الساعةالأخيرةمن ماضي السيدةحكمت:الحنين للدفء..في اللحظات الأخيرة
بداية رائعة ومتميزة للمسرح السوري مع بداية العام 2009 حيث انتهى منذ أيام العرض المسرحي الجميل (الساعة الأخيرة من ماضي السيدة حكمت) الذي رعته الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية الذي جاء تحية الى روح الفنانة مها الصالح، التي نذرت سنواتها الأخيرة للمسرح عشقاً واخلاصاً ونزفاً حتى الموت، هذا العرض كان من المقرر ان تخرجه مها..)
ولظروفها الصحية اعتذرت عن متابعته اخراجياً واقترحت مها أن يخرج العمل الفنان باسم قهار وهو ا قتراح ذكي ومدروس إذ إن المخرج باسم وان كان فيما مضى مقلٌّ الا أنه يتمتع بقدرات وتقنات وأدوات مسرحية متطورة وذات خصوصية عذبة..، باسم ومنذ اخراجه لنص (العربانة) للشاعر: مظفر النواب..، على مسرح الحمراء منذ كمشة سنوات، الى عرضه الأخير والمهم (تياترو) على مسرح الحمراء..، وصولاً الى هذا العرض على مسرح القباني..، يرسخ باسم قهار بصمته.. ويكرس حضوره المسرحي المتألق.
النص كتبه حكيم مرزوقي، الذي سبق ان شاهدنا له أعمال مسرحية متميزة: (مثل: عيشة، واسماعيل هاملت، وبساط أحمدي، وقلوب، وغيرها.
بالعودة الى هذا العرض الآسر والذي نظل نحن إليه كماضٍ جميل وذكرى مدهشة، نص مشغول بحرفنة وموهبة ومخرج أكثر من موهوب متمكن من أدواته المسرحية وفنانة ذات ماض عريق وخبرة وتجربة على غاية من الأهمية:(ثراء دبسي) الى جانب مواهب قادمة وبقوة: الفنانة:(نوار يوسف ـ خيرية) ـ (والفنان عماد نجار ـ معين)
نحنّ دائماً الى هذا العرض مثلما (تحن حكمت ـ ثراء دبسي ـ ) الى ماضيها وماضي أسرتها العريقة..بين البكاء والجنون والهذيان.. والحنين تستعد ( السيدة حكمت) بكل قدراتها لتقاوم آخر ساعة..، تلك الساعة التي تنهي وتبدد كل شيء..، وكان ماحدث لها مجرد سراب في بيداء بعيدة، أو كابوس.
متقن الصنع..، وهي التي ذابت في عشق فنان تشكيلي من أسرة فقيرة ويعمل أجيراً لدى والدها الثري البيك الفنان الذي كانت ترعاه.. بكثير من العناية والحنان.. وهي التي أكبر منه باثني عشر عاماً.. وحين يكتشف والد حكمت أنه موهوب يعطف عليه فيرسله لدراسة الفن التشكيلي في فرنسا.
بعد عشرين عاماً يعود..، ويجد أنه هائم في حب (حكمت) فيتزوجا رغم فارق السن ويبدي لها الكثير من الحب..) ويحول جسدها الى مساحة شاسعة البياض ليدلق عليها ألوانه وتتحول الى فراشة تحلق عالياً ابتهاجاً بما أبدعه على جسدها من حمى الألوان التي تبعث في روحها واحساسها ويسلب كل مشاعرها.
لكنه ومع مرور الأيام.. يبدأ باستلاب واستيلاء ليس فقط مشاعرها بل املاكها وماتبقى فقط هو جزء من ذاك القصر الشاهد والشهيد على أقصى حالات الحب والحنان ـ حالة انتقام ايديولوجية ـ انتقام الفقير من الغني ليس هكذا فقط بل يرسلها الى مشفى الأمراض النفسية وهي التي لم تفعل له أي شيء سوى أنها أحبته بل هو يذهب الى أبعد من هذا حين يخونها مع جاريتها (خيرية)..، ويدفع بـ (معين) العامل عند عائلتها يدفعه لأن يقول لها بأنها مجنونة وعليها العودة الى: مصح الأمراض النفسية وأن آلات (البلدوزر) تحاصر ماتبقى من القصر لتدمره..، تألقت الفنانة ثراء دبسي في هذا الدور وأبدعت وكأنما هو كتب لها..) باسم قهار المخرج كعادته..، فهو يحب التلوين والتنويع في اطار مايبتكره من سينوغرافيا..تخصه هو ذاته فثمة جدران رمادية مائلة الى الانكسار والقهر..، وكرسي له دلالاته..، واضاءة تحاصرك أينما ذهبت أجاد توظيفها للاحاطة بمقولة العمل..)
مرة يأسرنا داخل ستارته وأخرى نحن خارجها هكذا وأغنية أم كلثوم (رجعوني عينيك.. لأيامي اللي راحوا).
التي وظفت لدلالات الحدث المسرحي ولأبعاد الشخصية المحورية في العرض والتي أضفت مقولات تضاف الى روح العمل.
بطاقة العرض
النص: حكيم مرزوقي
سينوغرافيا واخراج: باسم قهار
الممثلون: ثراء دبسي (حكمت)، نوار يوسف (خيرية) ، عماد نجار (معين) اضاءة وصوت: بسام حميدي، مكياج: آني سركيس
أحمد عساف
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد