أطراف الصراع الإيراني – الإيراني ومحفزاته

18-06-2009

أطراف الصراع الإيراني – الإيراني ومحفزاته

الجمل: على مدى الثلاثين عاماً التي أعقبت اندلاع الثورة الإسلامية في إيران والإطاحة بنظام الشاه، ظلت الساحة السياسية الإيرانية تشهد تداولاً سلساً للسلطة بين القوى السياسية المندرجة ضمن ثوابت نظام الثورة الإسلامية الإيرانية، ولكن بدا الأمر مختلفاً عقب تصاعد الخلافات وأعمال العنف السياسي التي برزت بفعل عدم التوافق حول نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية: ما هي محفزات الصراع السياسي الإيراني- الإيراني؟ وهل يتعلق الأمر بمجرد نتائج الانتخابات أم يتعدى ذلك إلى عمق الوعي الاجتماعي السياسي الإيراني؟ وهل من أطراف خارجية تزكي نار الصراع أم أن جذور والأزمة هي إيرانية بحتة؟
* أطراف الصراع الإيراني:
برغم تعدد مراكز صنع واتخاذ القرار الإيراني فإن الصراع الحالي وإن كان يدور ضمن الإطار المؤسسي السياسي الإيراني فإن هناك الكثير من الشكوك المتعلقة باحتمالات أن تكون جذور العنف السياسي الإيراني الحالي أكثر ارتباطاً بما يجري وراء الحدود الإيرانية من استهداف لإيران وتحالفات إقليمية ودولية تسعى لإعاقة إيران عن بناء قدراتها النووية التي ستتيح لإيران بلا شك التحول إلى مصاف الدول الإقليمية الكبرى.
على خلفية نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية وإعلان فوز مرشح المحافظين أحمدي نجاد وهزيمة مرشح الإصلاحيين مير موسوي، بدا واضحاً أن تيار الإصلاحيين قد عقد العزم على تصعيد المواجهة مع المحافظين.
لجهة التعريف بطرفي "الصراع" السياسي الحالي في إيران نشير إلى الآتي:
• أحمدي نجاد: يعتبر الزعيم المعلن لتيار المحافظين، وقد لمع نجمه خلال فترة توليه منصب عمدة طهران وظل طوال فترة نشاطه أكثر ارتباطاً بقوات الحرس الثوري الإيراني (الباسدران) وبالدوائر الإسلامية الأصولية الشيعية ذات الارتباطات المرجعية المباشرة. كان من أبرز منتقدي ومعارضي نظام الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي وفي عام 2003 نجح في تشكيل كتلة سياسية حملت اسم «تحالف بناة إيران الإسلامية» الذي ضم رموز القوى السياسية المذهبية الدينية المحافظة الإيرانية واستطاع هذا التحالف الانطلاق بسرعة مكتسحاً انتخابات المجلس الإيراني (2004) وانتخابات مجالس المدن والقرى الإيرانية والتي انعقدت في العام 2003 وحالياً يتمتع نجاد بالدعم القوي والمساندة المطلقة من الحرس الثوري الإيراني.
• المرشح مير موسوي: يعتبر من كبار الزعماء الإصلاحيين الملتفين حول الرئيس السابق خاتمي وسبق أن تولى منصب رئيس الوزراء طوال الفترة من 1981 حتى 1989 حين ألغي منصب رئيس الوزراء بعد تعديل الدستور، وحالياً يعمل رئيساً لأكاديمية الآداب الإيرانية، كما تجدر الإشارة إلى أنه سبق أن تولى منصب وزير الخارجية قبل أن يصعد إلى منصب رئيس الوزراء. يتمتع موسوي بعضوية مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يقوم بمهام حل الخلافات بين البرلمان ومجلس حراس الثورة وإضافة لذلك يتمتع مير موسوي حالياً بعضوية المجلس الأعلى للثورة الثقافية وما هو جدير بالملاحظة أن جميع هذه المناصب يتم تعيينها بواسطة المرجعية العليا للثورة الإسلامية.
