الاستثمار الأمريكي – الإسرائيلي لأزمة إقليم التبت

17-03-2008

الاستثمار الأمريكي – الإسرائيلي لأزمة إقليم التبت

الجمل: شهدت الأيام الماضية صعود التوتر في إقليم التبت وتحديداً في مناطق الحدود الصينية – الهندية الذي وصفته أجهزة الإعلام الأمريكية والغربية بأنه محاولة صينية لقمع بوذيي التبت أنصار الزعيم الروحي البوذي الدالاي لاما وذلك كمقدمة لخصوم جمهورية الصين من أجل شن حملة سياسية دولية ضد السلطات الصينية.
* أزمة إقليم التبت: الجذور والأبعاد:
يقع الجزء الأكبر من إقليم التبت ضمن محافظة التبت الواقعة جنوب غربي الصين، والبقية ضمن الجزء الشمالي من جمهورية الهند، وتحديداً من الناحية الشمالية الشرقية المقابلة لخط الحدود الهندية الصينية، وتقع ضمن هذه المنطقة جمهورية نيبال التي شهدت وما زالت تشهد حرباً بين النظام الملكي البوذي وميليشيا الثوار الماويين الماركسيين. وتقول المعلومات التاريخية بأن جيش التحرير الصيني قد استطاع السيطرة على إقليم التبت خلال عامي 1950 – 1951م وتبعاً لذلك، وبعد مفاوضات وتفاهمات دولية وإقليمية كثيرة تم التوقيع رسمياً على ما عرف بـ"اتفاقية السبعة عشر نقطة" التي ترتب عليها إدماج إقليم التبت رسمياً ضمن جمهورية الصين الشعبية.
التوجهات الماوية – الماركسية – اللينينية المتطرفة لم تجد القبول لدى الزعماء البوذيين، وبدأت تظهر الكثير من الصراعات بين البوذيين وعناصر الجيش الأحمر الصيني، وقد اتهم الزعماء البوذيون السلطات الصينية الشيوعية بالمسؤولية عن اختفاء مليون بوذي تبتي. وبحلول عام 1959م تزايدت معارضة البوذيين في إقليم التبت (أو محافظة التبت الصينية) للسلطات الصينية في مدينة تهاشا الصينية التبتية استطاعت المعارضة البوذية القيام بعمل مسلح ترافق مع أنشطة مسلحة أخرى تمت في محافظات خام، أمدو الصينية المجاورة لمحافظة التبت. وفي مطلع شهر آذار 1959م استدعت السلطات الصينية الزعيم الروحي البوذي الدالاي لاما إلى الحضور وكان اللافت للنظر أن السلطات الصينية اشترطت عدم حضور المجموعة المسلحة البوذية المرافقة له، وبحلول يوم 9 آذار 1959م تزايدت الشكوك والتسريبات بأن السلطات الصينية الماوية على وشك الإمساك بالدالاي لاما، وقد أدى تجمع حوالي 300 ألف بوذي حول مقر الدلاي لاما وإصرارهم على منع السلطات الصينية الماوية من إجباره على المغادرة أو إقصائه من زعامة الطائفة البوذية التبتية. وفي يوم 12 آذار 1959م تظاهر البوذيون في شوارع لهاسا مطالبين باستقلال التبت. ولكن قوات الجيش الأحمر الصيني قمعت التمرد بعنف فقد قتل 86 ألفاً من عناصر حرس الدالاي لاما، وشنت السلطات الصينية حملة واسعة من الإعدامات شملت جميع الكهنة والرهبان البوذيين الموجودين في التبت وكل الذين عثرت قوات ودوريات الجيش الأحمر على الأسلحة بحوزتهم أو في بيوتهم كما تم تدمير مقر الدالاي لاما بعد قصفه بحوالي 800 قذيفة مدفعية وبعد ذلك قامت قوات الجيش الأحمر بهدم وتدمير وإزالة جميع المعابد البوذية الموجودة في محافظة التبت.
* تداعيات ما بعد 10 آذار 1959م:
هرب الدالاي لاما إلى إقليم التبت الهندي ومعه آلاف الأتباع ووجد مساعدة ودعم الرئيس الهندي جواهر لال نهرو، الذي منحه وأتباعه حق اللجوء وخصص له قصرين للإقامة وإدارة شؤون أتباعه أحدهما صيفي والآخر شتوي. وأعلن التبتيون عن إقامة حكومة منفى لدولة التبت وطالبوا العالم بالاعتراف بها وبحقهم في الاستقلال عن جمهورية الصين الشعبية. وقد أدى الوجود السياسي والديني البوذي المكثف في الهند إلى تصاعد التوترات بين الحكومة الصينية والحكومة الهندية وقد تزايدت التوترات أكثر فأكثر بين الطرفين بسبب:
• الدعم الهندي للبوذيين في التبت.
• مخاوف الهند من امتداد عدوى الثورة الشيوعية الصينية.
وعلى خلفية الخلافات الحدودية الصينية – الهندية والدعم الهندي للصينيين التبتيين البوذيين اندلعت الحرب بين الصين والهند.
* الاضطرابات الحالية بين التبت الصينية والتبت الهندية:
يحتفل البوذيون يوم 10 آذار من كل عام بالذكرى السنوية لأحداث عام 1959م بين زعيمهم الروحي الدالاي لاما والجيش الأحمر الصيني. وفي يوم 10 آذار الماضي سير البوذيون في التبت العديد من المظاهرات الاحتجاجية بمناسبة الذكرى 49 لما أطلقوا عليه تسمية الانتفاضة التبتية ضد الحكم الشيوعي الصيني. وتقول المعلومات بأن الرهبان البوذيين في التبت قد سيروا المواكب مطالبين السلطات الصينية بالإفراج عن الرهبان الذين سبق أن اعتقلتهم في تشرين أول الماضي عندما كانوا يحتفلون بمناسبة قيام الكونغرس الأمريكي بمنح الميدالية الذهبية لزعيمهم الروحي الدالاي لاما في 27 أيلول عام 2006م. المظاهرات الأخيرة تجاوزت المطالبة بإطلاق سراح الرهبان إلى المطالبة باستقلال التبت وانفصالها عن الصين. وتقول التحليلات أيضاً، أن زيارة بوش السابقة للهند وما ترتب عليها من اتفاقية تعاون نووي هندي – أمريكي، وأيضاً زيارات مسؤولين الإسرائيليين للهند وبرامج التعاون الهندي – الإسرائيلي جميعها تمثل الثمن الذي ستحصل عليه الهند في حال تعاونها مع حركات التمرد الأصولي البوذي التبتي الموجودة في أراضيها بما يؤدي إلى إشعال الحرب والصراع الأهلي في جنوب غرب الصين. وقد تزايدت تحركات الزعيم البوذي الأصولي الدالاي لاما وشملت معظم العواصم الغربية ويطالب الدالاي لاما الولايات المتحدة وحلفائها بضرورة مطالبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بإصدار قرارات بإجراء تحقيق دولي واسع النطاق حول الأحداث الأخيرة، وتستضيف إسرائيل حالياً حوالي 160 من المعارضين البوذيين التبتيين وقد كشفت التسريبات الإسرائيلية بأن البوذيين في التبت الموجودين حالياً في إسرائيل قد وافقوا على عريضة سهلت لهم حكومة إسرائيل أمر تسليمها للمستشارة الألمانية خلال زيارتها لإسرائيل تطالب العريضة السلطات الألمانية بضرورة التحرك في الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لدعم القضية التبتية.
ردت السلطات الصينية بقمع الاحتجاجات بما ترتب عليه سقوط المزيد من الضحايا والاعتقالات وتقول المعلومات بأن عملية نشر واسعة للقوات المسلحة والشرطة الصينية قد تمت في إقليم التبت وعلى الجانب الآخر قامت السلطات الهندية الحالية بقمع الاحتجاجات التبتية، تفادياً للدخول في مواجهة أخرى مع الصين، إضافة إلى التأكيد على تمسك الهند بالاتفاقيات والتفاهمات المبرمة بين نيودلهي وبكين حول الوجود البوذي التبتي الصيني في الهند. أما الولايات المتحدة والعواصم الغربية وإسرائيل فقد عملت على استثمار وتوظيف الاحتجاجات التبتية البوذية عن طريق:
• توجيه الانتقادات للصين حول ملف حقوق الإنسان.
• تبرير تقديم المساعدات والدعم الخارجي للجماعات التبتية البوذية المنضوية تحت راية الدالاي لاما.
والهدف القصير الأجل هو توسيع المقاطعة لدورة الألعاب الأولمبية التي سوف تستضيفها الصين أما الهدف الثاني الطويل الأجل فهو تنظيم حركة تمرد أصولية بوذية تمارس نشاطاتها المسلحة ضد جمهورية الصين وتقول التسريبات أيضاً بأن واشنطن وإسرائيل وبعض العواصم الغربية تتحرك بنشاط من أجل إقناع السلطات الهندية بضرورة إفساح المجال أمام حركة المقاومة التبتية البوذية لكي تستخدم الأراضي الهندية كقواعد لاستهداف غرب الصين وإشعال حروب أهلية في الجزء الجنوبي الغربي الصيني.

 

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...