اجتماع دولي طارئ في بيروت لحماية التراث في «حلب الأثرية»
اعتبرت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» إيرينا بوكوفا أن حماية مدينة تدمر الأثرية «قضية تاريخية رئيسة»، وذلك بعد ثلاثة أيام من تحرير الجيش العربي السوري للمدينة من تنظيم داعش الإرهابي، كاشفة عن عقد اجتماع دولي طارئ في بيروت من أجل تنسيق حماية التراث الثقافي في مدينة حلب الأثرية.
وكانت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أعلنت مساء الخميس الماضي استعادة السيطرة على مدينة تدمر والمناطق الحاكمة المحيطة بها بعد سلسلة عمليات عسكرية ناجحة بإسناد جوي مركز من الطيران الحربي السوري والروسي.
وفي بيان لها نشر على موقع المنظمة وفق ما نقلت وكالة «سانا» للأنباء قالت بوكوفا: إن «حماية موقع تدمر الأثري تعتبر قضية تاريخية رئيسة»، مؤكدة أن «هذا التراث يعود لآلاف السنين وله دور مهم في تعزيز وحدة وهوية الشعب السوري، وحمايته جزء لا يتجزأ من حماية الحياة البشرية ومواجهة حالات الطوارئ الإنسانية.. ولهذا فإنه يجب ضمان حمايته وعدم المساس به».
وأضافت بوكوفا: أن «مدينة تدمر عانت الكثير من الدائرة الهمجية لعمليات النهب والتدمير الممنهجة.. ويجب أن تتوقف هذه المعاناة.. ومن هنا فإن اليونيسكو ستبذل قصارى جهدها لتوثيق هذا الدمار حتى لا تنجو هذه الجرائم من العقاب» داعية إلى «ضرورة حماية هذا التراث الحضاري لأن هذا شرط رئيسي ليسود السلام في المنطقة».
واعتبرت بوكوفا أن تدمر واحة في البادية السورية وتحتوي على آثار وأنقاض تاريخية لمدينة عظيمة كانت قديما واحدة من أهم المراكز الثقافية في العالم القديم لأنها عايشت العديد من الحضارات ما يمثل رمزا للانفتاح والتسامح.
وكان موقع مدينة تدمر الأثرية أدرج على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي عام 1980 كما أدرج عام 2013 على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
وتعد عملية تحرير تدمر هي الثانية، إذ سبق للجيش السوري أن تمكن من تحريرها من أيدي داعش في آذار عام 2016 في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق، دعمها الطيران الروسي في ريف حمص، إلا أن «داعش» سيطر عليها مجدداً في منتصف كانون الأول الماضي.
وعمد تنظيم داعش خلال الأشهر الماضية إلى زرع مئات العبوات الناسفة والألغام في الشوارع والساحات والمنازل السكنية إضافة إلى تدمير العديد من الآثار في المدينة الأثرية المدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي كما دمر التنظيم في كانون الثاني الماضي واجهة المسرح الروماني والمصلبة «التترابيلون» المؤلفة من 16 عمودا في الشارع الرئيسي بالمدينة الأثرية.
وأشارت بوكوفا إلى أن «اليونيسكو تعقد حالياً اجتماعاً دوليا طارئاً في بيروت من أجل تنسيق حماية التراث الثقافي في مدينة حلب الأثرية» موضحة أن المنظمة «تؤكد استمرارها في الالتزام الكامل مع مسؤولي الآثار السوريين وجميع شركائها لحماية التراث السوري بأكمله.. ولكن الوضع يتطلب حذرا بالغا وتعاونا دوليا مستمرا على أعلى المستويات خلال العقود القادمة».
وجاء حديث بوكوفا بعد يوم من تأكيد الممثل الخاص للرئاسة الروسية للتعاون الثقافي الدولي ميخائيل شفيدكوي أن عمليات إعادة إعمار مدينة تدمر وترميم آثارها يمكن أن تبدأ بعد نزع الألغام وتفكيك العبوات الناسفة التي زرعها التنظيم قبل فرار عناصره منها مبيناً أنه ينبغي أن يقوم بهذه العمليات الخبراء السوريون قبل غيرهم.
وذكرت «سانا» أن وحدات الهندسة في الجيش العربي السوري تعمل بتقنية عالية ودقة على تمشيط المدينة الأثرية والسكنية وتفكيك العبوات الناسفة والألغام التي زرعها إرهابيو «داعش» قبل فرارهم وذلك لضمان عدم انفجارها ووقوع أي أضرار بشرية أو تدمير المكونات الأثرية.
وأوضح شفيدكوي في تصريح للصحفيين أول أمس في موسكو أن عملية نزع الألغام وتفكيك العبوات الناسفة هي «مسألة أشهر» وقال إن «حماية الأعمال الفنية والثقافة أمر مهم للغاية وإن حماية الناس ليست قضية أقل أهمية»، مشيراً إلى أنه خلال هذه الفترة يمكن إعداد الكوادر العلمية والعملية التي يمكن لها لاحقا القيام بعمليات ترميم الآثار في تدمر.
وشدد شفيدكوي على أن «كل ذلك الإرث في تدمر هو ملك للدولة السورية ولذلك إذا تم التصميم على القيام ببعض الأعمال بما فيها أعمال الترميم والصيانة فإن كل ذلك ينبغي أن يقوم به بطبيعة الحال الخبراء السوريون أولا وقبل غيرهم لأن تدمر بمعالمها التاريخية هي جزء من الثقافة السورية».
وكالات
إضافة تعليق جديد