عند القيام بالتحليل المقارن لخلفيات وكاريزميات فريقي الصراع نلاحظ أن كل منهما ملتزمان بالعمل ضمن إطار نظام الثورة الإسلامية وتحت سقف سلطة ولاية الفقيه والمرجعية العليا، ولكن حالة الانقسام السياسي الحالية تنطوي على أبعاد أخرى يمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
• انقسام داخل معسكر الثورة الإسلامية بين قوى محافظة وأخرى إصلاحية.
• انقسام بين أنصار للثورة الإسلامية ومعارضين لها.
تقول المعلومات أن المعارضين لنظام الثورة وجدوا في دعم المرشح الإصلاحي موسوي وسيلة للتقدم خطوة باتجاه التغيير من الداخل طالما أن وجود نظام سياسي بزعامة موسوي سيتيح المزيد من حرية الحركة والتعبير والحرية السياسية إضافة لتخفيف القيود المذهبية كما وتخفيف قبضة الحرس الثوري الإيراني الحديدية.
أصبح معسكر موسوي يضم أنصار موسوي الحقيقيين داخل نظام الثورة الإسلامية إضافة إلى القوى السياسية المعارضة للنظام والتي تعمل سراً.
* محفزات الصراع بين المحافظين والإصلاحيين:
عندما ظهر نظام الثورة الإسلامية في إيران لم يكن هناك محافظون ولا إصلاحيون وإنما كان الجميع موحداً تحت راية روح الله الخميني، ولكن بعد وفاته بدأت الخلافات تدب داخل النظام التي كانت الحرب العراقية – الإيرانية الطويلة قد خففت من حدتها حيث كان الجميع موحدين إزاء الخطر الخارجي.
بعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية واستتباب الأوضاع بدأت الساحة السياسية الإيرانية تشهد حراكاً سياسياً ومذهبياً لعدة أسباب يمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
• أسباب داخلية: تتمثل في توجهات القوى السياسية الإيرانية المطالبة بإجراء التعديلات التي تتيح توسيع المشاركة واحترام حقوق الأقليات والإصلاح الاقتصادي.
• أسباب خارجية: تمثلت في التحولات الدولية والإقليمية التي شهدتها مناطق آسيا الوسطى والقوقاز وظهور "العولمة" على النحو الذي أغرى الشباب الإيراني باعتماد التوجهات العلمانية بما يتيح إدماج إيران أكثر فأكثر في العولمة.
ألقت ضغوط الأسباب الخارجية والداخلية بتداعياتها على النخبة الإيرانية المسيطرة وبالفعل أصبحت المؤسسة الدينية والسياسية الإيرانية أكثر تفككاً ودارت العديد من الخلافات والمساجلات بين زعمائها.
وصلت الخلافات إلى قيام محمد خاتمي بتشكيل تكتل تحالفي جمع بين بعض القوى السياسية ضمن برنامج سياسي انتخابي تضمن الآتي:
• إجراء المزيد من الإصلاحات السياسية في نظام الثورة الإسلامية.
• توسيع هامش الحريات الديمقراطية المتاح.
خلال فترة ولاية أحمدي نجاد وسيطرة المحافظين وعلى وجه الخصوص الحرس الثوري الإيراني على مقاليد الأمور تزايدت معارضة الإصلاحيين وسعوا إلى توجيه الانتقادات التي ركزت على كشف جوانب ضعف الأداء السياسي والاقتصادي لسلطة المحافظين ووجدت انتقادات المحافظين المحفزات على خلفية ضغوط العقوبات والتهديدات الأمريكية.
برغم احتمالات المصالحة والتهدئة بين طرفي الصراع فمن الواضح أن تيار الإصلاحيين سيتعرض لأزمة داخلية عميقة إذا سعت زعامة التيار إلى خيار المصالحة والتسوية مع المحافظين الذين لن يقبلوا بأقل من موافقة الإصلاحيين على الثوابت الأصولية الشيعية وهي التي يسعى الإصلاحيون إلى المناورة والالتفاف عليها عن طريق استخدامها وتوظيفها على أساس المعطيات السياسية البراجماتية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...