إسرائيل و«التدهـور» على ثـلاث جبـهات

14-03-2008

إسرائيل و«التدهـور» على ثـلاث جبـهات

أعادت الاغتيالات الإسرائيلية في الضفة الغربية الصواريخ من غزة إلى سديروت وعسقلان، وأنهت الحديث عن «التهدئة». ولكن انتهاء الحديث عن التهدئة، وإن ارتدى طابعا مؤقتا، يختلف هذه المرة عن سابقاتها لارتباطه بحديث متزايد عن توترات بل حروب على أكثر من جبهة. فإسرائيل بانتظار رد «حزب الله» على اغتيال الشهيد عماد مغنية، والخلافات داخل الولايات المتحدة حول الحرب مع إيران طفت مؤخرا على السطح.
وقد أشار المراسل العسكري لصحيفة «معاريف» عمير رابابورات إلى أن الاغتيالات في بيت لحم فاقمت التوتر فورا مع قطاع غزة، ولكن في نظره «هذا ليس كل شيء: إذ تصل تقارير إلى المؤسسة الأمنية عن تطورات مقلقة للغاية على جبهات أخرى ايضا. الإخطارات الاكثر اشتعالا هي عملية ثأر كبيرة يخطط لها حزب الله في ذكرى الأربعين لاغتيال عماد مغنية، ولكن في إيران ايضا تطرأ في هذه الايام تطورات مقلقة».
وعمد المراسل العسكري للصحيفة إلى تلخيص معارك إسرائيل على مختلف الجبهات هذه، حيث اعتبر أن المعركة على الجبهة الفلسطينية هي على تحديد قواعد اللعبة. وفي نظره فإن تحفظات وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك على الأحاديث حول اتفاق وشيك لوقف النار، لها معنى. وأكد أن «إسرائيل وافقت بالفعل على اعطاء حماس فرصة لوقف نار القسام والغراد وقفا تاما في غضون ثلاثين يوما»، مشيراً إلى أنّ حماس تطالب في المقابل بالسيطرة على المعابر داخل قطاع غزة.
ولكن الأمور في نظره تدور على محور آخر، إذ أن التفاهم على التهدئة «هش للغاية منذ البداية. فالمعركة الحقيقية تدور على قواعد اللعبة بين إسرائيل وحماس. حماس انتصرت ظاهرا عندما أجبرت الجيش الاسرائيلي على أن يوقف في اطار الاتفاق عملياته داخل اراضي القطاع مثلما كانت تطالب على مدى شهور، وذلك في مقابل وقف نار الصواريخ من جانبها. ولكن رئيس وزراء حماس إسماعيل هنية طرح أمس مطلبا آخر: أن توقف إسرائيل نشاطاتها ضد المطلوبين في الضفة أيضا».
ولاحظ المراسل العسكري لـ«معاريف» أن هنية «سرعان ما تلقى الجواب وبشكل مصمم: العمليات أمس في بيت لحم وقرية صيدا جاءت لتجسد انه من ناحية اسرائيل لا ينطبق أي تفاهم، قائم أو غير قائم بشكل رسمي، على أي حال في يهودا والسامرة».
أما على صعيد جبهة «حزب الله»، فأشار رابابورات إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تستبعد «احتمال أن تكون العملية في مركاز هراف وعمليات اخرى قد تصدر من الضفة ترتبط بـ(خلايا غافية) أقامتها في المناطق الوحدة 1800 لحزب الله، المسؤولة عن تفعيل الارهاب الفلسطيني. وقد تكون صدرت تعليمات بإيقاظ هذه الخلايا على سبيل الثأر لاغتيال عماد مغنية. وسواء صح ذلك أم لا، فإن صورة الوضع الامني تبين ان الساحة حيال حزب الله هي الاكثر اشتعالا هذه الايام، ولا سيما بسبب حقيقة أنه بعد ثمانية ايام ستحل ذكرى الاربعين لوفاة مغنية».
وشدد رابابورات على ثقة إسرائيل بأن «حزب الله، بمساعدة إيران، يبذل جهودا عليا لتنفيذ عمليات نوعية ضد أهداف اسرائيلية في إسرائيل وفي خارجها. عملية أليمة من شأنها ان تجر رد فعل عنيفا من جانب اسرائيل سرعان ما تتدهور الى حرب اخرى مع حزب الله. هذا السيناريو لا بد من أن تأخذه المؤسسة الأمنية بالحسبان».
