة موسعة، ولكن بعد تعليق إيران لبرنامجها النووي، وهو ما ترفضه طهران كليا في الوقت الحالي.
ومضت تقول إن الإدارة الأميركية لا تخدم قضيتها عبر وصفها للنظام الإسلامي في طهران بأنه شبيه بالنظام السوفياتي، وتقسيمها علنا للشرق الأوسط بين موالين ومعارضين لإيران، متجاهلة الاختلافات بين المتطرفين والمعتدلين الذين بدؤوا في الظهور بطهران، كما أن أميركا بذلك تدعو نجاد إلى حشد البلاد على منصة القومية.
وأشارت واشنطن بوست إلى أن أفضل سبيل واعد لتهذيب السياسة الحالية ينطوي على العودة إلى إستراتيجية كانت ناجعة عندما لجأت إليها إدارة بوش عام 2001 وهي مشاركة إيران في منتدى إقليمي، والتخلي عن أسلوب تصنيف الأمور إلى خير وشر في سياستها الخارجية.
أما صحيفة واشنطن تايمز فجاءت افتتاحيتها تحت عنوان "ترسيخ الاستقرار في الصومال" لتتحدث فيها عن وجود فرصة نادرة ومحددة الزمن خلقها التدخل الإثيوبي لخلع المحاكم الإسلامية وما نجم عن ذلك من فوضى، من أجل إنهاء 15 عاما من الصراع القبلي في الصومال.
ولكن الصحيفة حذرت من أن هذه الفرصة ليست متاحة إلى الأبد، لذا فإن القيام بعمل سريع بات ضروريا مع بدء القوات الإثيوبية بسحب بطيء لقواتها.
وأشارت إلى أن وجود القوات الإثيوبية في الصومال ليس حيويا على المدى البعيد، لأن العداء التاريخي بين البلدين ينجب رد فعل قوميا سلبيا سينعكس على الحكومة الفدرالية المؤقتة.
وحذرت الصحيفة من أن انسحاب القوات الإثيوبية دون ملء الفراغ بقوات من الاتحاد الأفريقي ذات قدرة معادلة لها، سيكون وصفة لوضع أكثر سوءا، فوضى متجددة وحرب قبلية تجعل من القرن الأفريقي ملاذا لإرهابيي القاعدة.
وأردفت قائلة إن اتحاد المحاكم الإسلامية وجد أن تعزيز القانون والنظام هو السبيل الأمثل للحصول على الدعم الشعبي على الأقل في بادئ الأمر، لذلك فإن هذه المعادلة نفسها قد تسهم في تأمين الدعم للحكومة الانتقالية والتغلب على السلبيات التي توصف بها.
وانتهت الصحيفة بتوصيتها الحكومة الصومالية المؤقتة بمشاركة الممثلين السياسيين الرئيسيين بمن فيهم قادة القبائل وأمراء الحرب والمعتدلون من المحاكم الإسلامية في العملية السياسية، إذا ما كانت هناك رغبة حقيقية لديها في الحفاظ على شرعيتها وعدم العودة إلى الانقسامات السياسية القائمة على القبلية.
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد