الدبلجة من الدراما التركية إلى أفلام هوليوود

12-10-2009

الدبلجة من الدراما التركية إلى أفلام هوليوود

مع التوسّع في سوق العرض والإقبال منقطع النظير على الدبلجة، ولا سيّما الدراما التركيّة التي قُدِّمَتْ بلهجة شاميّة، تنتقل الدبلجة العربيّة إلى مرحلة جديدة، وتوسَّع نطاق اهتمامها لتشمل الأفلام. فقد تابعنا خلال الأسبوعين الماضيين دبلجة فيلمين يأتيان على قائمة الأفلام السينمائيّة العالميّة هما «الإسكندر» و«القلب الشجاع» على قنوات «إم بي سي1 ـ ماكس». من فيلم «الكسندر».
احتفت القناة إعلامياً بعرض هذين الفيلمين بالعربية، ووعدت بالمزيد من الأفلام المدبلجة كما لو أن في الأمر «قفزة» جديدة تصب في مصلحة المشاهد العربي وتعاطيه مع الأفلام السينمائيّة الغربية. اعتمدت الدبلجةُ اللغةَ العربيّة الفصيحة ولم تلذْ باللهجات كما فعلت المسلسلات. هو خيار ذكي في وقت يبدو فيه اعتماد اللهجات مغامرة بالنسبة إلى السينما التي يصعب تأطيرها في لهجة بعينها، خاصّة أنّ بعض اللهجات التابعة للدول العربية تضفي على الأمكنة طابعاً خاصّاً، وأجواء الأفلام، في معظمها، تختلف عن أجواء المدن العربيّة ومجتمعاتها، ما قد يشكّل تنافراً بين الصورة والصوت.
في الإطار نفسه، تماشى اعتماد اللغة الفصحى مع نوعيّة الأفلام التاريخية تحديداً، وهذه خطوة محتسبة. كل هذا لا يلغي معضلة جوهرية تسأل عن الفائدة الحقيقية التي يجنيها المشاهد من دبلجة فيلم يستطيع أن يتابعه وقد ترجم كما كان يحصل عادة؟ هذا عدا أن الاستمرار في دبلجة الأفلام كنهج، يفرض السؤال عن الخيارات التي ستعتمد لاحقاً في صياغة الجمل والإبقاء على الفصحى تحديداً، في حال قرر أحدهم دبلجة فيلم «أكشن هوليوودي»، أو آخر اجتماعي معاصر فيه الأجواء الغربية. ألن يكون عندها صعباً على الدبلجة أن تُبقي روح النص وأجواء الفيلم على حاليهما؟
يبدو أنّ الدبلجة تغازل كسلَ المشاهد العربيّ في المتابعة. بمعنى أنها تقول له إنه لا داعي حتى لقراءة ترجمة في أسفل الشاشة. قد يقول قائل إن الترجمة المكتوبة كانت تحوِّل الانتباه إليها، وتؤدي إلى الانشغال عن تفاصيل أخرى في الفيلم، وبالتالي كان المشاهد يفقد كثيراً من التشويق والمتعة المفترضين بانكبابه على القراءة، ما كان يؤدي أحياناً إلى إعادة المشاهدة أكثر من مرّة، كي لا تفوته لقطة مدروسة بعناية. إلا ان هذه الشريحة تبدو اليوم وبعد سنوات من اعتماد الترجمة المكتوبة في التلفزيون، ضيئلة جداً خصوصاً إذا ما قورنت مع من يستسيغ متابعة فيلم أجنبي «خام»، ناهيك عن شريحة أخرى باتت تستغني حتى عن الترجمة المكتوبة نفسها كونها تتقن لغة الفيلم الأم.
من جهة أخرى، ما يساعد على الالتفات إلى الدبلجة السينمائيّة هو التطوّر في عمليّة صناعتها التي تحولت إلى قطاع مربح بالنسبة إلى الشركات المختصة والمحطات التلفزيونية في آن. وبدا واضحاً ان هذه الصناعة قد تكفلت بالإبقاء على التأثيرات الصوتيّة والموسيقيّة المصاحبة للعمل بلغته الأصليّة، بحيث يدخل الحوار بالعربية وتبقى التأثيرات كلّها على حالها ما لا يضر بحيوية العمل.
لا شكّ في أنّ الدبلجة السينمائيّة تمهّد لمرحلة جديدة من نمو صناعة الدبلجة المضطرد. هي مرحلة تذكرنا أننا للأسف لا نزال متلقين ونطور فقط في طرائق تلقينا. فهل يمكن أن نشهد على دبلجة معاكسة من العربيّة إلى لغات أخرى في القريب العاجل؟ أم أنّ ذلك مشروط بالكثير من السياسات الربحيّة، التي تفضل حالياً ألا «تضيّع» وقتها ومالها على انتاج أفلام أو التنقيب عن أخرى تستحق أن تنقل إلى لغات ثانية لتعرّف عن ابتكارات فنية لأدمغة عربية؟

هيثم حسين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...