تجدر الإشارة إلى أن التلفزيون الإسرائيلي أشار، أمس الأول، إلى أن إسرائيل هددت «حزب الله» بأنها لن تتردد في شن حرب إذا أقدم على عملية ثأرية كبيرة ضد أهداف إسرائيلية.
أما الخطر الثالث الذي أشار إليه المراسل العسكري لـ«معاريف» فهو الخطر الإيراني. وقال إن القلق في إسرائيل يتعاظم من «تطوير قدرات إيرانية غير تقليدية يمكن تركيبها على صاروخ جوال يمكن أن يهاجم كل نقطة في اسرائيل. الخوف من هذا التهديد كبير على نحو خاص لان وسائل الدفاع التي طورت في اسرائيل حتى الآن ضد صواريخ أرض ـ أرض من نوع شهاب، فصواريخ حيتس التي تسقط كل صاروخ معادٍ على ارتفاع عشرات الكيلومترات، ليست ناجعة ضد صاروخ يتجول نحو إسرائيل على ارتفاع منخفض».
وأوضح أن التخوف هو من احتمال أن يتمكن الايرانيون من تطوير قدرة هجومية على اسرائيل بواسطة صاروخ يقوم على أساس التكنولوجيا القائمة في الصواريخ الجوالة التي اشتروها قبل بضع سنوات من أوكرانيا.
ويدور الحديث عن صواريخ «أي أس 15» القادرة على الوصول حتى مدى نحو 3 آلاف كيلومتر (اكثر من ضعف المسافة بين اسرائيل وإيران) بل حمل رأس متفجر نووي. وقد أبلغ الاوكرانيون قبل بضع سنوات بأنهم باعوا إيران 12 صاروخا من هذا النوع، وفي جهاز الامن يتعاظم التقدير بأن الايرانيين لا يعتزمون استخدام الصواريخ بأنفسهم بل بتطوير صيغة حديثة من الصواريخ الجوالة من انتاجهم على اساس تلك التكنولوجيا، مع قنابل نووية حين يصلون بالفعل الى مثل هذه القدرة.
وفي هذا المجال أشار المعلق آري شافيت في «هآرتس» تحت عنوان «تقييم استخباري بديل» إلى أن «مساعي إسرائيل لكبح المشروع النووي الايراني بصورة راقية ذهبت هباء. وأن احتمال نجاح الضغط السياسي ـ الاقتصادي في وقف اجهزة الطرد المركزي الشيعية معدومة، كما أن احتمال قيام الولايات المتحدة بمهاجمة ايران ـ متدنية».
ولاحظ أن «سوريا معزولة إلا انها تعزز قدراتها. وحزب الله زاد من قوته بدرجة كبيرة. يجب اعتبار الهدوء على الجبهة الشمالية وهمياً ومضللاً. هو نابع قبل كل شيء من العقدة التاريخية اللبنانية الداخلية. ولكن التعاون بين (الرئيس السوري) بشار الأسد و(الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله قوي. كلاهما غاضب من حوادث الإهانة التي مرا بها في أيلول 2007 (المنشأة السورية في شرق سوريا) وفي شباط 2008 (استشهاد مغنية). وإن لم تخرج اسرائيل بمبادرة سياسية فورية مع سوريا قد يتمخض الغضب المشترك عن حدث شمالي مهم يصعب تقدير حجمه وتوقيته وآثاره الدقيقة».
ولاحظ شافيت أن الصراع مع حماس استنزافي وأن المفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن تحل الصراع، وأن الأنظمة العربية المعتدلة تخشى الإسلام الراديكالي وأن شرعيتها هشة مما ينبئ بتغييرات دراماتيكية ليست في مصلحة إسرائيل.
وخلص إلى أن «الجيش الإسرائيلي يفعل كل ما في وسعه حقا للتدرب والاستعداد والردع، إلا انه لا يستطيع الدفاع عن إسرائيل برئاسة أولمرت من نفسها. نتمنى للجميع ربيعاً جميلا وسنة طيبة».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...