ازدهار سوق الأزهار في سورية
منذ خمسة عشر عاما وخالد يمتهن زراعة الأزهار في منطقة عرطوز...
إلى جانب بعض أقاربه ، فسنة يحاول استغلال 15 دونما و أخرى يزيد من هذه المساحة لتصل نحو 20 دونما ، وهكذا مع بدء موسم القطف يحمل خالد إنتاجه يوميا و الذي يناهز 10 آلاف زهرة من الزنبق في ذروة الموسم متجها نحو السوق ليبيعها أو بشكل أدق ليعرضها للبيع لدى بعض تجار الجملة ، الذين تكون مهمتهم عرض الإنتاج وبيعه بأسعار السوق مع تقاضي عمولة ...
في هذه الأيام ، و كما يقول خالد ، لا يتعدى ثمن زهرة الزنبق 6 ـ 7 ليرات سورية نتيجة الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل على لبنان ، إنما خلال السنوات السابقة كان إيراد الموسم بنظره جيدا ورابحا أيضا .
التقديرات الأولية للجنة منتجي الأزهار ونباتات الزينة تشير إلى انخفاض شديد في أسعار الأزهار و تدني الطلب عليها ، ولاسيما أن السوق اللبنانية كانت تشكل منفذا مهما لمنتجي الأزهار في تسويق إنتاجهم ، وهو ما يفتح باب النقاش مجددا حول الحاجة لفتح أسواق خارجية وتوقيع عقود تصديرية مع بعض الأسواق الأوروبية ، رغم الخطوات الناجحة الأخيرة التي مثلت اختراقا مهما في واقع زراعة الأزهار ، حيث استطاع أحد المنتجين توقيع عقود تصدير إلى كل من اليونان وهولندا ، علما أن هذا المنتج تمكن منذ عامين من تصدير نحو نصف مليون زهرة إلى بورصة هولندا المشهورة ، وهو يؤكد أن ما تحقق يبقى جهوداً شخصية يجب أن تفعل بإطار عام يتيح لجميع المزارعين تصدير إنتاجهم وتسويقه داخليا وخارجيا ، وهذا لن يتم دون خطة واضحة المعالم لدعم هذه الزراعة.
و يوضح المهندس محمد شبعاني رئيس لجنة منتجي الأزهار ونباتات الزينة أن هناك خطوات كثيرة اتخذت لتنفيذ المشروع «الحلم» بتصدير مئة مليون زهرة والذي تم الإعلان عنه منذ عامين رغم تكلفته المرتفعة والبالغة نحو مئة مليون ليرة سورية ، مع العلم أن الأزهار السورية تصدر إلى أسواق بعض الدول العربية المجاورة ، مشيرا من جانب آخر إلى أنه يمكن استثمار البيوت المحمية المستثمرة في زراعة الخضر، والتي تتجاوز حسب إحصائيات وزارة الزراعة بنحو 87 ألف بيت و تتعرض لخسائر كبيرة جراء الإنتاج الكبير و أزمات التسويق ، لزراعة الأزهار ونباتات الزينة مع العلم أن كل بيت يمكن أن ينتج ما بين 70 ـ 100 ألف زهرة، وبالتالي فكل بيت يمكن أن يؤمن إيرادا يقدر بنحو مليون ليرة على أقل تقدير ، فيما إذا كان سعر الزهرة وسطيا عشر ليرات ، ليكون بذلك حجم الإيرادات المحققة فيما لو تم استثمار 5%من البيوت المزروعة بالخضر «5آلاف بيت فقط» حوالي 5 مليارات ليرة سورية فقط..! لكن هذا الرقم المغري بحاجة إلى إجراءات وتسهيلات عديدة يجب أن تمنح للمنتجين والمصدرين كما ترى لجنة منتجي الأزهار ، كتخفيض أجور النقل بالطائرات للكميات المصدرة وتسريع عمليات التخليص الجمركي و إحداث مكتب خاص لتصدير الأزهار وفتح أسواق خارجية في أوروبا ، مع العلم أن الإنتاج السوري يدخل اليوم إلى العديد من الدول العربية والمجاورة ، علما أن إحصائيات وزارة الزراعة تقول إن عدد بيوت نباتات الزينة المحمية لا تتجاوز 3 ألاف بيت .
و يسوق حالياً الإنتاج السوري من الأزهار ونباتات الزينة عبر ثلاث طرق ، الطريقة الأولى عبر البيع المباشر من المنتج إلى صاحب المحل وهذه الطريقة تستحوذ على 5% من المبيعات ، أما الطريقة الثانية فتتمثل ببيع المنتج إنتاجه إلى تاجر الجملة تماما كما يحدث في سوق الهال وهذه تصل نسبتها إلى 80% و جزء من هذه النسبة يصدر إلى الدول المجاورة ، أما الباقي والذي نسبته نحو 15% يتم من خلال تسويق المنتج إنتاجه إلى الدول المجاورة والأسواق الخارجية ، و يقدر المهندس شبعاني حجم التلف الذي يحدث للأزهار بنحو 40% يأتي من تدني مواصفات الأصناف و ضعف المنتج أحيانا في زراعة الأزهار و من التلف الذي يحدث لدى بائع الجملة ويتحمل المنتج خسارته وهو غالبا ما يكون بسبب الإهمال ، أو لدفع المنتج للبيع بأسعار قليلة خوفا من تلف إنتاجه.
في إحدى محلات البيع بالجملة التي زرناها في دمشق توجد كميات كبيرة من الأزهار ، لدرجة أن أنواعها تتجاوز 20 نوعا، وهذه الكميات جزء منها بانتظار بائعة المحلات و جزء آخر يوضب لتسويقه في المحافظات ..
يقول صاحب المحل إن ما يصل تقديريا إلى محله أسبوعيا يتجاوز مليون زهرة من مختلف الأنواع ، وهو ما يؤكد أن الإنتاج السوري حاليا من الأزهار يقدر بعشرات الملايين ، الأمر الذي يتطلب مساندة حقيقية من الجهات العامة المعنية بزراعة هذا المحصول وتسويقه وتصديره، و ألا يبقى الأمر هكذا منوطا فقط بالمزارع و جهوده الشخصية... فالنجاح يحتاج إلى جهود عامة جماعية من المزارع والحكومة حتى يصبح إنتاج الأزهار أغلى من الذهب و أبقى من النفط ..
زياد غصن
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد