اشتباكات طرابلس تحاصر المدنيين: ترامب يدعم هجوم حفتر
منذ انطلاق هجوم المشير خليفة حفتر مطلع الشهر الحالي على طرابلس، تتركز الاشتباكات بين قواته والقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في الضواحي الجنوبية للعاصمة. فعلى امتداد أيام الحرب، تداول الطرفان السيطرة على معسكرات ومنشآت استراتيجية، معتمدَين على كثافة القوة النارية، وعمليات الالتفاف والقصف الجوي. لكن، مع توجه الوضع نحو الجمود، دخل معطى جديد، وهو القصف العشوائي على الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية وسط طرابلس والضواحي القريبة، حيث يقطن حوالى مليونين ونصف مليون مواطن.
وعلى رغم أن المساعي الدولية لا تزال تركز على الجوانب الإنسانية، تتواصل تحركات المبعوث الدولي، غسان سلامة، من دون أي تقدم في مواقف اللاعبين الكبار كروسيا والولايات المتحدة وفرنسا وباقي دول الاتحاد الأوروبي. وتوجه سلامة إلى تونس أمس، حيث التقى وزير الخارجية خميس الجهيناوي، بعد تأكيد الأخير، نهاية الأسبوع الماضي، نية بلاده المبادرة بالدعوة إلى اجتماع دول الجوار الليبي في تونس، بعدما اتصل بحفتر وقادة حكومة الوفاق، فضلاً عن تمسكة بعقد «الملتقى الوطني» الذي كان يفترض أن ينعقد الأحد الماضي. لكن يبدو الحديث عن حلول من الخارج مجرد صرخة في وادٍ. فإلى جانب روسيا وفرنسا اللتين تُعطّلان أي قرار يدين هجوم حفتر في مجلس الأمن ومؤسسات الاتحاد الأوروبي والإمارات والسعودية ومصر، انضمت الولايات المتحدة إلى ركب الدول الداعمة لحفتر، بعدما كانت مساندة في العلن لحكومة الوفاق. بدا ذلك في تأكيد الرئيس دونالد ترامب لحفتر، خلال اتصال هاتفي نهاية الأسبوع الماضي، اعترافه بدوره «المهم في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية»، بحسب ما ذكر بيان الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، كما ناقش معه «رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي مستقر وديموقراطي»، ما يشي بأن هجوم حفتر يتلاءم مع رؤية ترامب لمستقبل ليبيا. كما تسربت معلومات، نقلتها وكالة «فرانس برس»، مفادها أن واشنطن أسهمت أيضاً في تعطيل مشروع قرار بريطاني يدين الهجوم على طرابلس.
في الإطار نفسه، كانت حكومة الوفاق قد طلبت فور انتهاء اجتماع جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، أول من أمس، للتباحث في تطورات القضية الفلسطينية، عقد اجتماع ثانٍ لمناقشة التطورات في ليبيا. وقد أيّدها في طلبها كل من تونس والجزائر وقطر. لكن مصر، وفق مصادر «الأخبار»، «قادت جبهة اعتراضية لإجهاض المشروع». وبما أن نظام «الجامعة» ينص على أن نصاب الجلسات يتأمن بحضور الثلثين، أي 14 دولة، لم تتحقق رغبة حكومة الوفاق، بعدما انضمت إلى مصر كلّ من السعودية والإمارات والبحرين وموريتانيا واليمن والأردن وجزر القمر. والحجة كانت أن «الدورة غير العادية مُخصّصة فقط لفلسطين، فضلاً عن أن الوضع في ليبيا هو عبارة عن نزاع داخلي».
وبينما يدفع المجتمع الدولي بالصراع نحو مزيد من التصعيد، جرت جولة جديدة من الادعاءات بتحقيق انتصارات ميدانية من قبل الطرفين أمس. من جهة، أعلن الناطق باسم قوات حفتر، اللواء أحمد المسماري، في مؤتمره الصحافي اليومي، أن جيشه بدأ بتطبيق «النسق الثاني من معركة طرابلس»، الذي ستستخدم فيه المدرعات في الاقتحام والتقدم والتعويل أساساً على المشاة، مع التركيز على السيطرة على المعسكرات الرئيسة والمعروفة. ومن جهة ثانية، أعلن الناطق باسم وزارة داخلية حكومة الوفاق، العقيد مبروك عبد الحفيظ، أن قواته تمكنت من «تحرير المنطقة الممتدة من وادي الربيع إلى منطقة العزيزية بالكامل» (جنوب العاصمة)، مع الإشارة إلى أنه تلا البيان من العزيزية نفسها، حيث قال إن وزارته بدأت باتخاذ «إجراءات التحري وجمع الاستدلال لضمان حقوق المواطنين المتضررين جراء عمليات السرقة والنهب والتخريب»، في اتهام مبطّن لقوات حفتر، كما اتّهمها بـ«زرع خلايا نائمة داخل العاصمة لبثّ الفوضى وزعزعة ثقة المواطن في أداء حكومة الوفاق، وإرسال رسائل إلى الداخل والخارج بعدم توافر الأمن». أما في الجانب الدولي، فقال إن «قطع العلاقات بين وزارتَي الداخلية الليبية والفرنسية رسالة واضحة، (إذ إن) سيادة الدولة الليبية فوق كل المصالح والاعتبارات».
وفي موازاة الصراع العسكري، ثمة تسابق واضح بين الطرفين لكسب الولاءات الاجتماعية. وفي هذا السياق، ردّ رئيس «مجلس أعيان وحكماء ترهونة»، صالح الفاندي، أمس، على دعوة وجّهها إليهم رئيس «المجلس الأعلى للدولة»، خالد المشري، لسحب قواتهم من القتال ضد حكومة الوفاق. وفي حين قال المشري، الخميس الماضي، إنه يتفهّم معاناة المدن الموالية لحفتر في الغرب (ترهونة وغريان)، وتقصير حكومة الوفاق في العناية بالجوانب التنموية فيها، اعتبر الفاندي أن هذا التصريح بمثابة تهديد، وأضاف أن «لنا موقفاً، ونقف مع الحق، وهم يقطعون علينا كل الاحتياجات الأساسية منذ سنة، لمجرد أننا نحاول التهدئة، وبسبب أننا نساند الجيش الوطني».
الأخبار
إضافة تعليق جديد