إغلاق مطاعم في ريف دمشق
مرة اخرى تسجل محافظة ريف دمشق انجازا ملفتا في متابعتها لمجالس المدن والبلديات وهذه المرة ليس لحل مشاكل شبكات مياه الشرب او النقص الكبير في كمية المياه في عدد من مناطق المحافظة ولا لوضع حل لمشكلة تقنين الكهرباء أو اعادة تأهيل وتزفيت الشوارع الرئيسية بين مدن المحافظة ولا لوقف تحكم بعض الناس في اسعار العقارات الجنوبية ولا التقصير في ترحيل القمامة وغير ذلك!!
فما تفعله في هذا المجال جهد مشكور يستحق الاهتمام والاشارة اليه والحديث عنه.
لكنها هذه المرة من خلال مجلس مدينة جرمانا العطشى في الكثير من احيائها,والمختنقة من شدة الزحام والوافدين اليها قدمت نموذجا عن المتابعة غير المسبوقة حيث دهش الناس من منظر مجلس المدينة وفي ساعة متأخرة من الليل مدعمين بالدوريات اللازمة يقومون بجولات تفتيشية على المطاعم والمنشآت الحرفية من مدخل القوس حتى نهاية الشارع الرئيسي يطلبون من اصحابها ومستثمريها قرارات الترخيص الاداري ويقومون بإغلاق وختم العشرات منها الى اجل مفتوح لا ينتهي الا باستكمال اوراق الترخيص.
وكم كانت دهشة الناس عند اكتشافهم ان تلك الدوريات الليلية لم تكن تبحث في تجاوزات الاسعار او مخالفات النظافة والصحة ولا بأهلية ما تقدمه تلك المنشآت من مواد بل اقتصر الامر على طلب الترخيص الاداري وهم يعلمون ان مجلس المدينة وبلدية جرمانا لم تمنحهم متل هذه الاوراق رغم تقدم بعضهم بأوراقه النظامية للحصول على الترخيص وحصول بعضهم على الترخيص الاداري المؤقت لتضيف بلدية جرمانا الى سجلاتها ارقاماً جديدة من الاغلاقات غير المبررة في وقت متأخر من الليل دون اي انذار مسبق سوى حديث قديم عن ضرورة الحصول على هذا الترخيص.
والسؤال هنا :لماذا هذا الاصرار والترخيص اصلا تمنحه البلدية ذاتها ولماذا جرمانا تحديدا حيث المخالفات المشابهة في مختلف المناطق الادارية بريف دمشق,وهل تحل المشكلة بالمزيد من المشاكل خاصةوان الجميع تحت مظلة القانون والتسوية ممكنة في حالة عدد كبير من المحلات المغلقة ولماذا هذا التوقيت تحديداً!!
وعندما تسأل مجلس المدينة لا يأتيك جواب مسؤول بل تلقى الكرة لتنفيذ تعليمات المحافظة وإن لم تصدقوا اسألوا؟!
امام هذا الواقع والفشل بإمكانية التوصل الى حل يمنع اغلاق المطاعم الشعبية في جرمانا كان لابد من توجه الحرفيين الى تنظيمهم النقابي واليه ذهبنا للسؤال عن اخر المستجدات .فقال لنا احمد غازي النجار رئيس جمعية المطاعم والفنادق والمتنزهات في ريف دمشق:الواقع الذي وصلكم هو ذاته بل الصورة اكثر من ذلك بكثير خاصة واننا نجهل تماما مبررات الاغلاق رغم وجود مايؤكد من التعليمات على حق الحرفي باعطاء انذار مسبق له وادهشتنا تصرفات مجلس مدينة جرمانا بقيامها بالاغلاق لهذه المنشآت بعد منتصف الليل وقد زاد عدد المنشآت التي تم إغلاقها عن 20 منشآة حرفية في جرمانا خلال ايام قليلة ليضاف هذا العدد الى اضعاف من المنشآت التي وصلتها يد الاغلاق في ريف دمشق.ورافق ذلك قيام دوريات بانذار عدد اخر من المنشآت باشكال من الترخيص الاداري خلال مدة اقصاها 15 يوما وإلا سيتم اغلاقها ايضا.
علما ان هناك منشآت بالعشرات مضى على اغلاقها عدة اشهر. واستغرب رئيس الجمعية ان يكون الاغلاق ناجماً عن عدم الترخيص في وقت يفترض بالبلديات ان تمنح هذا الترخيص مؤكدا ان عددا من الحرفيين تقدموا للبلدية منذ وقت طويل للحصول على الترخيص الاداري لكنهم لم يحصلوا عليه بعد والاوراق لازالت لدى الجهات الادارية كما ان بعضهم حصل على ترخيص مؤقت ومع ذلك تم اغلاقه وانذاره لعدم استكمال الترخيص الذي تملك البلدية حق منحه.
وقال النجار: ان الذي يجب ان يعاقب هو من قصر بمنح الترخيص وليس الحرفي الذي يطالب بمظلة ادارية تحميه.
كما ان العشرات من طلبات الترخيص الاداري التي تقدم بها اصحابهارفض تسجيلها في البلدية دون ذكر الاسباب علما ان معظم هذه المنشآت تدفع رسم الخدمات للبلدية بانتظام ويذكر في الايصال اسم المنشأة واسم مالكها والعمل الذي يمارسه وهنا نلاحظ ان الوحدات الادارية تعترف بوجود المنشأة عند قبض المبالغ وترفض وجودها وتلاحقها بالاغلاق احيانا اخرى. كذلك الزمن الممنوح للحصول على الترخيص الاداري والطلبات المرافقة على مافيه من تعقيدات وروتين لا يكفي على الاطلاق لانجاز ما يطلب من الحرفي والمبالغ التي يدفعها للتسويق ترهق كاهله.
فماذا يفعلون ولماذا تركهم لحالة القلق التي تهدد عائلاتهم ومصادر رزقهم واضاف رئيس جمعية المطاعم:
ان ما نخشاه ان يكون الامر تغطية لممارسات لا نفهمها وزيادة عدد العاطلين عن العمل,لان هذه المنشآت توفر الاف فرص العمل المحققة واغلاقها بهذا الشكل وعدم تسوية اوضاعها نظاميا يدفع الناس الى البطالة والصراخ فهل هكذا تنفذ السياسات الاقتصادية.
حاولت الاتصال بمجلس بلدية جرمانا...لكن دون جدوى ولم أتلق جوابا سوى:راجعوا المحافظة والمديرية القانونية فخاطبت الاخيرة ليأتي الجواب:الموضوع معقد وهناك كتب صادرة للبلديات لاغلاق المخالفين.
ولاندري الى متى تستمر لعبة شد الحبل وعض الاصابع في وقت نبحث فيه عن اليات لتنظيم العمل بصورة لا تستفز الاخرين لان الجميع تحت سقف القانون بالنهاية. تلك صورة تستدعي الحديث عن جوانبها الاقتصادية والاجتماعية وتفتح الباب امام اسئلة عن مخالفات صريحة في مناطق مختلفة من ريف دمشق لاتطالها تعليمات الاغلاق فهل نفهم من ذلك شيئا ام ان مجالس المدن لا تتعامل بالطريقة التي تتعامل بها بلدية جرمانا مع التعليمات الصادرة عن المحافظة...
ويذكر ان موجة الاغلاق لم تستهدف فقط المطاعم التي لا تملك تراخيص نهائية. لكنها شملت المطاعم المرخصة ايضا فأول أمس وبعد الثانية والربع من منتصف الليل أغلق مجلس مدينة جرمانا مطاعم في حي الروضة على ما فيها من مواد غذائية قابلة للتلف وتم إخراج الزبائن والحجة هذه المرة تجاوز الوقت المحدد للعمل بربع ساعة. فهل من علاج ؟
بشار الحجلي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد