استهتار رسمي تركي بالقانون الدولي: حسابات خاطئة لأنقرة في سوريا
كشف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي فولكان بوزكير عن استهتار تركيا بمبادئ القانون الدولي، وكيف أن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى جائز إذا كانت الشروط مؤاتية، الأمر الذي طبقته تركيا تجاه الأزمة السورية.
واعترف بوزكير في حوار مع صحيفة «حرييت» انه لولا تركيا لما كانت هناك معارضة في سوريا، فهي التي شكلتها وسلحتها وأدارتها. وقال إن أهم قرار اتخذته تركيا كان في تشكيلها للمعارضة في سوريا، فهي سمحت لها في أن تتحرك على الأراضي التركية، و«إذا كنا نستطيع التحدث اليوم عن معارضة فبفضل الجهود التركية». وأشار بوزكير إلى أن اعتبار ذلك تدخلاً في الشؤون الداخلية لسوريا هو من باب الرومانسية الفلسفية. ولو لم تفعل تركيا ذلك لما كانت لتكون في وضع «المؤسس للعبة»، (في استعارة للعبارة المفضلة لوزير الخارجية أحمد داود أوغلو).
«هذا هو الواقع، هذه هي السياسة الواقعية. إن العقوبات لا تعطي نتيجة. إن عبارة عدم التدخل في الشؤون الداخلية عبارة جميلة، لكن إذا كانت توجد بنية سياسية في مرحلة تحول وكانت الدول الأخرى داخل هذه العملية، فإن تركيا كان لا بد لها أن تكون في رأس هذا الوضع»، بحسب بوزكير. وأضاف إن ذلك يتطلب تغييراً في السياسة التقليدية لتركيا. وهذا ما حصل.
ورأى أنه من حق تركيا أن تقوم بمطاردات ساخنة داخل سوريا حتى لو كان بعمق 50 كيلومتراً لمواجهة أي تهديد ضدها. وقد فعلت ذلك في العراق ولا تحتاج هذه العمليات لا لقرار دولي ولا لقرار من البرلمان التركي. واعتبر بوزكير أن روسيا كانت العامل الأساسي لبقاء الأسد، على أساس أن سوريا هي قاعدتها في المياه الدافئة للمتوسط، وبالتالي على أميركا، بنظر روسيا، أن تعترف بهذه المصالح. وبالنسبة لبوزكير فإن التردد الأميركي أيضاً ساهم جداً في بقاء الأسد في السلطة. وإذ قال إنه من غير الممكن أن يبقى شخص قتل سبعين ألفاً من أبناء شعبه رئيساً للجمهورية، أضاف «إن أحداً في العالم لا يعرف متى سيسقط الأسد».
وفي صحيفة «ميللييت»، كتب المتخصص في الشؤون الخارجية سامي كوهين مقالة بعنوان «ميزان سوريا بنظر تركيا». وقال إنه إذا قمنا بجردة حساب من الزاوية التركية، فإنها (عامان على الأزمة) أبداً ليست برّاقة بل تحكمها المشكلات والتناقضات والقلق.
وينتقد كوهين الحكومة التركية، قائلاً إنه «كان يمكن لتركيا أن تكون جزءاً من الحل، لكن أردوغان فضّل أن يختار التدخل كوسيلة للقيام بدور فعال في الأزمة. فتولى تنظيم المعارضة واحتضن ودعم الجيش السوري الحر». «كانت حسابات تركيا أنها بدعمها للمعارضة بهذه الطريقة سوف تجعل الأسد ينهار، وتدفع نحو وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة لتمارس عبرهم تأثيراً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط»، وفقاً لكوهين.
ويضيف الكاتب «غير أن الحسابات التركية بعد سنتين لم تصح. صحيح أن قوات المعارضة سيطرت على بعض المناطق لكن النظام لم يسقط. واستمر في الصمود بفضل الدعم الروسي والإيراني، ولم تنجح المعارضة في التوحد. وظهرت توازنات جديدة في الداخل: الأكراد باتوا على حدود تركيا الجنوبية وتفاقم النزاع السني العلوي»، موضحاً أن «هذه كلها تطورات مقلقة لتركيا. وما يمكن أن تفعله الآن هو أن تبذل جهوداً على الساحة الدولية، ومع بعض الدول الصديقة لها للبحث عن مخرج. خصوصاً أن هذه الأزمة سببت لأنقرة مواجهة مع روسيا وإيران. وعرفت تركيا مشكلة لاجئين كبيرة كلفتها حتى الآن أكثر من مليار دولار. وحتى لو سقط الأسد فإن مستقبل سوريا غير واضح. والصدامات العرقية والمذهبية تهديد خطير ومحتمل. وفي النتيجة هذه محصلة الأزمة السورية على تركيا بعد سنتين على بدئها ودخولها عامها الثالث».
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد